حرب إيران - إسرائيل: سيناريوهات كارثية محتملة (4)

في ظل التصعيد المتسارع بين إيران وإسرائيل، من الضروري أن ندرك جميعًا حجم المخاطر التي باتت تتهدد العالم، وأن نتعامل مع هذا الوضع بمنتهى الجدية والمسؤولية. الرهان الأكبر اليوم هو على وعي الشعوب بما تمر به منطقتنا والعالم، وعلى قدرتنا الجماعية على قراءة المشهد بعمق، بعيدًا عن التهوين أو التسطيح.

ما نشهده الآن ليس مجرد أزمة إقليمية عابرة، بل كارثة جيوسياسية ذات أبعاد اقتصادية وإنسانية غير مسبوقة تتكشف أمام أعيننا. في هذا الصراع، إيران ليست كأي دولة أخرى؛ فهي تمتلك أدوات قوة قادرة على التأثير العميق في الاقتصاد العالمي. لسنا أمام سيناريو مشابه لما حدث في العراق أو سوريا — السياق مختلف تمامًا، وإمكانات التصعيد باتت أوسع وأكثر خطورة في ظل تطور أساليب الحروب الحديثة وغياب القيود التقليدية.

الرد الإيراني المتواصل خلال الأيام الأخيرة ألحق بإسرائيل خسائر مادية ودمارًا لم يسبق أن شهده المواطن الإسرائيلي في تاريخ صراعاته المعاصرة، حتى بالمقارنة مع الحروب التي خاضها خلال العقود الثلاثة الماضية. حجم الدمار الذي أحدثته الصواريخ الإيرانية تجاوز بكثير ما خلفته الهجمات السابقة، سواء من لبنان أو غزة، بل وحتى الصواريخ التي أطلقها صدام حسين إبان حرب الخليج لم تترك أثرًا بهذا المستوى من الرعب والدمار داخل العمق الإسرائيلي.

اليوم، يبدو المشهد وكأن إسرائيل وإيران تقفان فعليًا على حافة هاوية حرب شاملة. ومع ذلك، تواصل إيران حتى اللحظة تبني سياسة ضبط النفس النسبي، إذ تحصر المواجهة داخل الأراضي الإيرانية والإسرائيلية، دون أن تطلب من حلفائها وأذرعها في المنطقة التدخل المباشر. هذا النهج يعكس حرص طهران — في هذه المرحلة على الأقل — على تجنّب توسيع رقعة النزاع إلى دول الجوار، تفاديًا لانفجار إقليمي قد تخرج تداعياته عن السيطرة. غير أن هذا الاحتمال يبقى واردًا في حال تحركت الولايات المتحدة بشكل عملي على الأرض.

أما على الصعيد الاقتصادي، فالعالم مقبل على هزات كبرى. الأسواق المالية مهددة بانهيارات حادة، مع احتمالات لأزمة طاقة وغذاء قد تكون الأشد منذ عقود، خاصة في أوروبا وآسيا، بينما سيكون الشرق الأوسط أول المتضررين. تعطل سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الطاقة سيخلقان ضغوطًا غير مسبوقة على الاقتصادات الكبرى والصغرى على السواء.

أما على الصعيد الإنساني، فالعواقب قد تكون كارثية بكل المقاييس: موجات نزوح جماعي، انهيار منظومات الصحة والخدمات الأساسية في دول الجوار، وأزمة إنسانية واسعة النطاق قد تعجز المنظمات الدولية عن احتوائها أو الاستجابة لها بالسرعة المطلوبة.

إن ما يتشكّل اليوم هو لحظة فارقة تتطلب منا جميعًا رفع مستوى الوعي، وإدراك أن ما يجري ليس بعيدًا عنا، بل ستكون له ارتدادات تمس الجميع. المسؤولية تحتم أن نتحرك بعقلانية، أن نرفع صوت الحكمة، وأن نتهيأ لما هو قادم.

لا تستهينوا بهذه الحرب… إنها لحظة تتطلب وعيًا ومسؤولية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق "القاهرة الإخبارية": صافرات الإنذار تدوى مجددا فى حيفا تحسبا لهجوم إيرانى
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل