قال الدكتور عماد عمر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، الهجوم الإسرائيلي المباشر على إيران يُعدّ تصعيدًا خطيرًا وغير مسبوق في طبيعة الصراع الإقليمي، ويؤشر إلى تحوّل نوعي في قواعد الاشتباك، مضيفا: أن هذا الهجوم، سواء باستهدف المنشآت النووية، أو مواقع عسكرية استراتيجية، أوعمليات اغتيالات الشخصيات وقيادات من الصف الأول في الجيش والحرس الثوري الإيراني، ومشرفين على البرنامج النووي، يعد خسارة فادحة على إيران التي استطاعت أن تستفيق منه في وقت قصير، وأن تقوم بالرد على تلك الضربة التي تعرضت لها.
وأوضح عمر في تصريحات لـ"الدستور"، أن الخسائر الفادحة التي تكبدتها إيران، إذا صحت التقديرات، تكشف عن اختراق استخباري وأمني خطير داخل بنيتها الدفاعية، لكنها في الوقت ذاته تضع القيادة الإيرانية الجديدة تحت ضغط هائل للرد بشكل أكبر، حفاظًا على هيبتها وكرامتها أمام الداخل والخارج، خاصة أن إسرائيل تهدف من خلال هذه الضربة إلى تقويض قدرات إيران ومنعها من الوصول إلى القنبلة النووية.
وفي المقابل، لفت عمر إلى أن الخسائر التي لحقت بتل أبيب نتيجة الرد الإيراني تُظهر أن طهران ما زالت تحتفظ بقدرة على توجيه ضربات مؤلمة ومؤثرة، وتؤكد في الوقت نفسه هشاشة منظومة الردع الإسرائيلية، رغم ما تمتلكه من تفوق تكنولوجي ودعم استخباراتي واسع.
السيناريوهات المحتملة
وأشار إلى أننا أمام عدة سيناريوهات محتملة، أبرزها انزلاق المنطقة إلى حرب مفتوحة متعددة الجبهات، لا سيما إذا تدخلت الولايات المتحدة بشكل مباشر في القتال، وبرأيي فإن إيران لا تزال حتى الآن تحاول تفادي إدخال الجيش الأمريكي إلى ساحة المواجهة، رغم الإلحاح الإسرائيلي بذلك.
وأضاف عمر أن السيناريو الآخر يتمثل في رد محسوب من إيران، يهدف إلى حفظ ماء الوجه دون الانزلاق إلى حرب شاملة، مع الإبقاء على هامش مفتوح للتهدئة الدولية، رغم القناعة الإيرانية بالدور الأمريكي الداعم لإسرائيل على المستويين السياسي والعسكري، لكن في كلتا الحالتين، فإن البرنامج النووي الإيراني خرج من دائرة التفاوض إلى دائرة الصراع، وقد تدفع هذه الضربة طهران إلى تسريع مسارها نحو امتلاك السلاح النووي، رغم حجم الأضرار التي لحقت ببعض منشآتها النووية.
وقال عمر إن المجتمع الدولي وتحديدًا واشنطن أمام اختبار حقيقي هل ستسمح بانفجار شامل في الشرق الأوسط، أم ستتحرك لاحتواء الأزمة؟ ما جرى أعاد المنطقة إلى حافة الهاوية، ويجب على الجميع أن يدرك أن الحرب هذه المرة، إن اندلعت، لن تكون محدودة ولا محكومة بقواعد الاشتباك التقليدية.
وأكد "عمر" أن حجم الخسائر في إيران قد يكون كبيرًا، في ظل امتلاك إسرائيل لترسانة عسكرية متطورة وتكنولوجيا دقيقة، خاصة أنها تستند إلى دعم استخباراتي نوعي من أجهزة أمن دولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلا أن الرد الإيراني لا يُستهان به، والأضرار التي لحقت بإسرائيل كدولة صغيرة من حيث المساحة والسكان قد تكون مؤثرة جدًا، خاصة في ظل احتمال بقاء المواطنين في الملاجئ لفترات طويلة.
وختم "عمر" بالقول: "ما تسعى إليه إيران هو الحفاظ على توازن الردع، بما يتيح لها الذهاب إلى مفاوضات من موقع قوة يحفظ مشروعها النووي، في حين تحاول إسرائيل فرض منطق الردع بالقوة، لدفع إيران إلى طاولة المفاوضات مكرهة، وقبول التنازل عن برنامجها النووي، وسيتضح مسار هذا الصراع ميدانيًا خلال الأيام القادمة، مع تطور آليات الرد والتصعيد الإيراني".