في مشهد سياسي حافل بالتحديات، وقف نواف سلام أمام الصحافيين في قصر بعبدا ليُدلي بأول كلمة له بعد تكليفه رسمياً بتشكيل الحكومة اللبنانية.
كانت الأضواء مسلطة عليه، عيون اللبنانيين تتطلع إلى ما سيقوله الرجل الذي جاء وسط أزمات اقتصادية وسياسية خانقة.
لكن، لم يكن هذا هو الموضوع الوحيد الذي شغل الساحة السياسية، فقد سبق تكليف سلام اعتراضات قوية من حزب الله، الذي اتهم بعض الأطراف بالتخطيط لما أسماه "الإقصاء"، خاصة بعد التوافق على اسمه لتولي المنصب.
كانت تصريحات رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة"، محمد رعد، قد لاقت صدى واسعاً، حيث تحدث عن "التحريض على التفكيك والتقسيم" في إشارة إلى رفض البعض لمشاركة الحزب في الحكومة المقبلة.
الوحدة والشراكة
لكن سلام كان لديه ما يقوله، في كلمته، رد على هذه الاتهامات بوضوح وبأسلوب هادئ لكنه حازم، مؤكدًا: "أنا لست من أهل الإقصاء، بل من أهل الوحدة والشراكة". وأضاف مبتسمًا: "يداي ممدودتان للجميع".
لم يكن مجرد رد على الاتهامات، بل كان إعلانًا عن نيته العمل على تعزيز التوافق بين جميع الأطراف السياسية اللبنانية، بعيدًا عن أي تجاذبات أو انقسامات.
رد على اتهامات حزب الله
وهو في ذلك، لم يكتف بالكلمات فقط، فقد تعهد سلام بتنفيذ وعوده، وأكد أنه سيكون في صف الشعب اللبناني الذي عانى من الأزمات الاقتصادية، حيث قال: "جزء كبير من شعبنا لا تزال منازله مدمرة، كما مؤسساته، وعلينا إعادة بناء القرى في البقاع والجنوب وبيروت".
إعادة إعمار ليست مجرد وعد بل "التزام"
كان هذا التصريح بمثابة التزام عملي بإعادة إعمار لبنان، بما في ذلك معالجة الأضرار الناتجة عن انفجار مرفأ بيروت، الذي ألحق أضرارًا فادحة بالمدينة وأدى إلى مقتل العديد من الأبرياء.
ولم ينس سلام أن يضع العدالة في صدارة أولوياته، فقد وعد بتحقيق العدالة لضحايا انفجار المرفأ، قائلاً: "آن الأوان لنفض الإدارة التي قامت على الزبانية"، وكان يعي جيدًا أن اللبنانيين ينتظرون منهم شيئًا ملموسًا بعد سنوات من الأزمات.
كما تحدث سلام عن الحاجة الملحة لبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وضرورة بناء اقتصاد منتج يحقق فرص عمل للأجيال القادمة.
كان نواف سلام في كلمته تلك يرسم خطًا جديدًا في السياسة اللبنانية، خطًا يلتزم بالشراكة ويعزز من وحدة الشعب اللبناني في مواجهة التحديات الكبرى.
ولكن تبقى الأسئلة: هل ستتمكن الحكومة الجديدة من تجاوز العقبات السياسية والاقتصادية؟ وهل ستنجح في تحقيق تلك الوعود التي أطلقها، أم أن لبنان سيظل في دوامة الأزمات؟