في مشهد سياسي غير متوقع، عاش الثنائي الشيعي ، الذي يضم كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري و"حزب الله"، صدمة كبيرة بعد أن فشلوا في الحفاظ على الرئيس نجيب ميقاتي في رئاسة الحكومة، ليفاجأوا بتكليف القاضي نواف سلام رئيسًا للحكومة اللبنانية.
الخديعة السياسية
وفقًا لمصادر متداولة، وصف الثنائي الشيعي ما حدث بأنه "خديعة سياسية من العيار الثقيل"، حيث كان الرئيس ميقاتي يعتقد أنه سيظل رئيسًا للحكومة حتى اللحظات الأخيرة.
لكن الأمور تغيرت بشكل مفاجئ عندما اختار عدد من الكتل والنواب تسمية نواف سلام، ما شكل مفاجأة غير متوقعة حتى لرئيس الجمهورية، جوزيف عون، الذي فوجئ هو الآخر بتطورات الأمور.
خيارات الثنائي الشيعي
بعد هذه الصدمة، وجد الثنائي الشيعي نفسه أمام خيارين حاسمين:
الانضمام إلى الحكومة:
يمكن للثنائي الشيعي أن يختار الانضمام إلى الحكومة الجديدة التي يترأسها نواف سلام، حتى لو لم يتم تسميتهم في الحكومة بشكل رسمي، هذا الخيار يعني المشاركة في الحكومة الأولى للعهد.
الذهاب إلى المعارضة:
الخيار الآخر هو رفض المشاركة في الحكومة الجديدة، والانتقال إلى المعارضة، في هذه الحالة، سيكون على الرئيسين عون وسلام اختيار وزراء شيعة غير محسوبين على الثنائي الشيعي.
ورجحت "حزب الله" أن الخيار الأكثر احتمالًا هو الذهاب إلى المعارضة، وهو ما أكده النائب محمد رعد، رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة"، في كلمته التي عبر فيها عن غضب الحزب من عدم التزام كتل ونواب سنيين ومسيحيين بتسمية ميقاتي.
كما لم يخف رئيس البرلمان نبيه بري استياءه من عدم التزام وليد جنبلاط، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، بموقفه في دعم ميقاتي.
التعثر في تشكيل الحكومة
عقب إعلان عدد من الشخصيات استعدادها لتولي منصب رئيس الحكومة، اقتصرت المنافسة بشكل رئيسي بين نجيب ميقاتي ونواف سلام.
ورغم تكليف رئيس الجمهورية لسلام بتشكيل الحكومة بناءً على نتائج الاستشارات النيابية، فإن تشكيل الحكومة الفعلي قد يستغرق وقتًا طويلاً بسبب الانقسامات السياسية والشروط المتبادلة، وهو ما يعكس الواقع السياسي اللبناني الذي يعتمد على المحاصصة.
سلام وأول تصريح له:
في أول تصريح له بعد تسميته رئيسًا للحكومة اللبنانية، رد نواف سلام على شكوى حزب الله من "الإقصاء" إثر اتفاق الأطراف السياسية على تعيينه.
وأكد سلام أن هدفه هو الوحدة والشراكة، مشددًا على أنه ليس من "أهل الإقصاء" بل يسعى لتحقيق التوافق الوطني.
وفي كلمة له من قصر بعبدا، بعد لقائه الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، قال سلام: "التجربة علمتنا أن الرهان الوحيد الصحيح هو على وحدتنا وتعاوننا". وأضاف: "لقد ضيعنا الكثير من الفرص، وكفى فرصًا ضائعة".
وفي رد غير مباشر على تصريحات رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" محمد رعد، الذي اتهم البعض بمحاولة "التفكيك والتقسيم والإقصاء"، أكد سلام: "يداي ممدودتان للجميع".
سلام، الذي تم تكليفه بتشكيل الحكومة بعد توافق الأطراف السياسية على اسمه، أشار إلى التحديات الكبيرة التي يواجهها لبنان، بما في ذلك إعادة بناء المناطق المتضررة من الأزمات، خاصة بعد انفجار مرفأ بيروت.
وقال: "جزء كبير من شعبنا لا تزال منازله مدمرة، وكذلك مؤسساته، ونحن ملتزمون بإعادة الإعمار".
نفي إقفال البرلمان
وفي رد على الأنباء التي تحدثت عن "إقفال البرلمان" بعد اختيار نواف سلام رئيسًا للحكومة، نفى المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب نبيه بري هذه الأنباء بشكل قاطع.
وأكد البيان أن هذه المزاعم مختلقة وعارية من الصحة، وأنها تشكل سابقة خطيرة في العمل الصحفي غير الأخلاقي.
بينما كانت الحكومة اللبنانية تتجه نحو مرحلة من التغيير السياسي الكبير، فإن الصراع على تشكيل الحكومة المقبلة يبدو أنه سيكون طويلًا ومعقدًا، مع تأكيد الثنائي الشيعي على موقفه الرافض لتسليم السلطة بسهولة.