أعرب خبراء الاقتصاد في مصر عن تفاؤلهم بعد اعتماد البرلمان الأوروبي القراءة النهائية لقرار شريحة الدعم المالي الثانية لمصر بقيمة 4 مليارات يورو، معتبرين هذا القرار خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار الاقتصادي المصري، في وقت يشهد فيه الاقتصاد المصري تحديات متعددة على المستويين المحلي والدولي.
وأعلن البرلمان الأوروبي عن اعتماده القراءة النهائية لقرار شريحة الدعم المالي الثانية لمصر بقيمة 4 مليارات يورو.
وأكد عدد من الخبراء لـ"الدستور"، أن شريحة الدعم المالي الثانية التي تم إقرارها من قبل البرلمان الأوروبي تأتي في توقيت بالغ الأهمية بالنسبة للاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أن الدعم البالغ 4 مليارات يورو يعد بمثابة فرصة مهمة للحكومة لتوجيه هذه الأموال نحو تنفيذ مشروعات استراتيجية تعزز من قدراتها الاقتصادية، وتوفر حلولًا عملية للمشكلات التي يعاني منها المواطن المصري في الوقت الراهن.
ويرى الخبراء أن هناك العديد من الفرص التي يمكن لمصر الاستفادة منها لتعزيز استقرارها الاقتصادي وتنمية قطاعاتها الحيوية، فمن خلال استغلال هذه الأموال في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة، وتحديث البنية التحتية، وتحسين النظام المالي، ستكون مصر قادرة على تعزيز قدرتها التنافسية على مستوى العالم، كما أن هذا الدعم يمثل بداية مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي بين مصر والاتحاد الأوروبي، حيث يمكن توقيع المزيد من الاتفاقيات التي تهدف إلى فتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية، وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
غراب: دعم الاتحاد الأوروبي لمصر يعكس الشراكة الاستراتيجية
في نفس السياق، قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إن اعتماد البرلمان الأوروبي بأغلبية كبيرة في جلسته المنعقدة في ستراسبورغ القراءة النهائية لقرار منح مصر الشريحة الثانية من حزمة الدعم المالي المقدمة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 4 مليارات يورو، يعد تأكيدًا على عمق العلاقات السياسية والاقتصادية والشراكة الاستراتيجية القوية بين مصر والاتحاد الأوروبي.
وأضاف غراب في تصريحات لـ"الدستور"، أن هذا الدعم يعكس تقدير الاتحاد الأوروبي لدور مصر الفعال في تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وجنوب البحر الأبيض المتوسط، وكذلك القارة الإفريقية، في ظل التوترات الجيوسياسية الراهنة.
وأكد، أن هذا القرار يأتي في وقت حساس، حيث تتصاعد التهديدات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، ما يعكس تقدير الاتحاد الأوروبي لمصر كداعم رئيسي للاستقرار الإقليمي، ويعكس كذلك أهمية الأمن المصري في مواجهة التحديات الإستراتيجية التي تواجهها المنطقة من كل الاتجاهات.
وقال غراب، إن الاتحاد الأوروبي يعترف بجهود مصر الكبيرة في الحفاظ على استقرار المنطقة وحماية مصالحه في مواجهة الأزمات، مشيرًا إلى أن مصر قد نجحت في منع تدفق الهجرة غير الشرعية إلى دول الاتحاد الأوروبي على الرغم من التوترات الأمنية والاقتصادية في المنطقة.
واستطرد: منذ عام 2016، لم يتم رصد حالة واحدة للهجرة غير الشرعية من مصر، رغم اشتعال الأوضاع في ليبيا والسودان وغزة موضحا أن مصر تمكنت من تحقيق ذلك بسبب استقراريها الأمني والسياسي، إضافة إلى كونها تستضيف حوالي عشرة ملايين لاجئ، وهو ما يُعد عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على الاقتصاد المصري.
وتابع غراب: مصر تمثل حائط صد لمنع الهجرة غير الشرعية إلى الاتحاد الأوروبي، بفضل الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي الذي تتمتع به، موضحًا أن دخول شريحة الدعم الأوروبي التي تبلغ قيمتها 4 مليارات يورو، سيؤثر بشكل إيجابي على الاقتصاد المصري، حيث ستعزز حصيلة النقد الأجنبي وتزيد من الاحتياطي النقدي في البنك المركزي، ما يساعد على سد الفجوة التمويلية التي تواجهها البلاد.
وأضاف أن هذا الدعم سيسهم في تعزيز استقرار الاقتصاد المصري في ظل التطورات الجيوسياسية الراهنة، مثل الحرب بين إيران وإسرائيل، وما لها من تداعيات اقتصادية محتملة على المنطقة، مؤكدًا أن الشريحة ستوفر العملة الصعبة للمستوردين والمنتجين، ما يساعد في زيادة الإنتاج المحلي وتحفيز قطاع التصنيع المحلي والتوسع في المشروعات القائمة، ما يؤدي إلى خفض معدلات التضخم.
وأشار غراب، إلى أن صرف الشريحة الثانية من الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي سيكون له تأثير إيجابي على استقرار السياسة النقدية، بالإضافة إلى تحسين سعر الصرف ودعم العملة المحلية، موضحًا: هذا الدعم يعطي رسالة طمأنة للسوق المحلية والمستثمرين، ويعزز الثقة في الاقتصاد المصري، ما يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، مضيفًا أن الدعم سيساعد في زيادة مرونة الاقتصاد المصري وتسريع الخطوات نحو تحقيق أهداف النمو الاقتصادي المستدام، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.
وأكد غراب أن الاتحاد الأوروبي يعد الشريك التجاري الأكبر لمصر، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين حوالي 37 مليار يورو في عام 2022. وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يعد أكبر مستثمر في مصر، بحجم استثمارات يبلغ حوالي 38 مليار يورو، وهو ما يشكل أكبر نسبة من الاستثمارات الأجنبية في مصر وفقًا للإحصائيات.
ولفت إلى أن هذا الدعم المالي يعكس رغبة الاتحاد الأوروبي في تعزيز التعاون الاقتصادي مع مصر، وزيادة استثماراته في مختلف القطاعات الاقتصادية، مضيفًا أن هناك رغبة قوية من الاتحاد الأوروبي في تعزيز التعاون مع مصر في مجال الطاقة، لا سيما فيما يتعلق بتوسيع استثماراته في قطاع الغاز الطبيعي، موضحًا أن مصر أصبحت مركزًا إقليميًا مهمًا للطاقة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث يتم تسييل الغاز الطبيعي في مصر وتصديره إلى دول الاتحاد الأوروبي، مضيفًا أن هذه العلاقة الاستراتيجية تسهم في تعزيز الأمن الطاقي الأوروبي، كما تفتح آفاقًا جديدة للتعاون بين الجانبين في المستقبل.
وأكد غراب أن الشريحة الثانية من الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الاقتصاد المصري ودعمه في مواجهة التحديات الاقتصادية الحالية، مضيفًا أن هذا الدعم يعكس قوة العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي، ويعزز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين في مختلف المجالات.
وأشار إلى أن التعاون المستمر مع الاتحاد الأوروبي في مجالات التجارة والطاقة والاقتصاد سيسهم في تعزيز الاستقرار والنمو الاقتصادي في مصر خلال السنوات المقبلة.
محمد سعد الدين: الدعم يعزز قطاع الطاقة ويعطي دفعة قوية للاستثمار
قال الدكتور محمد سعد الدين، رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصرية، إن قرار البرلمان الأوروبي بتخصيص 4 مليارات يورو كدعم لمصر يعد خطوة استراتيجية مهمة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
وأضاف سعد الدين في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن هذا الدعم سيسهم بشكل كبير في تعزيز قدرة مصر على مواجهة الأزمات الاقتصادية والتحديات التي فرضتها الأزمات العالمية والحرب في أوكرانيا، خاصة في قطاع الطاقة.
وأكد سعد الدين أن الدعم المالي سيعمل على تعزيز مشروعات الطاقة المتجددة في مصر، بما يتماشى مع خطط الحكومة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والتحول نحو مصادر الطاقة النظيفة، مضيفًا أن هذا المبلغ سيعزز قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها تجاه مشروعات الطاقة والبنية التحتية، ويعطي دفعة قوية للاستثمار في القطاعات الاستراتيجية.
عبدالمنعم السيد: دعم الاتحاد الأوروبي يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي
من جانبه، أكد الدكتور عبدالمنعم السيد، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن الدعم المالي الأوروبي سيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد المصري في المرحلة المقبلة، من خلال فتح آفاق جديدة للتعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي في مختلف المجالات الاقتصادية.
وأضاف السيد في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن هذا الدعم سيتيح للحكومة المصرية القدرة على تنفيذ إصلاحات اقتصادية إضافية، خصوصًا في المجالات المتعلقة بالقطاع المالي والاستثماري، ما يساعد على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وقال السيد إن الدعم سيتيح لمصر تنفيذ مشروعات كبيرة في قطاعات مثل البنية التحتية، التعليم، والصحة، ما يعزز قدرة الدولة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأشار إلى أن هذه الشريحة من الدعم تأتي في توقيت حساس، حيث يحتاج الاقتصاد المصري إلى هذه المساعدات من أجل مواجهة ارتفاع أسعار السلع الأساسية وضغط التضخم.
محرم هلال: الدعم الأوروبي يفتح قنوات تمويل جديدة ويحفز النمو
في حين، أوضح الدكتور محرم هلال، رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، أن قرار البرلمان الأوروبي يعد مؤشرًا قويًا على دعم المجتمع الدولي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبعه مصر.
وأكد هلال أن هذه الشريحة من الدعم ستكون بمثابة محفز للاقتصاد المصري، حيث ستفتح قنوات تمويل جديدة للمشروعات الكبرى، وخاصة تلك التي تهدف إلى تعزيز قدرة الاقتصاد المصري على التكيف مع التحديات العالمية.
وأضاف هلال أن الدعم المالي الأوروبي سيسهم في تحفيز نمو القطاعات الاقتصادية المختلفة، خاصة في مجال الصناعة والزراعة، حيث يعتبر هذا المبلغ أداة مهمة لدعم الشركات المصرية وتوسيع استثماراتها المحلية والدولية.
وأشار إلى أن توافر هذه الأموال سيساعد على خلق فرص عمل جديدة، ويسهم في تعزيز استقرار سوق العمل المصري.
خالد الشافعي: الدعم يساعد على استقرار الجنيه المصري وتعزيز الثقة في الاقتصاد
بدوره، أكد الدكتور خالد الشافعي، رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، أن هذا القرار يمثل علامة فارقة في تاريخ التعاون الاقتصادي بين مصر والاتحاد الأوروبي.
وقال الشافعي في تصريحات خاصة لـ"الدستور" إن الشريحة المالية التي أقرها البرلمان الأوروبي ستسهم في استقرار سعر الجنيه المصري وتخفيف الضغوط على الاحتياطي النقدي في البنك المركزي المصري، ما يسهم في تعزيز الثقة في الاقتصاد المصري.
وأعرب عن أمله في أن يساعد الدعم المالي في تخفيف آثار التضخم، حيث يمكن استخدام المبلغ في دعم السلع الأساسية وضمان استقرار الأسعار، وهو ما سيكون له تأثير إيجابي على المواطنين في مصر.
وأضاف أن الدعم سيمنح الحكومة المصرية مرونة أكبر في اتخاذ قرارات اقتصادية حاسمة، وسيسهم في تعزيز موقف مصر في محافل التمويل الدولية.