أكد الدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن ما يجري اليوم بين إيران وإسرائيل لا يمكن اختزاله في مسألة البرنامج النووي الإيراني فقط، بل هو صراع أعمق بكثير، يتجاوز المنشآت النووية إلى محاولة إسقاط نظام الحكم نفسه في طهران، وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بما يخدم مصالح إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
إسرائيل لم تعد تُخفي نواياها الحقيقية
وقال "يوسف"، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، إن إسرائيل لم تعد تُخفي نواياها الحقيقية، حيث أصبحت تعلن صراحة أن هدفها هو القضاء على النفوذ الإيراني في المنطقة، وليس فقط تحجيم المشروع النووي.
وأشار إلى أن الحرب الحالية، وما سبقها من تصعيد، يؤكد أن تل أبيب تضع في مقدمة أهدافها تفكيك نظام "الملالي" في إيران، معتبرة أن مجرد بقاء هذا النظام يشكّل تهديدًا دائمًا لأمنها الإقليمي.
إسقاط النظام الإيراني لن يكون بهذه السهولة
وتابع: "الواقع أن النظام الإيراني يواجه بالفعل تحديات داخلية حقيقية، خاصة بعد الاغتيالات المتكررة التي استهدفت قيادات أمنية وعسكرية رفيعة المستوى، ما يشير إلى وجود اختراقات أمنية غير مسبوقة داخل مؤسسات الدولة. وقد يفتح هذا الباب أمام حالة من التململ الداخلي، خصوصًا في ظل الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع الاقتصادية وتزايد عزلة إيران دوليًا".
وأشار أستاذ علوم السياسة بجامعة القاهرة، إلى أن إسقاط النظام الإيراني لن يكون بهذه السهولة، لأن النظام يمتلك مؤسسات أمنية وعسكرية راسخة، وله قاعدة دعم عقائدية وشعبية لا يمكن تجاهلها، فضلًا عن شبكات نفوذ إقليمية في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
وأوضح أن بعض الجهات في واشنطن وتل أبيب تروّج لسيناريو "استبدال النظام الحالي بعودة ابن الشاه"، باعتباره بديلًا جاهزًا ومناسبًا للغرب، لكن هذا الطرح يتجاهل تمامًا أن الشعب الإيراني قد خاض نضالًا طويلًا للتخلص من حكم الشاه قبل ثورة 1979، وبالتالي فإن الرهان على هذا الخيار يبدو سطحيًا ومنفصلًا عن الواقع السياسي والاجتماعي داخل إيران.
وفي ما يخص المخطط الأمريكي-الإسرائيلي الأوسع للمنطقة، قال يوسف إن "الشرق الأوسط الجديد" الذي تحدث عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب هجوم "طوفان الأقصى"، ليس مجرد شعار، بل هو مشروع قائم على تفريغ المنطقة من أي قوى معارضة للهيمنة الإسرائيلية، سواء كانت إيران أو حتى بعض الدول العربية التي تتمسك باستقلال قرارها الوطني.
وأضاف أن الولايات المتحدة، وتحديدًا إدارة ترامب سابقًا وبعض دوائر صنع القرار الحالية، تنسّق بشكل مباشر مع إسرائيل من أجل تنفيذ هذا المخطط، رغم ما قد يبدو من خلافات جزئية أو شكلية بين الطرفين. والدليل على ذلك – بحسب يوسف – هو الدعم الكامل الذي حصلت عليه إسرائيل خلال عمليتها العسكرية ضد إيران، حيث تبيّن أن الهجوم كان مخططًا له مسبقًا، وتم بموافقة أمريكية ضمنية إن لم تكن صريحة.
واختتم د. أحمد يوسف حديثه محذرًا من أن نجاح هذا المخطط سيكون كارثيًا على الدول العربية، لأنه يعني خلق شرق أوسط تُدار فيه الملفات السياسية والأمنية من تل أبيب وواشنطن فقط، وتُهمّش فيه كل القوى المستقلة، مما سيؤدي في المدى القصير إلى صراعات أهلية، وعلى المدى البعيد إلى فوضى إقليمية مفتوحة.