قنبلة الديون الأمريكية.. ماذا سيحدث للعالم؟

قنبلة الديون الأمريكية.. ماذا سيحدث للعالم؟
قنبلة
      الديون
      الأمريكية..
      ماذا
      سيحدث
      للعالم؟

في وقت يعيش فيه الاقتصاد العالمي حالة من الترقب والحذر، تتجه الأنظار إلى الولايات المتحدة، ليس بسبب قوة اقتصادها أو سياساتها النقدية فحسب، بل بسبب ما يُطلق عليه اليوم بـ"قنبلة الديون الأمريكية" التي تزداد انتفاخًا وتوشك على الانفجار.

 فمع تجاوز الدين العام الأمريكي حاجز 36 تريليون دولار مطلع عام 2025، بدأت أصوات التحذير تتعالى من تداعيات قد تهز استقرار النظام المالي العالمي بأسره.

ديون متراكمة بأرقام غير مسبوقة
وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية، فقد بلغ الدين العام الأمريكي حوالي 36.2 تريليون دولار في فبراير 2025، مقارنة بـ34 تريليونًا في نهاية 2023. وتشير توقعات مكتب الميزانية بالكونغرس إلى أن الدين قد يصل إلى 50.7 تريليون دولار بحلول 2034، ما يمثل تقريبًا 200% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.

ويرجع هذا التصاعد الحاد إلى الإنفاق الحكومي الضخم خلال جائحة كورونا، إضافة إلى تراكم العجز المزمن في الموازنة، وتراجع الإيرادات الضريبية، فضلًا عن تكلفة الفوائد المتزايدة على الديون، والتي أصبحت تمثل أكثر من 15% من الموازنة الفيدرالية، متجاوزة حتى نفقات الدفاع.

الأسواق العالمية على خط النار
مع ارتفاع الدين، تزداد شكوك المستثمرين حول قدرة الولايات المتحدة على الوفاء بالتزاماتها، وهو ما انعكس بوضوح في قرار وكالة "موديز" بخفض التصنيف الائتماني لأمريكا من Aaa إلى Aa1 في مايو 2025. هذه الخطوة دفعت الكثير من المستثمرين إلى تقليص حيازاتهم من السندات الأمريكية، حيث باع المستثمرون الأجانب أذونًا وسندات بقيمة تتجاوز 40 مليار دولار خلال أبريل وحده.

وترافق ذلك مع تراجع قيمة الدولار بنسبة تقارب 10% منذ بداية 2025، في ظل اتجاه الأسواق نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب، الذي تجاوز سعره 3,450 دولارًا للأونصة، ومستوى غير مسبوق منذ عقود.

تداعيات محتملة تهدد الاقتصاد العالمي
أولاً – التضخم العالمي: ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية يؤدي إلى انتقال موجات تضخم إلى الأسواق الناشئة والدول النامية، عبر ما يُعرف بـ"الفائدة المستوردة"، ما يرفع تكلفة القروض ويضع ضغوطًا على الموازنات العامة.

ثانيًا – ركود اقتصادي محتمل: مع اضطرار الفيدرالي الأمريكي للإبقاء على أسعار فائدة مرتفعة لمواجهة التضخم وتمويل الدين، يتباطأ النشاط الاقتصادي داخل وخارج الولايات المتحدة، ويزيد خطر الركود العالمي.

ثالثًا – تآكل الثقة بالدولار: إذا استمرت الضغوط على العملة الأمريكية، قد يتسارع التوجه العالمي نحو تنويع احتياطاته من النقد الأجنبي، واللجوء إلى عملات بديلة كاليورو واليوان، ما يضعف هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي.

رابعًا – أزمة في الأسواق الناشئة: الدول النامية المعتمدة على الاقتراض بالدولار ستواجه صعوبات في سداد ديونها، ما ينذر بموجة من الأزمات المالية على غرار ما حدث في الأرجنتين وسريلانكا.

ما الخيارات المتاحة أمام واشنطن؟
رغم خطورة الوضع، لا تزال الولايات المتحدة تمتلك بعض أدوات المناورة، أهمها:

خفض الإنفاق العام، لا سيما في برامج الدعم والرعاية الاجتماعية.

زيادة الضرائب، خاصة على أصحاب الدخول المرتفعة والشركات الكبرى.

إصلاح شامل للسياسات المالية لكبح نمو الدين وضبط العجز.

تشجيع النمو الاقتصادي لرفع الإيرادات وتقليل نسبة الدين للناتج المحلي.

لكن تطبيق هذه السياسات يواجه عقبات سياسية كبيرة، في ظل انقسام الكونغرس واستعداد البلاد لدخول موسم انتخابي ساخن في 2026.

الخبراء يحذرون: "أزمة قلبية مالية تلوح في الأفق"
يحذر خبراء اقتصاديون عالميون مثل ري داليو وكين روجوف من أن الولايات المتحدة تسير نحو "أزمة قلبية مالية"، قد تحدث خلال السنوات الخمس المقبلة إذا لم يُتخذ مسار تصحيحي جاد. بينما وصف المستثمر الشهير جيفري غوندلاش الوضع الحالي بأنه "موعد مع حساب عسير"، مؤكدًا أن الأسواق بدأت بالفعل "بيع أمريكا
قنبلة الديون الأمريكية ليست مجرد أزمة محلية، بل هي تهديد عالمي حقيقي. فكل دولة، وكل مؤسسة، وكل مستثمر، يتأثر مباشرة بما يحدث في قلب النظام المالي العالمي. وإذا لم تبدأ واشنطن في التعامل الجاد مع هذا التحدي، فإن العالم قد يواجه واحدة من أعنف الأزمات الاقتصادية منذ الكساد الكبير.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق تحليل إستراتيجي لمآلات العدوان الإسرائيلي على إيران
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل