قالت الكاتبة والمحللة السياسية اللبنانية سوسن مهنا، إن الهجوم الأمريكي على البرنامج النووي الإيراني شكّل ضربة موجعة لطهران، وأرسل رسالة واضحة بأن واشنطن مستعدة لاستخدام القوة عند الضرورة، ووصفت هذا التصعيد بأنه قد يكون نقطة تحول خطيرة في مسار التوتر الإقليمي، وقد يفتح الباب أمام سباق تسلح جديد يذكّر بفترات الحرب الباردة في القرن الماضي.
سوسن مهنا: النظام الإيراني أمام خيارات صعبة
وأشارت مهنا في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إلى أن النظام الإيراني قد يجد نفسه أمام خيارات صعبة، إما الرد من خلال وكلائه في المنطقة مثل حزب الله والحوثيين والفصائل المسلحة في العراق، أو من خلال استهداف مباشر للمصالح الأمريكية والإسرائيلية، وربما عبر هجمات إلكترونية، كما لم تستبعد أن تقدم إيران على تنازلات في الملف النووي، حتى وإن بدت "مذلة"، بهدف امتصاص الصدمة وتجاوز المرحلة الحالية بأقل خسائر، ومن ثم إعادة ترميم موقعها الإقليمي.
وأضافت أن الضربات، حتى وإن لم تدمر بالكامل المنشآت النووية الإيرانية، إلا أنها أعادت البرنامج النووي سنوات إلى الوراء، وقدّرت ذلك بنحو ثلاثة عقود، ما يشير إلى حجم الضرر الكبير الذي ألحقته هذه الهجمات.
سوسن مهنا: المنطقة قد تدخل مرحلة أوسع من عدم الاستقرار
ورأت مهنا أن تأثير هذه التطورات لن يقتصر على إيران وحدها، بل سينعكس على مجمل الوضع في الشرق الأوسط. فالمنطقة قد تدخل مرحلة أوسع من عدم الاستقرار، وسط تحليلات متزايدة حول احتمال اندلاع حرب مفتوحة، وشددت على أن رقعة الفوضى قد تمتد لتشمل دولًا حدودية ومتأثرة مباشرة كلبنان، سوريا، الأردن، مصر، والعراق، بالإضافة إلى اليمن ودول الخليج التي تحتضن قواعد ومراكز عسكرية أمريكية.
أما على مستوى المواقف الدولية، فأشارت إلى وجود انقسام حاد، فالغرب يبرر الضربة باعتبارها خطوة ضرورية لمنع انتشار السلاح النووي، بينما ترى دول مثل روسيا والصين وتركيا أن ما حدث يزيد من احتمالات انفجار الفوضى في المنطقة، ورغم أن إيران كانت تعتبر هذه الدول حلفاء، فإن أيًا منها لم يظهر استعدادًا حقيقيًا لدعمها عسكريًا في هذه اللحظة الحرجة.
ولفتت "مهنا" إلى أن دخول الولايات المتحدة بهذا الشكل المباشر على خط المواجهة مع إيران وإسرائيل يرفع منسوب الخطورة، وخاصة إذا استمرت واشنطن في توجيه ضربات داخل الأراضي الإيرانية، وأكدت أن الرد الإيراني سيكون العامل الحاسم في تحديد اتجاه الأمور، سواء نحو التصعيد أو نحو احتواء الأزمة عبر قنوات دبلوماسية تسعى للحفاظ على بقاء النظام الإيراني.
وفي ظل انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا وتردد الصين في الدخول بمواجهة مباشرة مع واشنطن، خاصة في ظل التوترات الاقتصادية المتصاعدة، رأت "مهنا" أن حروب الوكالة قد تبقى الخيار الأرجح، مع احتمال حصول احتكاكات محدودة بين القوى الكبرى، لكنها شددت في الوقت نفسه على أن أيًا من هذه القوى لا تملك مصلحة حقيقية في خوض حرب شاملة، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية المتتالية التي تواجهها دول العالم، والتي تجعل من خيار الحرب الشاملة مغامرة لا طائل منها.