18 يونيو.. عيد الجلاء وخروج آخر عسكري إنجليزي من مصر في عام 1956.. رحلة كفاح من أجل الاستقلال

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يوافق اليوم الأربعاء، 18 يونيو من كل عام، احتفال مصر بعيد الجلاء، حيث شهد ذلك اليوم العظيم خروج آخر جندي بريطاني من مصر، وذلك من القاعدة البريطانية نيفين هاوس بمدينة بورسعيد الباسلة بمنطقة قناة السويس؛ وفقًا لاتفاقية الجلاء الموقعة في 19 أكتوبر عام 1954.

بداية الاستعمار

في عام 1881، تربصت أطماع الاستعمار بخيرات مصر، كانت بريطانيا العظمي في ذلك الوقت تقود القوى الاستعمارية الأوروبية للسيطرة على أجزاء واسعة من العالم، ولم يكن يرضيها قيام الثورة العرابية في مصر  في 9 سبتمبر 1881 على يد ابنها المخلص أحمد عرابي ضد الخديو توفيق، وهو أحد صنائعها، لذا كان تنفيذ سيناريو احتلال مصر ضرورة تمليها الأجندة الاستعمارية.

بدأت بريطانيا بتحقيق مخططها بقصف الأسطول البريطاني لمدينة الإسكندرية لمدة ثلاثة أيام متصلة في الفترة بين (11 يوليو – 14 يوليو 1882)، واقتحمت قوات البحرية المدينة وارتكب الجرائم والفظائع بحق أهلها والمناضلين المدافعين عنها، ثم توالت المعارك في كفر الدوار والقصاصين، وصولا لمعركة التل الكبير في 13 سبتمبر عام 1882، والتي انتهت باحتلال بريطانيا لمصر، وأصبحت قناة السويس، مقرًا لأكبر قاعدة عسكرية للاحتلال البريطاني لنحو 73 عامًا.

الجلاء التام أو الموت الزؤام

منذ ذلك الحين، رفع المصريون شعار "الجلاء التام أو الموت الزؤام" في جميع ثوراتهم وانتفاضتهم ضد الإنجليز، منذ الوقت الذي كان يقاوم فيه عرابي قوات الإنجليز في محاولة لصدهم ضد مواصلة تقدم الاحتلال، مرورا بخديعة دليسبس، وتستمر صفحات النضال الوطني على يد الزعيم الوطني مصطفى كامل الذي ندد بفظائع الاحتلال البريطاني في خطبه ومقالاته التي وصلت لأنحاء شتى من العالم، لا سيما بعد حادثة دنشواي عام 1906، ومن بعده واصل الزعيم محمد فريد النضال حتى توفي في منفاه بألمانيا

ثورة 1919

تجدد النضال مرة أخري إثر إعلان الحماية الإنجليزية على مصر عند اشتعال الحرب العالمية الأولى عام 1914، وخلع خديو مصر المحبوب عباس حلمي الثاني، لتخرج جموع المصريين منددة بتلك الخطوة وهم يهتفون "الله حي عباس جاي"، وتستمر صفحات النضال الوطني وتصل مداها حينما خرج المصريون في ثورة 1919 بقيادة زعيم الأمة سعد زغلول، وخلال هذه الثورة توحد عنصرا الأمة (المسلمون والمسيحيون) رافعين شعار (عاش الهلال مع الصليب) لدحر قوى الاستعمار وتحقيق الجلاء.

تصريح 28 فبراير 1928

استطاعت ثورات المصريين وانتفاضاتهم انتزاع تصريحًا هامًا من الإنجليز، يمثل خطوة أولى نحو طريق الجلاء، وهو تصريح 28 فبراير 1928، وبموجب هذا التصريح، انتهت الحماية البريطانية على مصر، وأصبحت مصر دولة مستقلة ذات سيادة (مع احتفاظ بريطانيا بقوات لها لتأمين مصالحها العسكرية والاقتصادية، مع حق الدفاع عن مصر ضد أي اعتداء خارجي).

هذا "الجلاء المنقوص" بانسحاب الإنجليز من الأراضي المصرية والبقاء في منطقة القناة وبعض المناطق الأخرى، لم يقنع المصريين ولم يرضوا به، وكان شعار "الجلاء" حاضرًا في كل مرة يخرج فيها المصريون للتنديد بفظائع الاحتلال.

اتفاقية 1936

جاء عام 1936، ليشهد توقيع المعاهدة البريطانية المصرية، المعروفة بمعاهدة 1936، والتى تقضي بانسحاب القوات البريطانية من سائر الأراضي المصرية باستثناء 10 آلاف جندي في منطقة القناة لحماية المصالح الإنجليزية، مع السماح بتحديث الجيش المصري، دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ عام 1937.

مظاهرات في عام 1947 و 1948

بعد خروج بريطانيا منتصرة من الحرب العالمية الثانية، انتفض الشعب المصري مرة أخرى ضد الإنجليز، خرجت المظاهرات عام 1947، خرج الشباب إلى الشوارع هاتفين بالجلاء، وأعلن ضباط الشرطة اعتصامهم بنواديهم في أكتوبر 1947 وأبريل 1948، حتى الملك فاروق نفسه رفع علم مصر فوق ثكنات قصر النيل بميدان التحرير، معلنًا جلاء الإنجليز عن القاهرة والإسكندرية في 31 مارس عام 1947.

هجمات الفدائيين بمنطقة القناة
وما انتهت حرب 1948، بهزيمة الجيوش العربية ونكبة فلسطين، حتى تواصلت أعمال الفدائيين ضد القوات الإنجليزية بمنطقة قناة السويس، وأُعلن الكفاح المسلح ضدهم.

حاول الإنجليز التفاوض مجددا مع حكومة مصطفي النحاس باشا من أجل التخفيف من وطأة هجمات المصريين عليهم في القناة، وفي 15 أكتوبر عام 1951، وقف النحاس باشا مخاطبًا جموع المصريين قائلاً كلمته الشهيرة:"من أجل مصر وقعنا معاهدة 1936، ومن أجل مصر أطالبكم اليوم بإلغائها".

موقعة الإسماعيلية

باتت هجمات الفدائيين المصريين على أشدها ضد قوات الإنجليز بالقناة، إثر انسحاب مصر من المعاهدة، ودخلت مصر في موجات من الفوضى العارمة من فتن طائفية إلى حرائق ومظاهرات، وفرض حظر التجوال والأحكام العرفية، وفي 25 يناير 1952، كانت موقعة الإسماعيلية الشهيرة، حيث رفضت الشرطة المصرية الباسلة تسليم أسلحتها وإخلاء مبنى المحافظة للقوات البريطانية، وأسفرت المعارك عن استشهاد 56 شرطيًا مصريًا و73 جريحًا، بعد ذلك بثلاثة أيام فقط وقع حريق القاهرة الشهير، وقد عجلت تلك الأحداث بأن يقوم تنظيم الضباط الأحرار بثورة 1952، والتى أطاحت بالملكية وغيرت وجه الحياة السياسية في مصر.

ثورة 23 يوليو وتحقيق الجلاء

مع اشتعال ثورة 1952، تواصلت الهجمات الفدائية بطريقة أعنف وأخطر وأسرع عن ذي قبل، ويبدو أن بريطانيا سترضخ أخيرا وستفكر فعليًا في الجلاء، في تلك الأثناء وفي مايو 1954 أعلنت وزارة الخارجية البريطانية عن وقوع 52 «حادث اعتداء»، في غضون 6 أسابيع؛ مما أجبر الوزير البريطاني سلوين لويد، على إعلان قبول بريطانيا استئناف المفاوضات حول جلاء الإنجليز عن مصر .

مذكرة تفاهم بين مصر وبريطانيا

في يوليو 1954؛ وقع الجانبان المصري والبريطاني «مذكرة تفاهم»، وقعها كل من جمال عبدالناصر، وأنتوني نتنغ وزير الدولة للشئون الخارجية البريطاني آنذاك، واستكملت مصر مسار التفاوض للحصول على مسعاها بإجلاء آخر جندي إنجليزي من أراضيها.

في 19 أكتوبر 1954، وقع الرئيس الراحل، جمال عبدالناصر، اتفاقية الجلاء مع  اللورد ستانسجيت موفد رئيس الوزراء البريطاني، ونستون تشرشل، الذي طالما كان رافضًا لمسألة الجلاء.

خروج الإنجليز من مصر

تم تنفيذ الاتفاقية بشكل كامل في 18 يونيو 1956، حيث خرج 80 ألف عسكري بريطاني من منطقة القناة، وذلك على 5 مراحل، مدة كل مرحلة 20 شهرا كاملة حتى جلاء آخر عسكري إنجليزي، وأزالت بريطانيا أعلامها من أعلى مبني البحرية بمدينة بورسعيد، وهو أول مبنى احتلوه عام 1882، ليكون ذلك اليوم هو عيد الجلاء.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق النائب فرج فتحي: ثورة 30 يونيو تجسد ملحمة شعبية واعية للدفاع عن هوية الدولة المصرية
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل