وراء دخان "فوردو".. الخريطة السرية للرد الإيراني القوي على أمريكا

في ساعة الفجر الأولى اليوم 22 يونيو 2025، اخترقت السماء الإيرانية قاذفات "بي-2" الشبحية الأمريكية وصواريخ "توماهوك" في ضربة جوية صادمة استهدفت قلعة إيران النووية المحصنة "مجمعات فوردو ونطنز وأصفهان". 

وبينما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنبرة انتصار أن "فوردو انتهت"، كانت طهران تؤكد من إخلاء المنشآت مسبقًا، في مشهد يذكر العالم بأعقد ألعاب الشطرنج الجيوسياسي.

 لم تكن الضربة اعتيادية؛ فستهداف مجمع فوردو المختبئ تحت 90 مترًا من الصخور تطلب أسلحة متطورة مثل قنابل "GBU-58" المخترقة للتحصينات، بينما كشفت صور الأقمار الصناعية قبل 48 ساعة من الهجوم عن تحركات إيرانية غامضة شملت 16 شاحنة ثقيلة وتكديسًا استثنائيًا للأتربة عند مداخل الأنفاق، مما يطرح أسئلة محيرة عن سباق الزمن بين الضربة والاستعدادات المضادة.

مسارات العاصفة.. من حرب الوكالة إلى كابوس هرمز

تتجه أنظار المحللين الآن إلى سيناريوهات الرد الإيراني التي تشبه أعاصير متعددة المسارات،  في الجبهة العسكرية المباشرة، قد تشهد القواعد الأمريكية التسعة عشر المنتشرة من الخليج إلى البحر المتوسط، والمأهولة بنحو 50 ألف جندي، هجمات صاروخية غير مسبوقة. م

صادر أوروبية تنقل تحذيرات إيرانية جادة بأن هذه المنشآت "أصبحت أهدافًا مشروعة"، بينما ترفع واشنطن حالة التأهب تحسبًا لتحركات "الخلايا النائمة" التابعة للحرس الثوري. 

لكن سلاح إيران الأكثر خطورة يظل حرب الوكالة عبر أذرعها الإقليمية؛ ففي اليمن، قد ينقض الحوثيون اتفاق الهدنة الهش مع واشنطن ويعيدون إشعال البحر الأحمر بصواريخهم الباليستية، بينما تستعد فصائل عراقية موالية لطهران – ومزودة بصواريخ "أرض/أرض" متطورة – لتحويل قواعد مثل عين الأسد إلى ساحات مواجهة، فيما يؤكد  الباحث الأمني الإيراني حميد رضا عزيزي يؤكد أن طهران ادخرت لسنوات ترسانة صاروخية لهذه اللحظة بالذات.

الورقة النووية.. عندما يصير النفط سلاحًا

لا يخفى على المراقبين أن الخيار الاقتصادي قد يكون أداة طهران الأكثر تدميرًا. بتصريح خطير من رئيس لجنة الأمن القومي الإيراني إسماعيل كسّاري، أعلنت طهران دراسة إغلاق مضيق هرمز – شريان الطاقة العالمي الذي يمر عبره 20 مليون برميل نفط يوميًا.

مؤشرات التنفيذ بدأت تظهر عبر هجمات إلكترونية مكثفة ضد أنظمة ملاحة السفن في الأسابيع الأخيرة، فيما تتوقع مراكز أبحاث دولية صعود سعر البرميل إلى 500 دولار في حال تنفيذ التهديد. هذا السيناريو الكابوسي لا يهدد أمريكا وحدها، بل سيشل الاقتصادات الأوروبية والآسيوية، ويرفع تكاليف الشحن البحري 300% وفق مجلس التجارة البحرية الدولي.

الأسدان الغاضبان.. روسيا والصين في المعادلة

تحذير المرشد الأعلى خامنئي من "أضرار لا تُصلح" جاء مصحوبًا بإشارات دبلوماسية لإيران بأن روسيا والصين – اللتين وصفتهما تقارير إيرانية رسمية بـ"الأسدين الغاضبين" – ستدعمانها. 

هذه التحالفات ليست لفظية فحسب؛ فالدعم الروسي الصناعي لبرنامج التخصيب النووي الإيراني، والظهير الصيني الاقتصادي، يحولان الأزمة إلى اختبار لقدرة أمريكا على كسر الحلف الثلاثي. لعلّ في هذا السياق يُفهم سبب امتناع إسرائيل سابقًا عن ضرب المنشآت النووية خوفًا من حرب إقليمية قد تجرّ هاتين القوتين.

توقيت العاصفة.. هل تنتظر إيران لحظة ضعف أمريكا؟

في منعطف بالغ الحساسية، قد تؤجل طهران ردا ساحقًا حتى نوفمبر 2025، متحينة ذروة الحملة الانتخابية الأمريكية حيث يكون ترامب في أضعف حالاته السياسية. 

مركز الدراسات الإستراتيجية في دبي يرى أن التأجيل سيسمح لإيران ببناء تحالفات أوسع وتنفيذ ضربات "مفاجئة" تزيد ارتباك البيت الأبيض، وفي الأمد القريب، قد تلجأ لاحتجاز رعايا أمريكيين كأوراق ضغط، كما حذرت الخارجية الأمريكية مواطنيها، وهو سيناريو توقعه الخبير خسرو صايح أصفهاني منذ أشهر.

ما بعد الضربة.. ثمن فوردو

تداعيات الضربة الأمريكية قد تمتد لأبعد من الشرق الأوسط. فبخلاف كابوس هرمز، تمتلك إيران ترسانة من "الحروب غير التقليدية" يمكنها شلّ البنى التحتية الحيوية: طائرات "شاهد-136" المسيرة القادرة على تجاوز أنظمة الدفاع، وهجمات إلكترونية تعطل شبكات الكهرباء والبنوك، فضلاً عن حروب الظل عبر وكلائها ضد حلفاء أمريكا كالسعودية والإمارات، فالنموذج الإيراني المرجح يجمع بين كل هذه الأدوات في آنٍ: ضربات محدودة مباشرة، وإشعال جبهات الوكالة، وخنق الاقتصاد العالمي عبر هرمز.

أمريكا أمام امتحان البقاء في الشرق الأوسط

وفق خبراء: نجاح واشنطن في تفادي السيناريو الأسود يعتمد على ثلاث ركائز: فعالية أنظمة الدفاع الصاروخي (مثل "ثاد") في اعتراض وابل الصواريخ الإيرانية، وقدرتها على كسر التحالف الروسي الصيني عبر ضغوط دبلوماسية غير مسبوقة، والأهم – تجنب الانزلاق إلى "الفخ الإيراني" الذي يحول المنطقة إلى مستنقع يستنزف القوة الأمريكية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الرئيس السيسي يوقع تعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل