مصر تضع كلمة النهاية لأكاذيب (عسل إسود!)

مصر تضع كلمة النهاية لأكاذيب (عسل إسود!)
مصر
      تضع
      كلمة
      النهاية
      لأكاذيب
      (عسل
      إسود!)

(1)

ما حدث فى الأيام القليلة الماضية فى مطار القاهرة، وبعض منافذها الحدودية، وصورة جوازات السفر الملقاة على أرضية المطار لم يكن حدثا عاديا، لكنه كان نهاية مصرية رسمية لما يمكن أن نطلق عليه عصر (فن ترويج الأكاذيب ومحاولة غرس أفكار بين المصريين تحط من الهوية المصرية). الذين يعملون فى مجالى خاصة منذ سنوات حكم مبارك يعلمون جيدا أن ما كان يتم ترويجه عبر عشرات الأعمال السينمائية لم يكن إلا مجرد دعايات سلبية كاذبة أو ترويجا لأفكار ومشاعر وعقد نفسية تخص أصحابها، ولا مجال لصحتها على أرض الواقع. يختزن كل منا فى سنوات عمله على الأقل موقفا واحدا يثبت كذب هذه الدعايات. لدىّ بشكلٍ شخصى عدة مواقف فى حوالى ثلاثة عقود تثبت سقوط أكاذيب الذين حاولوا غرس مشاعر الإحساس بالدونية بين المصريين. 

لم تنحنِ الدولة المصرية أمام صاحب أى هوية غربية، ولم يتم لى ذراعها وكانت تتعامل دائما كأى دولة ذات سيادة. والهوية الأمريكية يحظى أصحابُها بمكانة دولية مميزة حتى فى الدول الأوربية. لقد شهدتُ بنفسى كيف يتعامل الأوربيون فى بعض مواقف الصدام العادى مع أصحاب تلك الهوية. تاريخ محاولات الحاصلين على جنسيات غربية الضغط على الدولة المصرية ليس جديدا على الإطلاق. ولقد تعاملتْ الدولة المصرية مع مشاهد مماثلة كثيرة جدا منذ عقد الثمانينات. مسمى (نشطاء داعمون للحقوق الفلسطينية) الذى تم منحه لهذه الآلاف من حاملى الجنسيات الغربية لمحاولة استخدامهم سياسيا ومخابراتيا ضد الدولة المصرية هو اللافتة الجديدة. 

(2)

أما اللافتة القديمة التى تم استخدامها فى عقدى الثمانينات والتسعينات فكانت تحمل مسمى (نشطاء الحركات المدنية والحقوقية) للدفاع عن حقوق المعارضين السياسيين فى مصر، ثم تم تطوير المصطلح فيما بعد ليكون أكثر وقاحة (لدعم التحول الديمقراطى) فى الشرق الأوسط. نفس الفكر والخطط القديمة لكن بمفردات أكثر تحديثا وعصرية. فى عقدى الثمانينات والتسعينات وتحت هذا المسمى منحت دول غربية قوية جنسيتها لأعضاء وقادة لجماعات دينية متطرفة وإرهابية، وبعضهم كان مدانا بالفعل بارتكاب جرائم فى مصر استطاعوا الهرب ثم لجأوا لتلك الدولة التى لم يوجد بين مصر وبينها بروتوكولات تسليم جنائية لهذا السبب تحديدا. لقد منحتْ بعضَهم منابرا إعلامية  بمسمى مراصد إعلامية – على غرار رصد - ومرتبات شهرية، ومنحتهم الحرية فى ممارسة أنشطتهم فيما يسمى بالمراكز الإسلامية الأوروبية. كان الهدف وقتها واضحا جدا.. إعداد عملاء وتدريبهم لاستخدامهم ضد الدولة المصرية. 

من عاصمة هذه الدولة وغيرها من العواصم الغربية كان يُكتب ما يسمى بنشرات وتقارير حقوق الإنسان التى لم تكن سوى منشورات على غرار كتاب زينب الغزالى، ثم يتم ترجمتها ونشرها فى وسائل الإعلام، وأحيانا كان حد الوقاحة يصل إلى تقديم احتجاجات دبلوماسية رسمية على ما يرد فى هذه النشرات التى يعرفون جيدا أن من كتبها لم يكونوا سوى ضباط مخابرات من جنسية بعينها. مواطنو هذه الدولة ممن يهتمون بالشأن السياسى أو من علموا فى مصر يعرفون ذلك جيدا. 

حين كان مبارك يريد كشف هذا بشكلٍ رسمى على مستوى رئيس الدولة، كان يتحدث صراحة عن خطورة هذه الممارسة على دول أوروبا، وأنها فى يوم من الأيام سوف تكتوى هذه الدول من هذه السياسة حين يخرج بعض هؤلاء عن سيطرة من يمنحونهم الملجأ والمال والحماية. وكان من وقتٍ لآخر يطلب من الدول الأوربية التعاون بشكلٍ حقيقى المشاركة فى التصدى للإرهاب، ويناشد تلك الدول أكثر من مرة الموافقة على إقامة مؤتمر دولى للإرهاب. أعتقد أنه كان يعلم موقف هذه الدول جيدا، وأن نداءه لم يكن سوى إعلان معرفة الدولة المصرية بما يجرى خلف الغرف المغلقة السرية. 

(3)

فى هذين العقدين كان العملاء الغربيون – تحت مسمى نشطاء الحركات المدنية والحقوقية – يزورون مصر بالفعل ويحاولون الضغط على مصر عبر إجراء مقابلات – أحيانا بمشاركة من بعض من يحسبون أنفسهم من المعارضة السياسية اليسارية تحديدا – مع أساطين الجماعات الدينية المتطرفة. كانت تحركاتهم تحت رصد الأجهزة المصرية.

لدى تجربة شخصية فى العام الأول من عملى. كنت مع عدة زملاء مرشدا لمجموعة كبيرة متعددة الجنسيات على متن أحد الفنادق العائمة عام 96م. عرفت أنهم مشاركين فى مؤتمر دولى فى القاهرة وأن الرحلة كانت بعد المؤتمر. كان بعض المشاركين شخصيات هامة كزوجة رئيس إحدى الدول. رغم أن المؤتمر لم يكن سياسيا، لكن سُئلتُ أسئلة سياسية كثيرة. كان مع المجموعة بعض المرافقين المصريين. رجالٌ يتمتعون بوسامة وشياكة (حسين فهمى استايل)..المفاجأة التى عرفتها فى اليوم الأخير هوية هؤلاء المصريين، والمفاجأة الأكبر والأهم أن أحدهم شكرنى فى اليوم الأخير - بشكل منفرد وقبل مغادرتى مباشرة حيث لا مجال لحوارٍ ممتد - على ردودى على الأسئلة السياسية قائلا (أنت فاهم كويس على فكرة). رغم أن الحوارات كلها لم يكن أحد هؤلاء الوسماء حاضرها! فهمتُ مبكرا جدا معنى عبارة أن (مصر متأمنة!)

(4)

فى المشهد السياسى الحالى، وبعد أن احترقت ورقة المعارضين السياسيين وبدت هذه اللعبة مكشوفة تماما، تم مؤخرا ابتكار مسميات جديدة مرنة تتغير مع مستجدات المشاهد السياسية. ومنها هذا المسمى الذى تم ابتكاره وتفعيله على عجل (نشطاء للتضامن مع غزة)، رغم أن غزة يتم دهسها منذ ما يقرب من عامين ورغم أن أطفال (كجى تو) يعرفون الآن من تضامن ومن تخلى ومن ساند ومول الكيان وما يزال! اعتقدوا أن فكرة ترصيع القافلة العربية الإخوانية بجوازات سفر غربية يمكنها أن تجعل الدولة المصرية تراجع قرارها المعروف مسبقا. وأيضا حين يكون اعتصام هؤلاء أمرا واقعا تصبح حمايتهم – حسب هذا الوهم – واجبة على الدولة المصرية. كان الهدف خلق بؤرة اعتصام أجنبية! لذلك كانت المشاهد التى رأيناها - والتى استعظمها كثيرٌ من المصريين الذين سقطوا فى العقود السابقة ضحايا للأفكار التى روجها هذا الفن السينمائى الساقط - لها أهمية قصوى. 

(5)

على مدى ثلاثة عقود على الأقل عانت مصر من دعاية فنية ساقطة، تطوع بتقديمها لأعداء مصر التاريخيين صناعُ مجموعة ضخمة من الأفلام السينمائية وبعض المسرحيات الشهيرة. ولا يمكننا القطع بتعمد هؤلاء تقديم تلك الدعاية، وأعتقد أن كثيرا منهم قد سقطوا فى الفخ جهلا منهم بقيمة الفن فى صياغة وعى الشعوب، أو لجهلهم بتاريخ الشعب المصرى، وأخيرا ربما لجهلهم بما يدور حولهم سياسيا فى محيط مصر الإقليمى. 

