قال السفير عمرو حلمي عضو مجلس الشيوخ، أنه لا يمكن اعتبار استهداف المنشآت النووية الإيرانية في فوردو وناتانز وأصفهان حدثًا عسكريًا محدوداً، بل يُعدّ تطورًا استراتيجيًا هائلاً يحمل في طيّاته احتمالات تصعيد واسع النطاق قد تترتّب عليه آثار مدمّرة تطال الاقليم بأسره. فهذه المنشآت تُعدّ من الأعمدة الرئيسية للبرنامج النووي الإيراني، وتمثّل العمق الصناعي والعلمي للبلاد، كما تُجسّد رمزًا لهيبتها ولسيادتها لذا فإن استهدافها لا يمكن إلا أن يُفسّر في طهران كضربة مباشرة لقلب منظومتها الدفاعية، وكإهانة لا يمكن أن تمرّ دون ردٍّ مؤثر وقوي
السفير عمرو حلمي يكشف سيناريوهات الرد الإيراني على الهجوم الأمريكي
وأضاف: لذا فإن الرد الإيراني، أياً كانت طبيعته، من المرجح أن يتّخذ طابعًا ممتدًا ومتعدد الأبعاد، تتقاطع فيه الرسائل السياسية مع الحسابات الاستراتيجية والاقتصادية وذلك في إطار سياسة النفس الطويل التي تتبعها إيران عند التعرض لتهديدات خطيره ، وتشير التقديرات إلى أن طهران ستميل إلى تكثيف هجومها الصاروخي علي اسرائيل مع استخدام أدواتها غير المباشرة في المرحلة الأولى، عبر تحريك حلفائها الإقليميين خاصه في اليمن والعراق، بما يتيح لها توجيه ضربات منسقة ضد المصالح الأمريكية والقواعد العسكرية المنتشرة في المنطقة دون الانجرار الفوري إلى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحده الأميركية
وتابع عضو مجلس الشيوخ: في هذا السياق، تزداد احتمالات أن يقدم الحوثيون، بدفع وتنسيق إيراني، على تكثيف الهجمات الصاروخية على العمق الإسرائيلي، بالتزامن مع محاولات لتعطيل حركة الملاحة في مضيق باب المندب، كخطوة أولى لفرض ضغط بحري تصاعدي ضمن حسابات الرد غير المباشر. حيث من المقدر أن مثل هذه العمليات البحرية في باب المندب قد تكون مقدّمة تمهيدية لسيناريو أكثر خطورة، يتمثّل في تلويح إيران، أو حتى محاولتها الجدية، لإغلاق مضيق هرمز، الذي تمرّ عبره نحو 20% من إمدادات النفط العالمية، وهنا تحديدًا يتقاطع العامل البحري مع أبعاد الرد الاقتصادي والاستراتيجي، إذ إن التحرك الإيراني في هرمز لا يُعدّ خيارًا سهلًا، بل ورقة ردع قصوى، تدرك طهران أنها ستُفهم من قِبل العالم كمؤشر على تحول الأزمة إلى حرب متصاعده. ومع ذلك، فإن مجرد التلويح بهذا الخيار، أو توظيفه كفيل بإرباك أسواق الطاقة العالمية ودفع أسعار النفط إلى مستويات تتجاوز 150 دولارًا للبرميل، بحسب تقديرات أمريكية، ما ينذر بأزمة طاقة خانقة تضرب اقتصادات هشة أصلًا، لا تزال تتعافى بصعوبة من أزمات متراكمة سابقة،
واستكمل: لا يجب في خضم تلك التطورات الخطيره ان نغفل الاثار البيئيه الناجمه عن الهجوم الامريكي علي المنشآت النوويه الايرانيه وما يمكن ان يترتب عنها من إشعاع كما انه لا يمكن تجاهل التحذيرات الامريكيه من انه في حاله قيام طهران باستهداف القوات الامريكيه في المنطقه فإن واشنطن لن تتردد في استخدام القوه مجدداً داخل ايران
وقال: في التقدير ان الاستهداف الأمريكي للمنشآت النوويه الايرانيه بالتوازي مع ما قامت به اسرائيل لن يترتب عليه تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل ، اذ لا تزال ايران تحتفظ بمخزونات من اليورانيوم عالي التخصيب في مواقع متفرقه تحت الارض بما يمكنها من انتاج اسلحه نوويه متوسطه التفجير مستقبلاً وان ايران ضمن ردودها علي الهجوم الاسرائيلي قد تلجأ الي وقف التعاون مع الوكاله الدوليه للطاقه النوويه IAEA ومنع عمليات التفتيش علي منشآتها النوويه المنصوص عليها في معاهده منع الانتشار النووي NPT وربما الانسحاب من تلك المعاهدة بالكامل
واختتم قائلا: إزاء هذه الديناميكية المعقدة، يتزايد الإدراك بأن ما ستشهده الأيام والأسابيع المقبلة سيكون حاسمًا في رسم ملامح الشرق الأوسط لسنوات قادمة، وربما لعقدٍ كامل. فالانزلاق نحو مواجهة مفتوحة لن يقتصر على المجال العسكري، بل سيتحوّل إلى اختبار شامل لموازين الردع، وقدرة القوى الإقليمية والدولية على احتواء أزمة تتجه بسرعة إلى ما هو أبعد من الحسابات التقليدية، وباتت تلامس جوهر التوازنات الاستراتيجية في الشرق الأوسط.