في تصعيد جديد ومثير للقلق في منطقة الخليج، أعلنت وسائل إعلام إيرانية موافقة البرلمان الإيراني على قرار إغلاق مضيق هرمز، في انتظار القرار النهائي من قبل السلطات الأمنية والعسكرية في طهران.
ويأتي هذا القرار في ظل تصاعد التوترات العسكرية بين إيران وإسرائيل، وتورّط أطراف دولية أخرى في المواجهة، على رأسها الولايات المتحدة.
وقد أعاد هذا الإعلان المضيق إلى صدارة المشهد العالمي، باعتباره أحد أهم شرايين الطاقة والتجارة في العالم، ويمر عبره يوميًا ما يزيد عن 20 مليون برميل من النفط الخام، وهو ما يعادل نحو خُمس التجارة النفطية العالمية، بالإضافة إلى كميات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال والسلع الأساسية.
إيران تُلوّح بورقة المضيق.. تهديد حقيقي أم ضغط سياسي؟
تأتي هذه الخطوة الإيرانية ضمن سلسلة من التهديدات المتكررة باستخدام ورقة مضيق هرمز كورقة ضغط استراتيجي.
فقد صرّح بهنام سعيدي، عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، أن بلاده تملك خيارات متعددة للرد على الاعتداءات الإسرائيلية والأطراف المتواطئة معها، وأن توقيت ونوع الرد سيُحدد وفقًا لتقدير القيادة العسكرية الإيرانية.
كما قال وزير الخارجية الإيراني السابق، عباس عراقجي، إن “كل الخيارات متاحة”، في إشارة مباشرة إلى إمكانية اللجوء إلى إغلاق المضيق في حال استمرار الاستفزازات العسكرية.
المضيق في قلب الجغرافيا والطاقة العالمية
يُعتبر مضيق هرمز من أهم الممرات المائية العالمية وأكثرها حساسية، إذ:
يربط الخليج العربي بخليج عمان وبحر العرب.
يبلغ عرضه عند أضيق نقطة نحو 33 كيلومترًا.
تمر عبره ما يقارب ثلث صادرات الغاز الطبيعي المسال عالميًا.
تعتمد عليه الدول الرئيسية المنتجة للنفط، مثل السعودية، الإمارات، الكويت، العراق.
يُشكّل منفذًا رئيسيًا لتصدير الغاز القطري، أحد أكبر مصدّري الغاز المسال في العالم.
هذا الثقل الاستراتيجي يجعل من المضيق ورقة قوة في يد إيران، لكنه أيضًا نقطة ضعف اقتصادية، إذ تعتمد طهران نفسها على المضيق لتصدير نفطها واستيراد حاجاتها الأساسية.
انعكاسات محتملة على الاقتصاد العالمي
أسواق الطاقة على شفير أزمة جديدة
أشار خبراء اقتصاديون إلى أن إغلاق المضيق قد يؤدي إلى قفزة حادة في أسعار النفط تتجاوز 100 دولار للبرميل، في حال استمر التعطيل لفترة طويلة ويُتوقع أن:
تشتعل موجات تضخمية واسعة في الاقتصادات الكبرى.
تتضرر الدول المستوردة للطاقة، مثل الصين والهند والاتحاد الأوروبي.
ترتفع أسعار التأمين والشحن البحري بنسبة قد تتجاوز 60%.
تأثير مباشر على الاقتصاد المصري
قال الخبير الاقتصادي د. علي الإدريسي إن مصر ستكون من الدول المتأثرة بشكل مباشر، موضحًا أن:
ارتفاع أسعار النفط سيزيد من فاتورة الاستيراد ويضغط على الاحتياطي الأجنبي.
سيؤدي ذلك إلى زيادة أسعار الوقود محليًا، ومن ثم ارتفاع تكلفة النقل والإنتاج.
قد تتراجع إيرادات قناة السويس نتيجة تغييرات محتملة في خطوط الملاحة البحرية.
ستزداد التحديات أمام سلاسل الإمداد، لا سيما القادمة من الخليج وآسيا.
خسائر محتملة لإيران نفسها
رغم التهديد بالإغلاق، يرى محللون أن إقدام إيران فعليًا على هذه الخطوة قد يأتي بنتائج عكسية، أبرزها:
قطع طريق تصدير النفط الإيراني، ما يضرب الاقتصاد المحلي.
تهديد العلاقات التجارية مع الصين، التي تستورد ما يفوق 75% من صادرات إيران النفطية.
فتح الباب أمام رد عسكري أميركي مباشر، لا سيما مع وجود الأسطول الأميركي الخامس في البحرين.
البدائل المتاحة أمام دول الخليج
للتقليل من اعتمادها على المضيق، اتخذت بعض دول الخليج خطوات استباقية، منها:
تشغيل خط أنابيب شرق-غرب السعودي بسعة تصل إلى 5 ملايين برميل يوميًا.
استخدام خط أنابيب أبوظبي-الفجيرة في الإمارات، لتجاوز المضيق وتصدير النفط عبر خليج عمان.
بناء مخزون استراتيجي من الطاقة في مناطق مختلفة تحسّبًا لأي تعطيل مفاجئ.
وتُقدّر إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن هذه البدائل تتيح تصدير ما يصل إلى 2.6 مليون برميل يوميًا خارج المضيق.