وسط تصاعد التوترات العسكرية بين إيران وإسرائيل، أكدت روسيا، اليوم الجمعة، استعدادها للعب دور الوسيط في النزاع الذي يهدد بإشعال المنطقة، مستندة إلى علاقاتها الوثيقة مع الجانبين، بالإضافة إلى شراكاتها الإقليمية الواسعة.
روسيا تعرض الوساطة وتحذر من التصعيد
قال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، خلال تصريحات على هامش منتدى سانت بطرسبورج الاقتصادي، إن روسيا تتابع بقلق تطورات النزاع بين طهران وتل أبيب، داعيًا دول المنطقة إلى رسم خطوط حمراء واضحة تحول دون الانزلاق إلى حرب شاملة.
وأضاف: نحن على تواصل دائم مع إيران وإسرائيل ودول أخرى. وعلاقاتنا الوثيقة معهم تتيح لنا تقديم خدمات الوساطة إذا طُلب منا ذلك، مشيرًا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يملك القدرة على القيام بهذا الدور بفعالية.
وأكد بيسكوف أن روسيا لا تفرض نفسها كوسيط، لكنها مستعدة للتحرك دبلوماسيًا متى دعت الحاجة.
وشدّد على أن الحل الوحيد المقبول لإنهاء التوتر هو تخلي الطرفين عن العمل العسكري واللجوء إلى المسار السياسي.
بوتين وزاخاروفا: اتصالات مستمرة مع أطراف النزاع
من جهتها، كشفت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن موسكو تجري اتصالات يومية مع كل من إيران وإسرائيل بهدف خفض التوتر، مشيرة إلى أن بوتين نفسه يقود بعض هذه الاتصالات.
وقالت زاخاروفا: نحن نعمل على إعادة الصراع إلى طاولة التفاوض، وزير الخارجية الروسي ينسق بشكل مستمر مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة، وأوروبا، والدول العربية.
عرض وساطة روسي يواجه شكوكًا أميركية
وعلى الرغم من انفتاح روسيا على الوساطة، فإن ردود الفعل الدولية لم تكن كلها مرحّبة. إذ قلل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرًا من أهمية دور موسكو، قائلاً إن على بوتين أن يحل أولاً أزمة أوكرانيا قبل أن يتدخل في وساطة إقليمية.
ورغم هذا التصريح، أكدت الخارجية الروسية أن عرض الوساطة ما زال قائماً، وأن التنسيق مستمر مع واشنطن رغم الخلافات السياسية.
هل تنجح روسيا في كسر الجمود؟
يأتي التحرك الروسي في وقت يعاني فيه المجتمع الدولي من فشل واضح في كبح التصعيد بين إيران وإسرائيل، حيث تتسع رقعة المواجهة لتشمل منشآت نووية ومواقع استراتيجية حساسة، ما ينذر بتداعيات خطيرة.
ويُنظر إلى الدور الروسي كفرصة أخيرة لاحتواء الأزمة قبل أن تتطور إلى صراع إقليمي كبير، خاصة وأن روسيا تحتفظ بقنوات مفتوحة مع كافة الأطراف، وقد أثبتت سابقًا قدرتها على التأثير في ملفات إقليمية معقدة، مثل سوريا وليبيا.
وفي ظل غياب مبادرات فعالة من القوى الغربية، قد تكون الوساطة الروسية هي الأمل الوحيد المتبقي لتجنب الانفجار الكامل في الشرق الأوسط.