إنقاذ الإنسان أولا: كيف تصبح الثقافة مشروع أمن قومي في الجمهورية الجديدة؟

السبت 21/يونيو/2025 - 10:07 م 6/21/2025 10:07:58 PM

في البدء لم تكن المعابد ولا النقوش، بل كانت الفكرة.
الفكرة التي صنعت الإنسان، ثم أطلقته في فضاء الوجود ليكتب تاريخه على جدران الكهوف، ثم على جدران المعابد، ثم في دساتير الدول، وحين تسقط أمة، لا تسقط فجأة… بل يبدأ النزيف حين يفقد الإنسان معنى وجوده، ويتحول من كائن صانع للرمز إلى عَبدٍ للعادة، ومن روح مُشتعلة إلى جسد يكدّ ليأكل، لا ليحيا.
ليست الثقافة زخرفةً تُضاف إلى جدران الوطن، بل هي الجدار ذاته، وهي التي تقيه من الانهيار الداخلي حين تُغلق عليه الأزمات، وهي التي تُشعل في داخله نور البقاء حين يخيّم ظلام الفوضى... إننا لا نحتاج إلى أن نُجمّل الواقع… بل أن نفهمه. ولا نحتاج إلى خطط منمقة، بل إلى ثورة هادئة تنبع من العقل والقيم والخيال.
وفي لحظة تعيد فيها مصر تشكيل ذاتها في جمهوريتها الجديدة، لا بد أن نسأل: هل يكفي أن نُعيد توزيع الموارد؟ أم علينا أن نعيد تشكيل الوجدان؟ وهل يكفي أن نحمي الحدود؟ أم علينا أن نحرس المعنى؟ وهل يكفي أن نبني الإنسان من الخارج؟ أم أن نُنقذه من الداخل؟
هنا… تتجلى الثقافة لا كترف ولا واجب وزاري، بل كمشروع إنقاذ لا يُسند إلى وزارة فحسب، بل إلى الدولة كلها… إلى الضمير العام… إلى الفكرة الأولى التي جعلت الإنسان إنسانًا.
هناك ثمة خطأ مزمن تسلل إلى الذهن العام، مفاده أن الثقافة "ترف"، تأتي بعد الخبز والدواء، لكنّ التاريخ يُكذّب هذا، فالذين واجهوا الاستعمار البريطاني في مصر، لم يحملوا السلاح أولًا، بل حملوا الوعي، والصحافة، والتعليم، واللغة، وحين ضعفت الثقافة، ضعفت المناعة، وتسللت الهزيمة من داخلنا قبل أن تُفرض علينا.
ولا يغفل علينا اليوم أن الحروب الحديثة، تُدار الصراعات فيها بمعارك رمزية من خلال منصات، وشاشات، وخطاب عام، والأمم اليوم لا تُشَّكل عبر الحدود، بل عبر القيم، واللغة، وأنماط العيش. ومن هنا، تصبح الثقافة ليست وسيلة تحسين حياة، بل أداة لحماية المصير، وهذا يدفعنا إلى أهمية تشخيص الحالة الثقافية المصرية، ورغم تاريخ مصر الثقافي العريق، فإننا نواجه اليوم واقعًا شديد التناقض، نشعر به من خلال تراجع الإنتاج الثقافي المؤثر، مقابل توسع المحتوى السطحي المستورد، وانهيار منظومة الذوق العام، وسيادة الرموز الزائفة على حساب القدوات الحقيقية، وتآكل الشخصية المصرية التقليدية التي كانت مرحة، عقلانية، ساخرة، حافظة لهويتها بلا تشدد ولا تمييع، فالإنسان المصري اليوم يعيش اغترابًا داخليًا، لا لأنه جائع، بل لأنه لم يعد يعرف نفسه، وهنا، تصبح الثقافة مسؤولية سيادية، لا قطاعًا خجولًا يُقحم في المناسبات.
ورغم كثرة ما يُعلن من فعاليات وأنشطة، إلا أن ثمة هوّة متسعة بين مؤسسات الدولة الثقافية والمواطن العادي، كأن كل طرف يتحرك في مدار مستقل لا يرى الآخر، ولم تعد الثقافة الرسمية قادرة على التفاعل مع نبض الشارع، ولا على مخاطبة الإنسان البسيط بلغة تَفهم قلقه وتعبر عن أحلامه، فقد بقيت المراكز الثقافية كأنها جزر منعزلة وسط بحر من العطش المعرفي، وبات المسرح – إن وجد – محصورًا في العاصمة، والكتاب سلعة نخبوية، والفن مشهدًا مغتربًا عن الذاكرة الجمعية، والنتيجة أن المواطن فقد الإحساس بأن الثقافة شأنه، وأنها تمثله أو تسهم في تحسين حياته، بينما استسلمت المؤسسات بدورها لصورة شكلية تؤدي فيها "دورًا تقليديًا" لا يمتد إلى الواقع الحي.
إن هذا الانفصال ليس أزمة تواصل، بل خلل في الرؤية… لأن الثقافة الحقيقية لا تُلقى من فوق، بل تُصاغ مع الناس، وتُفهم بلغتهم، وتكبر بنبضهم، ومع خطورة الموقف الثقافي الضعيف قي مصر، يصبح ضرورة التفكير في شأن الثقافة كمشروع يتعلق بالأمن القومي المصري، ذلك أن مفهوم الأمن القومي، هو ببساطة، حماية شروط بقاء الدولة والمجتمع، وهذه الشروط اليوم لم تعد تقتصر على الأسلحة ولا على الاقتصاد، بل تشمل الوعي الجماعي، والانتماء الوطني، والقدرة على التماسك في الأزمات، واحترافية إنتاج المعنى والمغزى.
ولا أرجم بالغيب، إذا تصورت أن وزارة الثقافة ومؤسساتها تغرد بعيدا عن مفهوم ارتباطها بالأمن القومي الداخلي، ولا أعرف إذا كان المسئولون عن الثقافة في مصر يدركون خطورة السير في طريق المواجهة من دون ثقافة راسخة، وهل لديهم فكرة أنه بدون هذا الرسوخ والتأثير تنهار دعائم الوطن، مهما كانت البنى التحتية قوية، فنحن لا نريد ناطحات سحاب بلا روح، وتكنولوجيا بلا ضمير، وقوة مالية بلا مشروع إنساني، بل نريد أن نحول الثقافة إلى أدوات للكرامة الوطنية.
ورغم ما يفترض أن تحمله وزارة الثقافة من مسؤولية سيادية في تشكيل الوعي الوطني وترسيخ الانتماء، إلا أن دورها الآن يظل محصورًا في الأداء البروتوكولي والفعاليات الموسمية، دون أن تلامس جوهر المشروع الثقافي كأداة للكرامة الوطنية والتماسك المجتمعي، فلا نشعر اليوم بثقافة تملأ الشارع، ولا برسالة تسبق إلى عقل المواطن قبل لقمة عيشه، فقد أخفقت الوزارة في تحويل الثقافة إلى حق يومي، وفي جعلها قوة تربط المصري بذاته وبتاريخه وتطلعاته، وتُعيد إليه شعورًا حقيقيًا بالانتماء والانتصار الداخلي.
وقد نلاحظ هذه المركزية المفرطة التي جعلت النشاط الثقافي حبيس العاصمة، تاركةً أطراف مصر ومناطقها الأكثر احتياجًا في عزلة ثقافية خانقة، غير ما نراه أيضا من انفصال عن الواقع المعاصر، فمعظم ما يُنتَج لا يخاطب الشباب بلغتهم، ولا يدخل في قضاياهم، بل يعيد تدوير خطاب قديم فقد جدواه، ثم الأكثر خطورة نجده في تغييب الوعي الاستراتيجي، إذ لا توجد رؤية واضحة لبناء المواطن المصري ثقافيًا خلال عقد أو عقدين قادمين، ولا توجد خريطة طريق ثقافية تربط بين المدرسة والجامعة والمنزل والإعلام.
إن المواطن اليوم يعيش حالة من تدهور البنية التحتية الثقافية، فالمسارح مغلقة أو تعاني من الموت الإكلينيكي، والمكتبات خالية، والمراكز الثقافية لا ترتادها إلا الوفود الرسمية، وربما يعود ذلك إلى ضعف التنسيق بين الوزارة وباقي مؤسسات الدولة، فلا توجد علاقة عضوية بين الثقافة والتعليم، أو بين الثقافة والإعلام، أو بين الثقافة والشأن المحلي.
هناك أيضا إشكالية هامة، وهي فقدان القدرة لدى وزارة الثقافة على إنتاج رموز ملهمة جديدة تمثل وجدان الشعب، وتنافس الرموز الهشة التي يُصدّرها الإعلام التجاري، والنتيجة أن المواطن لم يعد يشعر بوجود "ثقافة" في بلاده، لا كوعي، ولا كفن، ولا كقيمة، فالثقافة غابت من الإعلام، وغابت من المدرسة، وغابت من المشهد العام، حتى أصبح الإنسان المصري نهبًا لما يُنتج خارجيًا من أنماط تافهة، بلا مناعة داخلية تقيه أو ترفعه.
إنه غياب لا يمكن علاجه بميزانيات أو مهرجانات، بل بفهمٍ حقيقي لمعنى أن تكون الثقافة ركيزة بقاء ومشروع خلاص… لا مجرد نشاط وزاري يُرفع في التقارير، وهذا يعيدنا إلى تشخيص الداء من جذوره، فلا بد أن نضع أيدينا على أصل الإشكال: من يدير الثقافة في مصر؟
لقد اختُزل المنصب في العقود الأخيرة إلى دور تنفيذي إداري، يبحث عن الاستقرار لا الاختراق، وعن إتمام التكليفات لا صناعة الاتجاه، لكن الحقيقة أن وزارة الثقافة ليست مقعدًا إداريًا، بل منبر حضاري، لا يصلح له إلا من يحمل همَّ الفكرة، وحلم الهوية، ونار الإبداع… من خلال شخصية ذات تأثير ثقافي شعبي، وملهمة بالفطرة، وذات وعي تاريخي وجمالي وإنساني، ويكفي أن نتأمل بعض الأسماء التي صنعت المجد الثقافي المصري حين اقترنت السلطة بالفكرة، لا بالوظيفة، وهناك ثروت عكاشة، الكاتب والمفكر المبدع وأهم وزير ثقافة في تاريخ الحكومات المصرية، والذي لم يكن وزيرًا فقط، بل مفكرًا مؤمنًا بأن الثقافة توازي السلاح،
وهو من قال عنه الناقد البارز الأستاذ رجاء النقاش، أنه الذي صنع التربة الثقافية الجديدة، وأتى لها بالطمي والبذور الصالحة، ورعاها بالجهد الدائب، والحزم العظيم، إيمانا منه ويقينًا بأن أي تغيير لا قيمة له، إذا لم يكن للوطن عقل مثقف وذوق جميل، وعلى هذا فإن المشروع الثقافي الذي قدمه ثروت عكاشة هو نفسه المشروع الذي ينبغي أن يكون مشروع الحاضر والمستقبل، والمبادئ التي قام على أساسها هي القادرة على الخروج بالثقافة المصرية والعربية من أزماتها الراهنة، والانطلاق بها إلى آفاق واسعة التأثير.


وثروت عكاشة هو من أسس أكاديمية الفنون، وأطلق مشروع الترجمة القومية، وكان خلف تأسيس دار الأوبرا ومتحف الفن المصري الحديث، وكان له جهد بارز في إنقاذ آثار النوبة، خاصة معبدي أبو سمبل وفيلة، من الغرق بعد بناء السد العالي، كما كان له دور هام في تطوير الفن والثقافة في مصر من خلال المناصب التي تقلدها والكتب التي ألفها.
وأيضا يوسف السباعي، الذي فقد حياته دفاعا عن السلام، وهو الذي أدرك دور الأدب في تشكيل الوعي العربي، ولم يُغرق الوزارة في البيروقراطية بل أغرقها في الإنتاج، وجابر عصفور، الذي خاض معارك التجديد والتنوير ورفض الجمود، وربط الثقافة بالحداثة والجرأة، ثم لا ننسى فاروق حسني الذي فهم الثقافة كمشهد شامل، فعمل على البنية الفنية البصرية، وأعاد الاعتبار إلى المتاحف والعمارة والفن التشكيلي.
لقد أثبتت التجارب السابقة أن المسؤول عن الثقافة إذا كان ملهَمًا، فقد قطعنا نصف الطريق، لأن الثقافة لا تُدار من خلف مكتب، بل من داخل الرؤية، وفي المقابل، كلما جاء إلى المنصب من لا يملك مشروعًا فكريًا ولا حسًا تاريخيًا، ماتت الفكرة تحت ركام الإجراءات، وانفصلت الوزارة عن واقع الناس، وتحوّلت إلى خيالٍ رمادي لا ظل له.
ومن هنا… فإن الحديث عن جعل الثقافة مشروع أمن قومي لا يمكن أن يتحقق إلا إذا بدأ أولًا باختيار من يحمل همّ الإنسان، لا همّ التقارير.
إن المشروع الثقافي المنشود لمصر، ينقصه إعادة هندسة الدور الثقافي للدولة، حيث يجب الانتقال من الدور "الاحتفالي" إلى الدور "التحويلي"، لا نريد وزارة تقيم ندوات واحتفالات ومهرجانات فقط، بل جهازًا يعيد صياغة الوعي الجمعي.
هذا المشروع يتطلب أيضا نقل الثقافة إلى الشارع من خلال تعميم المكتبات الصغيرة في كل مكان، حتى في محطات المترو والمواصلات، وتحويل المدارس ومراكز الشباب إلى منصات ثقافية حقيقية لا صورية، ودعم المسرح الجوال في المحافظات والنجوع.
وكنت أتصور أن وزير الثقافة يجب أن يستميت في الدفاع عن الثقافة كجزء من المناهج التربوية، وأن يكون مهموما بإدخال الفلسفة والتفكير النقدي من سن مبكرة لدى طلاب المدارس، وأن يكون له دور مؤثر للتعاون مع وزارة التربية والتعليم لتدريس الرموز المصرية كجزء من الهوية (طه حسين، زويل، العقاد، أم كلثوم، نجيب محفوظ...).
وفي المشروع الثقافي المقترح، يجب أن تتحول الثقافة إلى صناعة ثقافية لا استهلاك ثقافي، من خلال مفهوم الاقتصاد الثقافي لتكون الصناعات الثقافية مثل السينما، والنشر، والمحتوى الرقمي، والفن التشكيلي، داعمة بقوة للناتج الوطني المحلي، وقد يكون من الضرورة إطلاق منصات مصرية قوية للتوزيع والتسويق الثقافي عالميًا.
لقد طالعتنا الصحف مؤخرًا بخبر لقاء جمع فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بوزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، حيث أُعلن عن اتفاق الجانبين على وضع استراتيجية وطنية لمواجهة التقهقر الثقافي والتراجع الحضاري، والعمل على الخروج بمنتجات فنية وإعلامية وثقافية تُسهم في علاج أزمات المجتمع وتقديم رؤى قابلة للتطبيق.
ورغم أن العنوان في ظاهره يحمل بشارة، إلا أن الخبر في جوهره يفتح بابًا كبيرًا للسؤال: لماذا يلجأ وزير الثقافة إلى الأزهر لوضع حلول فكرية ومنتجات فنية وإعلامية؟ هل باتت وزارة الثقافة تفتقر إلى البوصلة الفكرية، فاستعارتها من جهة أخرى؟ وهل الأزهر ـ رغم رمزيته ـ هو الكيان الذي يُنتظر منه أن يُنقذ المؤسسة الثقافية؟ أم أن ذلك يعكس خواءًا في المطبخ الثقافي الرسمي الذي لم يعد يملك أدوات المبادرة؟
إنه لا مانع بل من الحكمة أن تُبنى شراكات حقيقية بين الأزهر والكنيسة ووزارة الثقافة، حتى لا تقف الثقافة على نقيض من الدين، بل تُعيد تعريفه في الوجدان لا في القوالب، وتُنزله إلى حياة الناس كقيمة لا كعبء. ولا غضاضة في أن تكون المرجعيات الدينية مشاركة في صياغة مشروع "بناء الإنسان المصري الجديد"، لكن بشرط أن تكون هي ذاتها ناجحة في أداء وظائفها الأصلية في الخطاب الديني، وفي التعليم، وفي الإرشاد، وفي الارتقاء بالذوق والقيم المجتمعية بأسلوب وخطط تنفيذية، أما أن تتقدم المرجعية الدينية للقيام مقام المؤسسة الثقافية، فذلك يعني أن المرض أعمق مما نظن.
والأدق من ذلك كله أن ننتبه إلى أن المرجعيات الثقافية المعتبرة، من مفكرين وأدباء وفنانين حقيقيين، وكذلك المرجعيات التعليمية المحترفة، قد تكون أكثر أثرًا وتأثيرًا في مشروع تشكيل الوعي، لأن أدواتهم تتعامل مع الإنسان لا فقط من منبر الوعظ، بل من داخل النص، والمشهد، والصورة، والمسرح، والفكرة التي تسكن الذاكرة.
ثم إننا ـ حتى اللحظة ـ لم نرَ على أرض الواقع ما يتجاوز التصريحات. لا منتج فني واحد صدر عن هذا اللقاء، ولا إطار تنفيذي واضح لما تم الاتفاق عليه، فأين هي الاستراتيجية المعلنة؟ وما طبيعة الشراكة التي اتفقا عليها؟ ومن يتولى صياغتها؟ وهل خضعت لتقييم مهني؟
إن هذا يعيدنا إلى أحد أوجه القصور القديمة، أن يتحول دور وزارة الثقافة إلى دور بروتوكولي، يمارس حضورًا شكليًا لا أثر له، ويدور في دوائر مغلقة من اللقاءات والخطب دون نزول حقيقي إلى عمق المجتمع، وإذا كانت الثقافة حقًا مشروع أمن قومي، فلا بد أن يُعاد النظر في أدواتها، وتحالفاتها، ومنهجها في الشراكة، فالمجتمع لا تُعالَج أزماته بتكرار ما قيل، بل بابتكار ما لم يُقال بعد… على لسان من يعرف كيف يصوغ للناس مصيرهم لا مجرد خطابهم.
وأخيرا أجد أنه من الضروري أن تتبنى وزارة الثقافة بعض المقترحات التنفيذية العاجلة، التي أرى وجوب أن يكون من بينها إنشاء "مجلس أعلى للثقافة المجتمعية" يرتبط مباشرة بمجلس الوزراء، يتابع ويقيم الأثر الثقافي شهريًا، وإصدار قانون "حماية الذوق العام والرمز الوطني" لضبط الانهيار الأخلاقي والإعلامي، وقد يكون من المناسب تخصيص نسبة مئوية من كل مشروع قومي للبنية الثقافية المرتبطة به مثل (المكتبة، المسرح، الندوة، المعرض).
من المهم أيضا أن تفكر وزارة الثقافة في إطلاق "أسبوع الثقافة المصرية" في كل محافظة دوريًا، يدمج المسرح، والفن، والفكر، والكتابة، والموسيقى، بالإضافة إلى تمويل مسابقات معتبرة وكبرى للكتابة والبحث والإبداع في كل فئة عمرية، وتعميم الإنتاج المتميز إعلاميًا، ثم لا ننسى أهمية تحفيز القوى الناعمة المصرية في الخارج من مثقفين وفنانين وأدباء للانخراط في مشروع وطني متكامل.
ختامًا، أؤكد أن الثقافة ليست رفاهية… إنها البوصلة، ومن لا يملك خيالًا لا يملك مستقبلًا، ومن لا يعرف نفسه، لن يعرف كيف يدافع عنها، ومصر، بتاريخها، لا يمكن أن تُحكم فقط بالبروتوكولات البيروقراطية، بل بالمعنى الذي تصوغه الثقافة، وتحفظه الأجيال، وتبنيه الشعوب.
في الجمهورية الجديدة، لا بد أن تكون الثقافة هي الجيش الثالث بعد القوات المسلحة والعقل الاقتصادي…
جيشٌ يحمي الذاكرة، ويقاتل من أجل الكرامة، لا بالبندقية، بل بالفكرة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق مصرع عامل زراعى سقطت على رأسه ماسورة في الوادى الجديد
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل