مطالب فنانى مسرح العرائس: ضخ كوادر بشرية جديدة.. وتطوير شامل للورش

مطالب فنانى مسرح العرائس: ضخ كوادر بشرية جديدة.. وتطوير شامل للورش
مطالب
      فنانى
      مسرح
      العرائس:
      ضخ
      كوادر
      بشرية
      جديدة..
      وتطوير
      شامل
      للورش

طالب عدد من فنانى مسرح العرائس بتحديث هذا الفن العريق وتطوير تقنياته، وجذب المواهب الشابة إليه للحفاظ عليه من الاندثار، مشددين على أهمية دمج التكنولوجيا الحديثة والأساليب الإبداعية لإحياء عروضه وجذب جمهور جديد له، معتبرين أن استثمار الطاقات الجديدة هو المفتاح لإعادة إحياء هذا التراث الثقافى الفريد وتوسيع انتشاره عالميًا.

وقال الدكتور أسامة محمد على، مدير مسرح القاهرة للعرائس، إن المسرح تأسس فى ١٠ مارس ١٩٥٩، تجسيدًا لاهتمام الدولة المصرية، وإيمانًا منها بدور فن العرائس فى بناء شخصية الطفل كإحدى أهم الوسائل التربوية والتثقيفية والترفيهية المؤثرة التى تستحوذ على العقول والقلوب، فى اتجاه من المعرفة والقيم والفضائل الإنسانية والمجتمعية.

وأشار «على» إلى أن مسرح العرائس صرح معد لتقديم جميع أنواع عروض العرائس بأشكالها ومواصفاتها المختلفة، سواء «الماريونيت أو القفاز أو خيال الظل أو المسرح الأسود» إلى آخره، حيث قدم العديد من العروض منذ عام ١٩٥٩ حتى الآن، بداية من «الشاطر حسن» مرورًا بـ«الليلة الكبيرة» و«بنت السلطان»، و«الديك العجيب»، و«حمار شهاب الدين»، وغيرها، وتنوعت إنتاجاته من خلال كوكبة كبيرة من فنانيه.

وقال: «نجد الآن مجموعة من التحديات، منها قلة الخبرات بسبب وفاة قامات فنية كبيرة، ومنهم من بلغ سن المعاش، ورغم ذلك تتم الاستعانة بهم، وأيضًا عامل الزمن أصبح ظاهرًا على المسرح والخبرات التى توجد به، لذلك نحن بحاجة إلى كوادر بشرية جديدة بمواصفات فنية مختلفة».

وأضاف: «نحتاج إلى التنسيق مع الأكاديميات والمعاهد المنوط بها تخريج فنانى العرائس، ولا بد من زيادة الورش والأتيليهات التى تخدم عملية التصميم والتصنيع، خاصة أننا نشهد عزوف العديد من الفنانين بسبب عدم توافر الإمكانات، والأجور المادية؛ لأننا نتحرك فى إطار مالى محدود».

وتابع: «لا بد من الاستفادة من الخبرات الكبيرة المتاحة حاليًا فى عملية نقل الخبرة لأجيال الشباب، حتى نستطيع الحفاظ على هذا الكيان، وأن يكون هناك تدريب وتعليم مستمر لتصميم وتنفيذ العرائس والديكورات على المستوى الاحترافى لكل أنواع العرائس المتحركة».

وأكمل: «نحتاج إلى ورش وممارسات فنية رئيسية، بداية من الأطفال حتى الشباب والكبار، وأن تكون لدينا مجموعة من الورش للرسم والنحت والتشكيل بالخامات المختلفة، فضلًا عن عمل نماذج لعرائس تذكارية من شخصيات العروض الشهيرة، وأن يتم تسويقها على المستوى المحلى والعالمى».

وأشار «على» إلى «التعاون مع مسرح المواجهة والتجوال فى زيارة المحافظات لتقديم العروض، وإيصال رسالتنا على مستوى الجغرافيا والإقليم المصرى بكل ربوعه، كما أننا نحتاج إلى العمل على العروض التراثية التى تحمل القيمة والمعتقد والاتجاه المجتمعى السليم، والسلوك الإيجابى الذى يدعم شخصية الطفل المصرى، خاصة أن تلك المرحلة خطيرة جدًا فى عمر الأطفال، وأعتبر مسرح القاهرة للعرائس من أخطر المسارح على مستوى العالم، لأنه يتعامل مع فئة الأطفال فى بناء شخصيتهم».

فى السياق ذاته، قال المخرج محمد نورالدين، المدير السابق لمسرح القاهرة للعرائس، إن المكان أنشئ ليكون أول مؤسسة متخصصة فى فن العرائس فى مصر والمنطقة العربية، وكان يمثل نموذجًا متفردًا للحفاظ على فنون العرائس الشعبية وتطويرها بأسلوب معاصر، ما يجعله جزءًا مهمًا من التراث الثقافى المصرى.

وأضاف أن المسرح بدأ رحلته فى عام ١٩٥٩، وقبل هذا التاريخ لم يكن الجمهور المصرى يعرف شيئًا عن العرائس سوى الأشكال الشعبية التراثية والفلكلورية، مثل خيال الظل والأراجوز وصندوق الدنيا.

وتابع أنه عندما زارت مصر فرقتان من أهم فرق العرائس فى العالم، وقدمتا عروضًا فى دار الأوبرا المصرية وسط انبهار الجمهور المصرى بهذا الفن الجديد، تنبّه المسئولون إلى أهمية هذا الفن وتأثيره على ثقافة وسلوك الطفل، إلى جانب المتعة الفنية التى يحققها، فطلب من فرقة «تسندريكا»، الرومانية، أن تعد نواة لفرقة عرائس مصرية، وأدت تلك المهمة الخبيرة دورينا تناسسكو.

وواصل: «بالفعل قدمت الفرقة عرضين هما (الشاطر حسن) و(بنت السلطان)، وبعد عامين دُعيت العرائس المصرية لمهرجان بوخارست الدولى لتتنافس مع أهم وأكبر فرق العرائس فى العالم».

وأشار إلى أنه حينها أصيب الجميع بالحيرة، لأن العرائس المصرية لا تزال وليدة لم يتجاوز عمرها العامين، وما الذى يمكن أن تشارك به، فوقع اختيار العظماء الخمسة رواد ومؤسسى ذلك الفن، وهم: ناجى شاكر، وصلاح السقا، والشاعر صلاح جاهين، والموسيقار سيد مكاوى، ومصمم الديكور مصطفى كامل، على الصورة الغنائية «الليلة الكبيرة» التى كانت تُسمع فى الإذاعة المصرية، وتم تحويلها إلى أوبريت غنائى يقدم عن طريق العرائس.

وأوضح «نورالدين» أن الفرقة سافرت وقدمت أول عرض لليلة الكبيرة فى المهرجان، واستطاعت أن تفوز بالجائزة الفضية على العالم، وتنقل العرائس المصرية من المحلية إلى العالمية، وتعود منتصرة ومحملة بالمسئولية، وتصبح أيقونة الفن فى مصر والشرق الأوسط، وتبدأ رحلة النجاح.

وتابع: «أصبح مسرح القاهرة للعرائس نموذجًا يحتذى به فى العالم العربى، وملهمًا ومعلمًا لفنانى العرائس إقليميًا، وساعد العديد من الفرق العربية فى تأسيس فرق ومسارح للعرائس، واستقبل العديد من الفنانين والمتدربين العرب ليتعلموا الفن فى أرجائه».

وأكد أن العرائس المصرية الآن فى مفترق الطرق بعد رحلة طويلة مليئة بالتحديات والنجاحات والجوائز والإخفاقات أحيانًا، فى ظل ريادة حقيقية لفنون العرائس أثرت فى المنطقة العربية، متسائلًا: «أين نحن الآن؟ فما زلنا نقف على أقدامنا لكننا مهددون حقيقة بالانقراض».

وأردف: «قارب فنانو العرائس المحترفون فى مصر على الانقراض، ولا يزيد عددهم على ٢٥ فنانًا، وقارب الكثير منهم على بلوغ سن المعاش، ويحتاج المسرح إلى ضخ دماء جديدة شابة تُعد إعدادًا جيدًا حتى يستطيع المسرح الاستمرار فى تقديم رسالته ونقل الخبرات لجيل جديد، وإلا سيشهد المسرح انتكاسة شديدة خلال سنوات قليلة قريبة».

وطالب بوضع خطة استراتيجية تحدد وضع ومكانة المسرح محليًا ودوليًا، وتعمل على تحديث آليات العمل فيه، وإنشاء مدرسة جديدة بأسس علمية وتقنيات حديثة لفنون العرائس يشرف عليها خبراء متخصصون من الخارج، إلى جانب الخبراء المصريين الذين أصبحوا قليلين جدًا.

وأضاف: «هناك أزمة حقيقية أيضًا تتمثل فى الغياب التام للحركة النقدية الموازية لعروض العرائس، فالكثير من النقاد ينشغل بعروض المسرح البشرى وأبطاله من النجوم، فلا تجد عروض العرائس من يتناولها بالنقد الفنى ويقيّمها ويصحح مسارها ويدفعها للتطور، ويضع العاملين فيها فى دائرة الضوء، وتصبح هناك منافسة فنية وتطوير حقيقى لفن العرائس».

ولفت إلى أهمية وضع فن العرائس فى طريقه الصحيح لضمان استمراره واستكمال مسيرته، لأنه الملاذ الآمن لثقافة الطفل المصرى ودرعه الواقية من الأفكار والثقافات المستوردة التى تبعده عن قيم وأعراف مجتمعنا وثقافته وأخلاقياته، ونموذج مشرف للثقافة المصرية خارجيًا. 

بدوره، قال الفنان التشكيلى جمال الموجى، المدير السابق لمسرح العرائس، إن المسرح كان له دور ريادى فى منطقة الشرق الأوسط والوطن العربى، فهو أول مسرح تم إنشاؤه فى المنطقة، وأسهم فى نشر هذا الفن واستقبال مبعوثين من كل الدول العربية كسوريا والسودان وتونس.

وأضاف: «أذكر منهم الفنان الكبير رائد فن العرائس فى تونس محيى الدين بن عبدالله، الذى جاء للتدرب داخل مسرح القاهرة للعرائس، وشارك بعد تدريبه فى مسرحية (٨٠ يومًا حول العالم)، من تصميم وإخراج الفنان أحمد رأفت بهجت، وكان أول مسرح عرائس يعرض أعماله فى المملكة العربية السعودية».

ورأى أنه لا شك أن الدولة مهتمة بمسرح العرائس، لكن ليس بالشكل الكافى الذى يجعله فى المقدمة، وذلك برفع ميزانياته وتطوير أجهزته ومعداته، وجلب بعض الخبراء الأجانب كما كان يحدث من قبل، وكذلك إرسال بعثات للخارج للدول التى سبقتنا فى هذا الفن، كالتشيك ورومانيا وروسيا، أيضًا يجب تشكيل فرق دائمة للعرائس بجميع المحافظات من خلال قصور الثقافة الجماهيرية، واستغلال مسارحها لنشر هذا الفن لبناء الإنسان وأجياله المستقبلية.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق محافظ الفيوم يتابع الأعمال الإنشائية بمصنع يازاكي مصر للضفائر الكهربائية للسيارات
التالى خبير علاقات دولية: إسرائيل ترتكب جرائم الإبادة الجماعية في غزة وسط تخاذل دولي