سقوطُهم كان نتيجة منطقية لمعضلة كبرى تعانى منها مصر فى كثيرٍ من نخبها الفنية والثقافية والإعلامية، وهى عدم أهلية كثيرٍ من أفراد هذه النخبة معلوماتيا وثقافيا لما وجدوا فيه أنفسهم من مكانة وجماهيرية. نلاحظ أن كثيرا ممن شاركوا فى هذه الأعمال السينمائية قد اقتحموا هذا المجال إما من باب الوراثة المباشرة، أو من باب اللهث خلف الشهرة والثروة من أسهل أبوابها وهو تقديم أعمال كوميدية مبتذلة تستغل فقط صعوبة الجوانب الحياتية للمصريين وتختلق مواقف أشبه بالإفيهيات بعيدا عن تقديم عمل درامى محكم. 

يمكن القول أن من قص شريط تقديم هذه المشاهد التى تجرح وتضرب مباشرة فى الشخصية المصرية هم بعض كبار فنانى مصر خاصة زعماء الكوميديا. ففى مشهدٍ بلغ ذروة الانحطاط فى مسرحية شهيرة سمعنا هذه العبارة (لو كل واحد عزل علشان تحته واحدة رقاصة البلد كلها هتبات فى الشارع)، كان الممثل يتسول ضحكات الجالسين أمامه وبعضهم قطعا لم يكن مصريا، وكانت هذه العبارة فى هذا السياق – التحقيق فى مقتل راقصة تستضيف كل يوم رجلا فى منزلها - هى ذروة السقوط والتطوع بغرس هذا النصل فى شرف الشخصية المصرية. 

لا يمكن الاعتراض على أية أعمال كوميدية تتناول المعاناة الاقتصادية، لكن ما حدث فى عملٍ كوميدى آخر تم تقديمه منذ حوالى عامين – قام ببطولته ممثلٌ كوميدى شهير كان يقدم نفسه فى العقود الأخيرة كمنظر أخلاقى - لا يمكن تقبله على أنه عمل كوميدى إطلاقا وإنما إهانة للمصريين الذين تم وصفهم بالحمير الذين يتم ضربهم بالسياط. تكريسٌ متدنٍ لفكرة دعائية سلبية كاذبة كان يتم العمل على بثها فى سنوات مبارك الأخيرة بأن المصريين يُساقون بالسياط. وحين نضع هذا العمل فى سياقه الزمنى - الذى كانت مصر تنفق كثيرا من دخلها فى صد مواجهات عدائية ومحاولة بناء بنية تحتية لفتح شرايين جديدة للاقتصاد المصرى - يتضح بجلاء أن هذا العمل كان طعنا صريحا فى الدولة المصرية فى ذروة مواجهتها عدوا خارجيا. وما ضاعف من إثم صناع العمل أن بطله كان ممن يتم تصنيفهم كفنان مثقف.

(6)

ثم نصطدم بمجموعة من الأفلام السينمائية قدمها بعض شلة من أطلقوا على أنفسهم نجوم السينما النظيفة، تقريبا لم يخلُ عملٌ من الأعمال المعروفة منها دون مشهدٍ أو أكثر من تلك المشاهد التى يمكن اعتبارها لأول وهلة من المشاهد العابرة، لكن فى العلوم الحديثة التى تدشن لكيفية تمرير أفكارٍ بعينها، نعرف بسهولة أن هذه الأعمال لم تكن نظيفة وطنيا إطلاقا. لأنها ساهمت - قصدا أو جهلا أو تنفيثا عن أحقاد مجتمعية لدى بعض صناعها – فى غرس مشاعر دونية لدى بعض قطاعات من المصريين الذين كان بعضهم فى حالة معاناة اقتصادية أضعفت مقاومته لتقبل تلك الدعايات النفسية. 

يمكن أن نطلق على هذه الأعمال فى تلك السنوات - الممتدة منذ أواخر الثمانينات وحتى ما قبل المشاهد الحقيقية الأخيرة التى أشرت إليها وعلى رأسها مشهد جوازات السفر الغربية على أرضية مطار القاهرة – بأنها عصر فن (عسل إسود). لأن هذا الفيلم هو الذى احتوى على أكثر عدد من المشاهد التى حاول صناعها بشتى الطرق أن يغرسوا تلك الفكرة فى الوجدان المصرى عن قوة جواز السفر الأجنبى لمواطن مصرى مجنس والاستماتة فى إثبات – فى صورة موازية – تهافت جواز السفر المصرى. مشاهد مبتذلة، وكأن صناعَ الفيلم كانوا يقومون بتنفيذ مهمة محددة! حتى الكلب يحنى رأسه فى انكسارٍ أمام قوة جواز السفر الأجنبى هذا! والراقصة الشهيرة التى تقوم بتوزيع اللحوم كصدقة.. حين يبادرها بقوله أنا مصرى فترد بتلقائية (تبقى غلبان وتاخد اللحمة وانت ساكت!)

