محلل سياسي أمريكي يدعو لصفقة عاجلة مع طهران وتجنب أية هجمات أمريكية في المنطقة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

دعا المحلل السياسي والدبلوماسي الأمريكي السابق ريتشارد هاس، في مقال رأي نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في عددها الصادر اليوم الجمعة، القوى الدولية لا سيما الولايات المتحدة إلى التوصل بشكل عاجل لصفقة مع إيران من شأنها أن تُخفف العقوبات الأمريكية وتبدد المخاوف من هجمات أمريكية جديدة في المنطقة.

وذكر المحلل السياسي الأمريكي، في مقال نشرته الصحيفة في عدد اليوم، أن المبادرة بشأن أحدث صراع في الشرق الأوسط ربما تزال حتى الآن حكرًا على إسرائيل؛ لأن حكومة إسرائيل هي التي قررت شن حرب اختيارية على ما تصفه بالتهديد النووي المُتزايد الذي تُشكّله إيران. كما هيمنت إسرائيل على المجال الجوي فوق إيران لفترة طويلة، مُدمّرةً أو مُلحقةً أضرارًا بالعديد من المنشآت النووية واغتالت العديد من كبار المسؤولين العسكريين والنوويين، ومُضعفةً دفاعات إيران وقدرتها على شنّ هجمات انتقامية ضدّها.

ويرى المحلل: "بعد أقل من أسبوع، ربما يكون المجهود الحربي الإسرائيلي قد بلغ منتهاه فإسرائيل وحدها لا تستطيع تحقيق هدفيها الرئيسيين حيث يتطلب إنهاء البرنامج النووي الإيراني في المدى القريب قدرات عسكرية لا تمتلكها إسرائيل. ويُشير تاريخ المنطقة بقوة إلى أن إحداث تغيير في النظام بالقوة في إيران لن يكون سهلًا، وقد لا يُحقّق النتيجة المرجوّة؛ لذا سيعتمد ما سيحدث لاحقًا على الطرفين الرئيسيين الآخرين في هذا الصراع وهما: الولايات المتحدة وإيران".

وأكد الكاتب أن السياسة الأمريكية اتسمت حتى الآن بالتذبذب؛ إذ عارضت واشنطن العمل العسكري الإسرائيلي قبل أن تبدو وكأنها تقبله، بل وتنسبه إلى نفسها. كما زودت واشنطن إسرائيل بالأسلحة وساعدت في حمايتها من أي رد انتقامي، لكنها لم تنضم إلى العمليات الهجومية الإسرائيلية. وحاولت التوصل إلى تسوية دبلوماسية، وعقدت خمس جولات من المحادثات مع المسؤولين الإيرانيين، ثم تراجعت. والآن.

يطالب الرئيس دونالد ترامب إيران بالاستسلام غير المشروط. وحاليًا، تناقش إدارة ترامب ما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة مهاجمة المنشأة النووية الإيرانية تحت الأرض خاصة في مفاعل فوردو النووي، الذي لا يمكن اختراقه إلا بقنابل ثقيلة وكبيرة الحجم خارقة للتحصينات تحملها قاذفات بي-2، وهي ما لا تمتلكها إسرائيل.

وأعاد ريتشارد هاس في مقاله إلى الأذهان وقائع حدثت في أوائل التسعينيات من القرن الماضي حيث فكرت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في مهاجمة البرنامج النووي لكوريا الشمالية عندما كان ضعيفًا ولا يزال في مراحله الأولى. لكن في النهاية، أحجمت الولايات المتحدة عن ذلك، خوفًا من أن يؤدي مثل هذا الهجوم إلى إشعال حرب كورية ثانية، حرب من شأنها أن تؤدي إلى سقوط عشرات، إن لم يكن مئات الآلاف من الضحايا الكوريين الجنوبيين والأمريكيين. كان قرارًا مفهومًا، لكنه جاء بتكلفة كبيرة على المدى الطويل إذ صارت تمتلك كوريا الشمالية اليوم عشرات الأسلحة النووية إلى جانب الصواريخ الباليستية العابرة للقارات لإيصالها إلى البر الرئيسي الأمريكي.

وأضاف الكاتب: "الجانب السلبي لهجوم أمريكي على إيران لا يُقارن، إذ لا تستطيع إيران أن تفعل أكثر بكثير ضد إسرائيل مما تفعله بالفعل. لكن إيران قد تهاجم القوات الأمريكية البالغ عددها 40 ألف جندي المتمركزة في جميع أنحاء المنطقة. كما يمكن لطهران أن توسع نطاق الحرب وتختار تهديد علاقاتها التي تحسنت مؤخرًا مع دول الخليج ومهاجمة جيرانها العرب، مما يؤدي في هذه العملية إلى ارتفاع أسعار الطاقة العالمية".

وبحسب رأى الكاتب، "ستضعف الضربة الأمريكية على فوردو أيضًا المعايير الدولية ضد الهجمات العسكرية الوقائية، وهو أمر قد تختار روسيا والصين وكوريا الشمالية محاكاته. وسيقلل ذلك من قدرة أمريكا على الاستجابة بفعالية للتحديات العسكرية في أماكن أخرى. ومن شأنه أن يُقرّب الولايات المتحدة من رئيس وزراء إسرائيلي غير محبوب على الإطلاق، الذي أثارت سياساته في غزة والضفة الغربية المحتلة غضب الكثير من العالم. ومن غير المؤكد أن ينجح أي هجوم أمريكي إذا عُرّف النجاح بأنه تدمير كل ما تبقى من البرنامج النووي الإيراني".

لكن السماح لمنشأة فوردو بالبقاء يجعل من المرجح جدًا أن تتمكن إيران عاجلًا وليس آجلًا من إنتاج أسلحة نووية، وهو أمر من المرجح أن تراه ضروريًا في أعقاب فشلها في ردع إسرائيل في الأزمة الحالية.

وتابع الكاتب أن إسرائيل وحدها قادرة على إبطاء هذه النتيجة، لكنها لن تمنعها. وإذا ظهرت إيران مسلحة نوويًا، فإنها ستشكل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل وغيرها. كما ستكون في وضع أفضل لاستئناف دعم وكلائها الإقليميين. كما أن امتلاك إيران لسلاح نووي من شأنه أن يدفع عددًا من الدول الأخرى في المنطقة إلى أن تحذو حذوها، مما يضع الشرق الأوسط على حافة خطر شديد.

وأخيرًا، ذكر الكاتب أنه بالفعل لا يوجد خيار سهل دون سلبيات وقد يكون أفضل مسار عمل لترامب الآن هو منح إيران فرصة أخيرة لقبول اتفاق دبلوماسي، مضيفا أن مثل هذا الاقتراح يتطلب من إيران أن توافق على تسليم كل اليورانيوم المخصب لديها وتفكيك أجهزة الطرد المركزي والعناصر الأخرى المعروفة في برنامجها النووي والموافقة على عمليات التفتيش المفتوحة من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

كما يشمل هذا العرض تخفيف العقوبات الاقتصادية عن إيران وسحب التهديد الأمريكي بالهجوم ووقف إطلاق نار أوسع وآلية لحفظ ماء الوجه يمكن لإيران من خلالها المشاركة في اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم مرتبط بتوليد الطاقة النووية، وليس الأسلحة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ما معنى قوله تعالى "واتقون يا أولي الألباب"؟.. رئيس جامعة الأزهر يوضح
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل