"آسفون يا إيران".. مظاهرات مفاجئة تهز تل أبيب ضد الحرب

في مشهد نادر وغير مألوف على الساحة السياسية الإسرائيلية، اشتعلت منصات التواصل الاجتماعي بمقاطع مصورة يُقال إنها تُظهر احتجاجات شعبية خرج فيها العشرات من الإسرائيليين، رافعين لافتات حملت عبارات مناهضة للحرب وموجهة إلى إيران، كان أبرزها: "أوقفوا الحرب.. آسفون يا إيران".


هذه المقاطع، التي انتشرت بشكل واسع على منصتي "إكس" (تويتر سابقًا) و"فيسبوك"، ترافقت مع حالة من التفاعل المشتعل والتساؤلات حول مدى صحتها ومصدرها، لا سيما في ظل الصمت التام من قبل المؤسسات الرسمية الإسرائيلية بشأن هذه التحركات.

حرب مشتعلة ومعارضة صامتة

تشير المؤشرات إلى أن هذه الاحتجاجات، إن كانت حقيقية، قد تعكس تصاعد تيار معارض داخل إسرائيل، لا يوافق على استمرار الحرب الشاملة ضد إيران، والتي دخلت مؤخرًا مرحلة غير مسبوقة من التصعيد بعد القصف المتبادل الذي طال منشآت استراتيجية في كلا البلدين.

وبحسب محللين، فإن ما وصف بـ"الصحوة الأخلاقية" لبعض فئات الشعب الإسرائيلي، بدأت تتبلور وسط الأوضاع الأمنية المضطربة، خصوصًا مع تزايد أعداد الضحايا المدنيين في كلا الطرفين، والخسائر الاقتصادية والاجتماعية التي بدأت تظهر تدريجيًا داخل المجتمع الإسرائيلي.

في المقابل، جاءت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حاسمة وقاطعة، حيث أعلن بوضوح أن العمليات العسكرية ستستمر حتى "القضاء الكامل على الخطر النووي والباليستي الإيراني".

وفي مؤتمر صحفي أُجري بالقرب من مستشفى "سوروكا" في مدينة بئر السبع، والتي تعرضت لهجمات صاروخية مباشرة من إيران، قال نتنياهو:"أصدرت تعليماتي بألا تكون هناك حصانة لأحد في إيران... سنتحدث أقل، ونعمل أكثر".

وأشار نتنياهو إلى أن إسرائيل تتحمل "ثمنًا باهظًا" نتيجة لهذه المواجهة، مؤكدًا سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين، لكنه اعتبر أن القضاء على الخطر الإيراني ضرورة استراتيجية لا بد منها.

الشارع الإسرائيلي منقسم

اللافت في المشهد، أن ظهور أصوات معارضة علنية في وقت الحرب، أمرٌ لم يكن مألوفًا في السياسة الإسرائيلية، المعروفة تاريخيًا بتوحّد داخلي نسبي وقت النزاعات الكبرى.

لكن مع تصاعد حدة الصراع مع إيران، وما يصاحبها من ضربات عسكرية نوعية طالت أهدافًا عميقة داخل إسرائيل، يبدو أن جزءًا من المواطنين بدأوا يُعيدون التفكير في جدوى هذه الحرب، ومَن يدفع فاتورتها في النهاية.

ويرى مراقبون أن المشهد الحالي يُعيد إلى الأذهان الانقسامات التي شهدتها إسرائيل أثناء حرب لبنان الثانية عام 2006، وحرب غزة في أكثر من جولة، حيث خرجت مظاهرات محدودة منددة بالنهج العسكري، لكنها غالبًا ما كانت تواجه برفض رسمي وشعبي.

تداعيات إقليمية... وتحذيرات دولية

من جهة أخرى، عبرت عدة عواصم إقليمية ودولية عن قلقها البالغ من توسع رقعة الحرب بين إسرائيل وإيران، محذّرة من أن استمرار التصعيد قد يؤدي إلى اضطرابات واسعة في المنطقة، خاصة في ظل التهديدات التي تحيط بأمن الملاحة في البحر الأحمر والخليج العربي، والتأثيرات المحتملة على أسواق الطاقة العالمية.

ويرى محللون أن التصعيد الأخير ليس مجرد مواجهة عسكرية محدودة، بل صراع استراتيجي واسع النطاق يحمل في طياته أبعادًا عقائدية وجيوسياسية، في ظل تداخل تحالفات معقدة تربط إيران بفصائل إقليمية، وتضع إسرائيل في مواجهة محور يمتد من طهران إلى بيروت ودمشق وغزة.

رسالة ضمنية من الشارع؟

سواء كانت هذه التحركات الشعبية حقيقية أو مجرد حملات افتراضية، فإنها تسلط الضوء على الانقسامات الداخلية في إسرائيل في ظل أزمة جيوسياسية غير مسبوقة، وبينما يستمر القتال وتتبادل الصواريخ فوق سماء الشرق الأوسط، تبقى التساؤلات قائمة: هل يمكن أن تنتصر لغة العقل على صوت السلاح؟ وهل نحن أمام بداية انهيار رواية "الإجماع الإسرائيلي" وقت الحرب؟ أسئلة يطرحها الشارع، وستجيب عنها الأيام المقبلة، على وقع طبول حرب لا يبدو أنها ستتوقف قريبًا.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق رئيس جهاز العاشر يقود حملة يصدر 8 قرارات غلق وتشميع محلات تجارية
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل