كنت مخطئاً عندما ظننتُ أن إسرائيل لن تضرب إيران إلا بعد فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات بين أمريكا وإيران والتى كان مقرراً لها الأحد ١٥ يونيو، فقامت بضربة جوية قوية فجر يوم الجمعة الموافق ١٣ يونيو أى قبل ٤٨ ساعة من موعد المفاوضات. وكنت مخطئاً أيضاً عندما توقعت أن أمريكا لن تتدخل فى الحرب على إيران إلا بعد انتهاء مهلة الأسبوعين التى حددها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فإذا به يقوم بضرب الثلاث محطات الكبرى فى المشروع النووى الإيرانى (فوردو وأصفهان ونطنز) فى فجر الأحد ٢٢ يونيو بالقنابل العملاقة التى تخترق الأعماق وتحدث دماراً هائلاً.
هذا التحرك الاستباقى فى كلتا الحالتين يثبت أن القرار كان متخذاً مسبقاً وأن النية كانت مبيتة لضرب المشروع النووى الإيرانى بصرف النظر عن نتائج المفاوضات.
ورغم سيطرة إسرائيل على المجال الجوى الإيرانى، وقدرتها علي ضرب أهداف محددة في العاصمة الإيرانية طهران، إلا أنها كانت غير قادرة علي ضرب المنشآت النووية الأكثر تقدماً والموجودة علي أعماق كبيرة وتحتاج قنابل تضرب الأعماق، مثل محطة فوردو النووية التي تقع علي عمق ٨٠-٩٠ متراً تحت الأرض، مايجعلها بعيدة عن متناول القنابل الإسرائيلية، وهي غير موجودة إلا عند الجيش الأمريكي. ولهذا كان يهم إسرائيل تغيير الوضع الحالي بتدخل أمريكى واضح.
هذا التحول الخطير فى الشرق الأوسط أشبه بدخول أمريكا الحرب العالمية الثانية بعد ضرب اليابان لميناء بيرل هاربر فى ٧ ديسمبر ١٩٤١، لكن دخول أمريكا الحرب العالمية الثانية كانّ مبرراً حيث إن الهجوم على بيرل هاربر قد أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف من الأمريكيين وتدمير عدد كبير من السفن الحربية والطائرات. إلا أن دخول أمريكا الحرب الإيرانية الإسرائيلية فجاء دون مبرر سوى إنقاذ إسرائيل من ضربات الصواريخ والمسيرات التى تطلقها إيران على العمق الإسرائيلي.
كما أن هذا التحول الخطير لن ينهى الحرب ولن يجبر إيران على الاستسلام، كما أُجبرت اليابان على الاستسلام بعد ضرب هيروشيما وناجازاكى بالقنابل الذرية فى ٦ و٩ أغسطس سنة ١٩٤٥.
بالعكس، أتوقع أن إيران سوف ترد على الضربة الأمريكية بضرب أهداف أمريكا المنتشرة فى المنطقة، وسوف تؤدى إلى توسيع نطاق الحرب فى المنطقة على نحوٍ لا يعرف أحد إلى أى حد يمكن أن يصل مداها؟
أعتقد أن الصورة التى ظهر بها كلٌ من ترامب وفريقه فى البيت الأبيض، وكذلك حديث نتنياهو فى تل أبيب فجر بوم الأحد ٢٢ يونيو، وهما يقولان "حفظ الله أمريكا وحفظ الله إسرائيل" لن تكون نهاية المشهد فى الشرق الأوسط.
كل الشواهد حولنا تشير إلى أن الأمور قد ازدادت تعقيداً وأن الأسوأ قادم.
حفظ الله مصر وحفظ الله البلدان العربية من مكر وغطرسة القوى الغاشمة التى تدبر الشر وتقتل الأبرياء.