في حادث خطير قد يكون مقدمة لمرحلة جديدة من التهديدات العالمية، اصطدمت ناقلتان نفطيتان ضخمتان، هما "Adalynn" و"Front Eagle"، نتيجة تشويش إلكتروني غير تقليدي، بحسب ما نقلته تقارير دولية متطابقة، ورغم عدم تسجيل أي تسرب نفطي أو خسائر بشرية، إلا أن الرسائل الخفية وراء هذا الحادث تثير قلقا عالميا بالغا بشأن أمن الملاحة البحرية.
الهجوم الصامت.. سلاح المستقبل
وفي تصريح خاص لـ"الدستور"، قال المهندس شاكر الجمل، خبير أمن المعلومات، إن ما جرى هو "جرس إنذار شديد الخطورة"، مضيفا، أن الحروب اليوم لم تعد تعتمد على الأسلحة التقليدية، بل أصبحت حروبا إلكترونية تستهدف البنية التحتية الحيوية، خاصة تلك التي تعتمد على التكنولوجيا الرقمية في الملاحة البحرية.
وأشار الجمل، إلى أن نظم الملاحة الحديثة تعتمد بشكل شبه كلي على أنظمة مثل GPS والأنظمة الفضائية وأنظمة الملاحة اللاسلكية، مما يجعلها عرضة لهجمات إلكترونية دقيقة قادرة على إرباك مسارات السفن وتعطيل حركتها.
وكشف الجمل، أنه في محاولة للسيطرة على تداعيات الضربات وتقييد تدفق المعلومات، رصدت مؤسسة NetBlocks الدولية المعنية برصد حرية الإنترنت والأمان الرقمي ، تصعيدا رقميا من قبل السلطات الإيرانية، تمثل في حجب عدد كبير من خدمات الإنترنت، من بينها Google Play وApp Store، إلى جانب تطبيقات التواصل الشهيرة مثل Telegram وWhatsApp، بل وصل الأمر إلى حظر خدمات الـVPN.
ولفت إلى أنه بحسب المؤسسة، فإن السلطات الإيرانية بررت هذه الخطوة باتهام WhatsApp بالتجسس على المواطنين لصالح إسرائيل، حيث شهدت إيران، في تمام الساعة الثانية من صباح اليوم، انقطاعا شبه كلي للإنترنت في عدد من المناطق، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة لعزل الداخل الإيراني عن العالم الخارجي وسط التصعيد الأمني المتفاقم.
20% من النفط العالمي في مرمى التهديد
المثير للقلق أن هذه الحوادث تتزامن مع تصاعد القلق بشأن أمن الممرات البحرية، خاصة أن الممر البحري الذي وقع فيه الحادث ينقل ما يقرب من 20% من إمدادات النفط العالمية، مما يجعل أي تشويش إلكتروني أو قرصنة تقنية له تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي وأسواق الطاقة.
وحذر الخبير الأمني، من أن دولا مثل إيران باتت في صدارة الدول التي تمتلك ترسانة سيبرانية هجومية، مشيرا إلى أن طهران تعد من أخطر اللاعبين في مشهد الهجمات الإلكترونية عالميا، وقد تستخدم هذه القدرات لتعطيل ممرات حيوية أو شن ابتزاز إلكتروني له أهداف جيوسياسية.
واختتم الجمل حديثه بالتأكيد على أن الاستعداد لتلك المرحلة لا يكون إلا عبر تطوير أنظمة الملاحة وتحصينها ضد الاختراق السيبراني، داعيا الدول إلى اعتبار الأمن السيبراني البحري أولوية أمن قومي، وليس مجرد تحديث تقني.
البحر لم يعد آمنًا بالصواريخ فقط
ما حدث بين Adalynn وFront Eagle ليس مجرد حادث ملاحي عرضي، بل تجربة حية لما يمكن أن تفعله الحروب الإلكترونية في زمن الشبكات المفتوحة والأنظمة المعتمدة على الأقمار الصناعية.
ومع تصاعد المخاطر، تبقى الرسالة الأهم: أمن البحر هو اليوم جزء من أمن الفضاء الإلكتروني.