رغم تخوف وامتناع أغلب دور النشر عن، نشر المجموعات القصصية، بدعاوو أن القراء لا يقبلون على قراءة القصص، إلا أن دار العين للنشر، كسرت هذه القاعدة وتجاوزتها، وأصدرت هذا الأسبوع، 3 مجموعات قصصية دفعة واحدة نستعرضها لكم في هذا التقرير.
مجموعة "رقصة التنورة" لـ د. ناصر الرباط
في هذه المجموعة القَصَصيَّة التي تضمُّها دفَّتا الكتاب، وطرحتها دار العين للنشر، يقدم د. ناصر الربَّاط تجربة إنسانيَّة ثريَّة عابرة للمجتمعات. ويغوص في النَّفْس البشريَّة بوعي كاتب مخضرم ليقدم إلى القارئ حكاياتٍ تترك أثرًا أدبيًّا عميقًا.
يستلهم في القصص أسطورةَ جلجامش ويدمجها في سردٍ مُعاصرٍ لفكرة الخلود التي لطالما وقعت البشرية في فخِّها؛ لنرى معه آثارها التي لا تُمحى. كما لا يتردد الكاتب في الكشف عن التراث الإنساني مثل المغروس في دوران التنُّورة في المَوَالِد والأسواق الشعبية المصرية.
بين جَنَبات القاهرة ودمشق وفي شوارع ونُقَط تلاقي طُرُق مدن أمريكيَّة، يصحبنا الربَّاط في حكاياتٍ متداخلةٍ ورُؤًى عميقةٍ للأسى الإنساني الممتد عبرَ العصور التاريخية، ويلقط الهامش قبل المتن ليتيح لنا وليمة سرديَّة أدبيَّة سيدوم أثرُها أكثر من عمر كتابتها والانتهاء منها.

مجموعة "طائرة درون تضئ فوق رأسي" للكاتبة إستبرق أحمد
كما صدر حديثًا عن دار العين للنشر، مجموعة قصصية بعنوان، "طائرة درون تضئ فوق رأسي" للكاتبة إستبرق أحمد..
لا تتردَّد الكاتبةُ إستبرق أحمد في كتابة القصة بنَفَسٍ عميق، فتمنحنا قصصًا بهيَّةً يزداد اختلافُها وتنوُّعُها كلما تقدمنا في القراءة. فنرى معها دُمًى طافية فوق المياه آملةً في نجاة محتملة، كما نرى نعاجًا أسطوريَّةً ينشقُّ نهرٌ عنها فتبقى خالدةً حتى في البطون.
وفي هذه المجموعة القَصَصيَّة الآسِرة، تُصبِغُ القاصَّة الحياةَ على الجماد، فتعطي صوتًا إنسانيًّا لسمَّاعة أُذُن لننصت لألم صاحبتها، وندرك مدى عمق علاقة سيدة منزل مع المغسلة والخزانة والموقد، الذي يُحيلنا إلى سيلفيا بلاث ويعطي بُعدًا آخر لرحيلها المفاجئ.
تغوص إستبرق أكثر في العُمْق الإنساني للقصص الشعبية فتحكي، كما لم يحدث من قبل، عن ليلى التي تصاحب الذئب هذه المرَّة، وتجعلنا نلتفتُ لمدى حزن وسعادة شخصيات مثل مارلين مونرو وهند صبري وكاثرين كليفتون من الفيلم العظيم "المريض الإنجليزي". مَن يصدِّق أن كل هؤلاء بين دفَّتَي الكتاب بين يديك عزيزي القارئ، ليقدم لك وليمة إنسانية لن تبدأ بها إلَّا وتنتهي منها في متعةٍ وأسئلة معًا.

مجموعة "رمان أدريان" للكاتب شريف العصفوري
أما المجموعة القصصية الثالثة، والتي طرحتها دار العين للنشر، هذا الأسبوع أيضا، فهي مجموعة “رمان أدريان”، للكاتب شريف العصفوري.
مجموعة قَصَصيَّة متنوِّعة الثيمات، من الحوار التأمُّلي الداخلي إلى المُعايَشة اليومية بين أصقاع العالم، إلى انتزاع المفارقة من الحياة العادية ودون العادية. تحمل هَمَّ الإنسان كونه شابًّا أو زوجًا أو جَدًّا، أحيانًا بلسان سيدات في منتصف العمر، أجيال كثيرة يُعبر عنها من زوايا عديدة، منها سيرة قصصية توازي نشأة الكاتب في مدينة بورسعيد وشخوص طفولته.
جغرافيا السرد بين القاهرة وسيناء ومدن مصرية أخرى، ومدن وشخوص من قارَّة الأمريكتين. حتى حَيّ لندن الأشهر كينزنجتون! رحلة حياة لعدَّة أجيال يجمع بينها المشاعر الإنسانية ولوعة اللقاء والفراق، عبورًا فوق الحواجز والحدود، تشخيصًا لحالات عديدة بين صدامات الفرد والجماعة.