(7)

تم الخلط عمدا بين فكرتين، الأولى تخص بعض العاملين فى السياحة الذين يفضلون التعامل مع من لديهم العملة الصعبة، وخاصة الدولار. وهذا ليس مقصورا على مصر، فتقريبا كل الدول السياحية فى المنطقة لديها نفس الظاهرة، ولا علاقة لذلك بقوة جواز السفر ولا حامله على أرض تلك الدول، إنما المهم هنا هو المكسب المادى فقط ولا غير. أما الفكرة الثانية فهى التى عمل هذا الفيلم على غرسها فى التربة المصرية. ولم يمنع أو يخفف فظاظتها تلك المشاهد عن انبهار المواطن المجنس السمج ببعض التفاصيل المصرية الشعبية.

فى فيلم آخر لممثل آخر عن قصة شاب من أسرة لصوص فشل فى أن يكون لصا فسافر إلى الصين فى مسابقة طهى..مشهد فى نهاية الفيلم وهو يحاول إقناع الفتاة الصينية بالعودة معه إلى مصر يحدثها عما استطاع الحصول عليه من دولارات..فيقول (الدولار لما سبت مصر كان مش فاكر كام بس زمانه دلوقتى بقى بألفين جنيه!) هذا الممثل أفلامه تمثل أكثر مستويات السذاجة الفكرية والفقر فى المحتوى، ويعمل دائما على محاولة (حشر) وهم الوحدة العربية فى كل أعماله بصورة تقرب للعته الفكرى. ومن قمة تناقضه إصراره على حشر هذه المشاهد السياسية وإقحامها فى أى عمل، وفى نفس الوقت لم يقم بأى عمل يدشن لتحمسه لقضايا سياسية مصرية.

مشهد من فيلم آخر تم إقحام مشهدٍ غريب به.. مظاهرة عمال يشارك بها بطل الفيلم المريض بفقدان الذاكرة..يتم إخراجه ثم يقوم رجل الأمن باستكمال استجواب الباقين. فيصفع أحدهم بطريقة مهينة بعد قوله أنا مصرى.. وهكذا فى أعمال كثيرة لا يمكن حصرها جميعا هنا يتم الإلحاح على المشاهد بمشهدٍ أو أكثر لتكريس هذه الأكذوبة الوقحة!

(8)

أنا أعلم يقينا – كما يعلم غيرى من العاملين فى قطاع السياحة – أن ما روجه صناع هذه الأعمال الفنية عبارة عن مجموعة أكاذيب لا وجود لها حين نتحدث عن الدولة المصرية وطريقة تعاملها مع مواطنيها مقارنة مع الغربيين مهما تكن دولة هذا الغربى. بصفة عامة وعلى مستوى العالم هناك حسابات خاصة فى التعامل مع الأجانب أثناء تواجدهم على أرض أى دولة بغض النظر عن جنسية الأجنبى. ولهذا وجدت السفارات والتمثيل الدبلوماسى. وجود أداء دبلوماسى سيىء تجاه بعض مواطنى مصر بالخارج فى عقدى الثمانينات والتسعينات لم يكن سياسيا أو نابعا من عدم احترام باقى الدول للهوية المصرية، إنما يمكن فهم ذلك بشكله الصحيح الواقعى حين نضعه فى موضعه مع جملة أداء بعض أركان دولة مبارك. لكن يجب أن نتذكر أنه - وفى نفس الفترة - لم تنحنِ هذه الدولة أمام ابتزاز حاملى الهويات الغربية ممن كان يطلق عليهم (نشطاء الحركة المدنية والحقوقية من عملاء). 

كما أن بعض الدول تولى أصحاب هويات دول بعينها اهتماما خاصا لوجود مصالح مشتركة أو علاقات قوية مثل ما تمنحه مصر من مواطنى الدول العربية من مزايا مثل اعتبارهم مصريين فى رسوم دخول المناطق السياحية. فمصر – وبشكل واقعى – تعامل مواطنى الدول العربية بشكل أفضل كثيرا وبه محاباة كبيرة مقارنة مع مواطنى الغرب! ومشهد إفراج مصر عن بعض عملاء منظمات تدعى أنها حقوقية فى عام 2011م يجب وضعه كجزء من أحداث سياسية استثنائية تمر بها مصر حيث حددت الدولة أهدافها العليا المتمثلة فى إنقاذ مصر من مخطط تم العمل من أجل تنفيذه سنوات طويلة. فى هذا السياق يكون طبيعيا جدا وحقا أصيلا للإدارة المصرية وقتها أن تعقد من الاتفاقات السياسية السرية أو العلنية ما تراه ضروريا لتحقيق تلك الأهداف العليا. فلم يكن ذلك الإفراج تنازلا أو ضعفا أمام هذه الجنسيات، إنما كان اتفاقا سياسيا مشروعا حصلت مصرُ بمقتضاه وقتها ما كان يتفق وخطتها فى مواجهة ذلك المخطط.

(9)

بعد ثورة يونيو، وكجزء من رؤية شاملة لإدارة الرئيس السيسى، قامت مصر بإعادة الحيوية لمؤسساتها داخل وخارج مصر، فشعر المصريون خاصة بالخارج بهذا الفارق الكبير فى تعاطى مصر مع مشاكلهم بقوة وإيجابية وسرعة أكثر من ذى قبل. هذا لا يعنى أن مصر قبل ذلك لم يكن لديها نفس الفكر المؤسسى فى العمل على رعاية مصالح أبنائها، لكن الأمر كان تغييرا شاملا فى أداء مؤسسات مصرية شاملة، كان تغييرا فى قوة وسرعة الأداء، ولم يكن تغييرا فى هوية وعقل الدولة فى التعاطى مع مواطنيها ومواطنى الدول الغربية. 

بقيت الفكرة الأخرى الأهم والأكثر حتمية على الدولة المصرية القيام بها، وهى ضرورة نسف – بشكل رسمى قوى - أكاذيب ودعايات عصر فن عسل إسود التى تم غرسها فى وعى كثيرٍ من المصريين. وساقت الأقدار  لمصر هذا المشهد التآمرى، فتعاملت معه بقوة، وانطبق قول (رب ضارة نافعة) على الموقف بشكلٍ مذهل. روج بعض المتآمرين بين بعضهم البعض هذه الدعاية وهذه الأكذوبة..(استعملوا جوازاتكم الغربية فمصر تخاف منها) وحسنا فعلوا بهذا الترويج، وحسنا فعلت الأقدار بتسريب هذا الترويج بين المصريين.. حيث جاء الرد المصرى الرسمى قويا حاسما ملقنا إياهم درسا مهما جدا ربما يستغرقهم ويستغرق محركيهم كثيرا من الوقت لاستيعابه. 

مشاهد (الدبدبة) على أرض مصر فى محاولة بالغة الاستفزاز لفرض مخططهم على مصر، والاستنطاع السياسى بنفس سوف وير جماعة الإخوان بمحاولة فرض تواجدهم على قطعة أرض مصرية تمهيدا لأن تكون (مسمار جحا) الخيانة والخونة، كل ذلك قامت مصر بتحويله إلى صفعات سياسية على أوجه من خطط ومول وتآمر وشارك. كان الرد المصري بالغ القوة التقطه عموم المصريين ليقوموا هم بأنفسهم بإعلان أنهم قد برأوا تماما من دنس هذه المشاهد الفنية الساقطة ومن صنعوها وبأنه قد حان الوقت لأن يعلن المصريون انتهاء عصر فن عسل إسود! اختاروا الاسم للإشارة إلى القتامة التى تلطخ مصر وجمالها أو عسلها. فجاءت المشاهد الحية الحقيقية لتعلن أن جمال مصر وعسلها ووجهها وثوبها بالغ النقاء والصفاء وأن هذا السواد والقتامة لا وجود له إلا فى عقول أو أرواح أو قلوب من صنعوا هذا الوهم وتلك الأكاذيب. ضيق ذات اليد فى وطن مثل مصر – كثيرٌ من خيرها جادت به وأثمن ما فيه الأرواح – ليس سوادا أو قتامة إنما شرف تزدان به. فهو ضيق ذات اليد للشرفاء وليس العكس. الآن يمكننا القول بيقينٍ.. أكثر وداعا أيها الفن الساقط..أنت ومن صنعك!

  

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق قبل نهائي كأس مصر.. تعرف على تاريخ مواجهات الزمالك وبيراميدز فى جميع البطولات
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل