رؤية استباقية.. ننشر خطة لجنة «الأزمات» للتعامل مع التطورات الاقتصادية فى المنطقة

وسط تصاعد التوترات فى الشرق الأوسط، واشتداد المواجهة بين إسرائيل وإيران بما تحمله من تداعيات متوقعة على الأسواق الدولية والطاقة وسلاسل الإمداد، وضعت الحكومة المصرية خطة شاملة للتحوط السلعى وتعزيز الأمن الغذائى، من خلال حزمة واسعة من الإجراءات الاستباقية، استعدادًا لأى تصعيد عسكرى أو اضطراب فى خطوط التجارة العالمية.

كما وضعت الحكومة خطة بديلة، بالتنسيق مع وزارة النقل وهيئة قناة السويس، لتأمين البدائل اللوجستية وتنويع طرق الإمداد، فضلًا عن انتهاج سياسة شراء مرنة من خلال التعاقد المسبق، وتنويع الموردين، وتحقيق الاكتفاء الذاتى الجزئى، بما يقلل من الاعتماد على الأسواق شديدة التذبذب.

وأصدر الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، قرارًا بتشكيل «لجنة أزمات» برئاسته، تضم عددًا كبيرًا من الوزراء بهدف المتابعة الدقيقة لمستجدات الأزمة، ورسم سيناريوهات سريعة للتعامل مع تطوراتها على المستويين الاقتصادى والمعيشى.

من جانبه، أكد الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، أن الوزارة رفعت درجة التأهب إلى الحالة القصوى، حيث تم إعداد خطة مرنة تُحدَّث باستمرار بالتنسيق مع رئاسة الوزراء.

وأوضح الوزير أن الدولة عملت، منذ يوليو ٢٠٢٤، على رفع فترة تغطية السلع الأساسية إلى ٩.٦ شهر، عبر تعاقدات استباقية وتنويع مصادر الاستيراد، ويتم تكثيف الحملات الميدانية بالتنسيق مع الأجهزة الرقابية، لضبط أى ممارسات احتكارية أو تلاعب بالأسعار بالتعاون مع الشركة القابضة للصناعات الغذائية، وقطاعات المجمعات الاستهلاكية، وبقالى التموين، ومنافذ «جمعيتى»، لضمان استمرار ضخ السلع الأساسية للمواطنين بجودة وكميات مستقرة.

ووفقًا لبيانات صادرة عن وزارة التموين، فإن المخزون الاستراتيجى الحالى يغطى مددًا كافية ومطمئنة، فالقمح يكفى ٤.٣ شهر، والسكر ١٤.١ شهر، والزيت ٣.٧ شهر، والأرز ١.٣ شهر، والدواجن المجمدة ٦.١ شهر، واللحوم الطازجة ٥.٥ شهر، والمكرونة ٢.٥ شهر، واللحوم المجمدة ٣ أشهر.

كما يتم إنتاج أكثر من ٢٨٠ مليون رغيف خبز مدعم يوميًا، وضخ ٧٥٠ ألف طن قمح حاليًا، مع توزيع سلع تموينية لنحو ٦٤ مليون مواطن شهريًا، بإجمالى إنفاق سنوى يقارب ٣٦ مليار جنيه.

وكشف مصدر مطلع بالوزارة عن تطوير نظام رقابى إلكترونى يتيح متابعة لحظية للمخزون ومعدلات الاستهلاك، من خلال الربط بين غرفة عمليات الوزارة ومركز دعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، ويهدف هذا النظام إلى سرعة التحرك فى حال رصد أى فجوة محتملة، أو تغير فى نمط الاستهلاك، خاصة خلال فترات الأزمات.

وأضاف المصدر أيضًا أن كميات القمح المحلى الموردة هذا الموسم تجاوزت ٤ ملايين طن، وهو ما يغطى كامل الطاقة التخزينية الحالية، ٣.٦ مليون طن، مع خطة للوصول إلى ٦ ملايين طن خلال العامين المقبلين.

وأكد أن الحكومة على استعداد كامل للتعامل مع سيناريوهات تضخم أسعار الحبوب والزيوت عالميًا، خاصة فى ظل تأثر الشحن عبر الخليج العربى واحتمال توقف الملاحة فى مضيق «هرمز»، مضيفًا أن إجراءات التحوط السابقة التى قامت بها الوزارة، فى أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، ساعدت على زيادة القدرة التخزينية فى صوامع القمح، وتحسين جودة الإدارة اللوجستية، وتفعيل منظومة الإنذار المبكر ورقمنة الأسواق وتطوير التعاون الإقليمى مع شركاء تجاريين.

وأشار المصدر إلى أن كل هذه الإجراءات تضمن استقرار الأسواق، وحماية الأمن الغذائى، وطمأنة المواطنين.

وفى السياق ذاته، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، أن تشكيل «لجنة أزمات» يعكس نهجًا حكوميًا علميًا ومدروسًا قائمًا على المرونة وسرعة التكيف مع المتغيرات، مشددة على أن الدولة تعمل وفق رؤية استباقية لاحتواء أى آثار محتملة للأزمة الجيوسياسية.

وأوضحت الوزيرة أن خطة التنمية الجديدة تم إعدادها وسط ظروف دولية وإقليمية دقيقة، تتطلب اتباع نهج تخطيطى مرن وقدرة عالية على متابعة المستجدات وتعديل المسارات حسب الحاجة، مؤكدة أن الوضع أصبح أكثر تعقيدًا فى ظل التطورات الإقليمية المحيطة والمتسارعة، والتى تزيد من حالة عدم اليقين، وتفرض اتباع نهج تخطيطى مرن، ومتابعة مستمرة لمستهدفات الخطة حسب تطوّر المستجدات.

ولمواجهة هذه الأوضاع، لفتت الدكتورة رانيا المشاط إلى أن الحكومة، بقيادة الدكتور مصطفى مدبولى، تبذل جهودًا حثيثة لمتابعة التطورات العالمية وتأثيرها على الاقتصاد المحلى، وفى هذا الإطار، أصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بتشكيل «لجنة أزمات» برئاسته، تختص بمتابعة تداعيات العمليات العسكرية الإيرانية الإسرائيلية، واتخاذ ما يلزم من إجراءات استباقية للتعامل مع أى تطورات محتملة فى مختلف القطاعات.

وأضافت الوزيرة أن هذه الخطوة تؤكد أن الحكومة تعمل وفق منهج علمى ومدروس، يهدف إلى تقليل المخاطر المحتملة ورفع درجة الجاهزية الوطنية، موضحة أن اللجنة تضم ممثلين عن جميع الوزارات والجهات المعنية، وتعمل على مدار الساعة لتقييم الأوضاع، ومتابعة أثر الأحداث الجيوسياسية على الوضع الاقتصادى الداخلى، واتخاذ الإجراءات اللازمة فى التوقيت المناسب.

وأكدت الوزيرة أن الدولة تستند فى مواجهتها لهذه التحديات إلى الأسس الصلبة التى أرساها برنامج الإصلاح الاقتصادى، قائلة: «تستند الحكومة إلى الإصلاحات الجادة التى نفذتها لتعزيز مرونة الاقتصاد المصرى وقدرته على التأقلم مع المتغيرات»، مشيرة إلى أن هذه الإصلاحات ساعدت الدولة على الصمود أمام أزمات متعاقبة خلال الأعوام الماضية، من «جائحة كورونا إلى أزمات الطاقة وسلاسل الإمداد، مرورًا بالحرب الروسية الأوكرانية، وصولًا إلى التوترات الحالية فى منطقة الشرق الأوسط».

كما شددت الوزيرة على أهمية وجود بيانات دقيقة ومحدثة بشكل مستمر، لدعم اتخاذ القرار فى هذه الأوقات، مؤكدة أن الحكومة تراقب المؤشرات الاقتصادية بشكل دورى، وقد تتم مراجعتها وإعادة تقديرها إذا استمرت أو تفاقمت الأوضاع الحالية، مضيفة أن التحلى بالمرونة فى ظل حالة عدم اليقين يعد ضرورة قصوى فى التخطيط الاقتصادى، ما يتطلب تحديث مستهدفات الخطة بما يتوافق مع تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية.

وأوضحت الوزيرة أن الحكومة تعمل حاليًا على توجيه استثماراتها بشكل رشيد نحو القطاعات الأكثر تأثرًا بهذه التطورات، وتعزيز قدرات الدولة على التعامل مع المتغيرات، خاصة فى مجالات الأمن الغذائى، والطاقة، والصحة، والبنية التحتية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق عاصم فرج: أمراض الصيف الجلدية متعددة أبرزها الإكزيما والارتكاريا
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل