في الوقت الذي تتصاعد فيه المواجهات بين إيران وإسرائيل، وتتحول المنشآت النووية إلى أهداف مباشرة في ساحة الصراع، يلوح في الأفق سؤال مرعب يتجاوز الجغرافيا والمصالح: هل يمكن أن يكسر الحاجز النفسي والقانوني ويستخدم السلاح النووي في هذه الحرب؟
رغم أن السلاح النووي ظل لعقود محاصرا داخل أطر الردع والتهديد، إلا أن الضربات المتكررة على مواقع نووية إيرانية، والردود الإيرانية المتصاعدة، تعيد فتح الملفات القديمة حول مشروعية الضرب النووي، وإمكانية تحوله من "كابوس محتمل" إلى "واقع مدمر".
هنا يتساءل كثير من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي:
هل هناك قوانين تحكم استخدام السلاح النووي بين الدول؟
نعم. استخدام السلاح النووي يخضع لعدة قوانين واتفاقيات دولية، أهمها:
1_معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT)، التي تنص على عدم تصنيع أو نقل أو استخدام الأسلحة النووية إلا في ظروف دفاعية قصوى.
2_القانون الدولي الإنساني، الذي يُجرّم أي استخدام للأسلحة ذات التأثير غير التمييزي، مثل النووي، لما يسببه من دمار شامل للمدنيين والبيئة.
3_قرارات مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تتابع وتحذر من أي تحركات غير مشروعة في هذا الملف.
4_إضافة إلى ذلك، تضع بعض الدول "تعليمات إطلاق نووي" داخلية صارمة، لا تسمح باستخدامه إلا في حال وجود تهديد وجودي واضح ومباشر.
إسرائيل وإيران.. ما مدى احتمالية الضربة النووية؟
إسرائيل تحتفظ بما يعرف بـ الغموض النووي، لكنها فعليًا تمتلك ترسانة تقدر بـ80-100 رأس نووي.
إيران حتى الآن لا تملك سلاحا نوويا، لكنها تتهم بالسعي لتطويره، خاصة بعد انهيار الاتفاق النووي.
السيناريو الأخطر أن تقوم إسرائيل باستخدام "سلاح نووي تكتيكي" في حالة شعورها بتهديد وجودي.
أما إيران، فقد تلجأ إلى ضرب منشآت نووية إسرائيلية (مثل مفاعل ديمونا) أو الرد عبر حلفائها في المنطقة.
ماذا لو حدثت الضربة؟ وما تأثيرها على مصر؟
رغم بعد المسافة جغرافيا مصر تبعد عن إيران أكثر من 2200 كم، إلا أن التداعيات قد تصل بشكل غير مباشر وخطير:
✓بيئيا:
استهداف مفاعل نووي قد يؤدي إلى تسرب إشعاعي يحمل في طياته رياحًا ملوثة قد تصل إلى دول الجوار، خاصة في حال هبوب الرياح الغربية.
✓اقتصاديا:
أي تصعيد نووي سيؤدي إلى ارتفاع هائل في أسعار الطاقة والذهب، ما يشكل ضغطا مباشرا على الأسواق المحلية في مصر والمنطقة.
✓ أمنيا:
حالة الفوضى الناتجة عن التصعيد قد تدفع جماعات إرهابية للتحرك، خاصة في مناطق مثل سيناء، ما يشكل تهديدا لأمن مصر الداخلي.
✓ صحيا:
التلوث الإشعاعي لا يتوقف عند نقطة الضربة، بل يمتد لأميال في الهواء والماء والتربة، وقد تظهر آثاره الصحية على المدى الطويل حتى في دول غير مشاركة في الصراع.
لماذا يعد استخدام النووي خطا أحمر دوليا؟
1. غير مميز: لا يمكن حصر أثره على الأهداف العسكرية فقط، بل يقتل المدنيين ويدمر البيئة.
2. أثره يمتد لأجيال: من التشوهات الجينية إلى أمراض السرطان والتلوث طويل الأمد.
3. عزلة دولية: الدولة التي تبادر بالاستخدام ستواجه عقوبات وردود أفعال قد تشمل تدخلا عسكريا أو تحالفات مضادة.
4. تفكك المنظومة الدولية: استخدام النووي يهدد بانهيار النظام العالمي القائم على الردع والتوازن.
ختاما.. النووي ليس مجرد سلاح، بل لعنة بشرية مغلفة بالتقنية، ورغم أن احتمالية استخدامه ما زالت ضئيلة، إلا أن الصراع المتصاعد بين إسرائيل وإيران قد يجعل من "المستحيل" احتمالًا قائمًا، يضع كل دول المنطقة بما فيها مصر أمام واقع لا يُحتمل.