شهدت جنازة أحد الرهائن الإسرائيليين، يوم الخميس، مشهدًا غير معتاد عندما تعرض وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين لهتافات غاضبة ومطالبات بمغادرة المكان، في دلالة جديدة على تآكل الثقة بين الشارع الإسرائيلي والحكومة بشأن إدارة ملف الرهائن لدى حركة حماس.
وقال الناشط الإسرائيلي ألون ميشالي، المعروف بدعمه لعائلات الرهائن ومعارضته الشديدة لسياسات الحكومة: "اخرج من هنا!" موجهاً حديثه للوزير ليفين، ما قابله تصفيق ومساندة من عدد من المشيعين الذين اعتبروا حضوره محاولة لاستغلال المناسبة سياسياً.
ووفق صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فإن ميشالي وثّق المشهد في بث مباشر عبر صفحته على "فيسبوك"، معلقاً: "كيف يجرؤون على الظهور في جنازة عنبار حاييمان؟"، في إشارة إلى استياء واسع من مشاركة وزراء من حزب الليكود الحاكم في جنازات ضحايا سياسات يتهمهم المحتجون بأنهم مسؤولون عنها.
عامان من الاحتجاجات ومسيرات الغضب
منذ اندلاع الحرب في غزة واحتجاز عشرات الإسرائيليين كرهائن، خاضت عائلات المحتجزين مسيرة طويلة ومؤلمة، امتدت على مدار عامين تقريباً، في محاولة للضغط على حكومة بنيامين نتنياهو لإبرام صفقة تبادل تضمن عودة أحبائهم.
وشهدت تل أبيب ومدن أخرى عشرات المسيرات والاعتصامات التي نظمها أقارب الرهائن، ورفعوا خلالها صور ذويهم وأسماءهم، مرددين شعارات من قبيل "أعيدوهم إلى بيوتهم الآن!" و*"الحكومة خانت أبناءها!"*.
وفي أكثر من مناسبة، اقتحم ذوو الرهائن جلسات للكنيست ووقفوا أمام منازل الوزراء، مطالبين بوقف العمليات العسكرية التي – بحسبهم – تهدد حياة الرهائن المحتجزين في غزة.
مفاوضات شاقة وتعثر دائم
رغم الوساطات الإقليمية والدولية، ما زالت المفاوضات بين إسرائيل وحماس تراوح مكانها.
فقد أطلقت الحركة حتى الآن 20 رهينة على قيد الحياة مقابل إفراج إسرائيل عن نحو ألفي أسير ومعتقل فلسطيني، لكنها سلمت أيضًا جثث 9 رهائن من أصل 28 جثة أعلن عن فقدان أصحابها خلال العمليات.
ويرى محللون إسرائيليون أن الضغوط الداخلية على الحكومة تتزايد، خصوصًا مع اقتراب الذكرى الثانية للأسر الجماعي، حيث يتهم الشارع الإسرائيلي نتنياهو بإدارة الملف بدوافع سياسية لا إنسانية، للحفاظ على تماسك ائتلافه اليميني.
جنازة تتحول إلى ساحة غضب
جنازة الرهينة عنبار حاييمان لم تكن مجرد وداع شخصي، بل تحولت إلى رمز للاحتقان العام، حيث يرى كثير من الإسرائيليين أن الوزراء الذين حضروا "لا يملكون الحق الأخلاقي" في الظهور أمام عائلات لم تفارقها المأساة منذ عامين.
الهتافات ضد وزير العدل ياريف ليفين ووزيرة العلوم جيلا جمليئيل جاءت كإشارة على أن الغضب الشعبي خرج من الميادين ووصل إلى الجنائز، وهو تطور يعكس حجم الفجوة بين الحكومة والمجتمع الإسرائيلي الذي يعيش أزمة ثقة غير مسبوقة.
قراءة في المشهد السياسي والاجتماعي
يرى مراقبون أن هذا الحدث ليس معزولًا، بل يمثل ذروة تراكمات من الاحتجاج والإحباط.
ففي ظل استمرار العمليات العسكرية في غزة، وغياب أفق سياسي واضح، تحوّلت قضية الرهائن إلى امتحان أخلاقي وسياسي للحكومة، بين من يرى ضرورة استمرار الضغط العسكري، ومن يطالب بتقديم صفقة تبادل بأي ثمن لإنقاذ ما تبقى من الرهائن أحياء.
ويُتوقع أن تزداد حدة المظاهرات خلال الأسابيع المقبلة، مع اقتراب ذكرى الحرب، خاصة مع تصاعد الخلافات داخل الائتلاف الحاكم نفسه حول استراتيجية التعامل مع حماس ومستقبل العملية في غزة.
0 تعليق