جزء من الجهود الدولية لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية في السودان، خاصة ميليشيا الدعم السريع في السودان، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قائدها محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي" وعدد من قيادات الميليشيا المتورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في البلاد.
في تصريح للمحلل السياسي السوداني أمجد فريد بشأن العقوبات الأمريكية الأخيرة على قائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) وإمكانية إنهاء الأزمة السودانية يضع الأمور في سياق أشمل، حيث وصف الخطوة بأنها "مهمة وفي الاتجاه الصحيح"، لكنها ليست كافية وحدها.
تعزيز توصيف ميليشيا الدعم السريع بارتكاب جرائم جماعية
أوضح فريد، في تصريحات لـ"الدستور" أن ما يعزز من تأثير هذه العقوبات هو توصيف مليشيا الدعم السريع بارتكاب جرائم إبادة جماعية، وهو تصنيف قانوني دولي يحمل تبعات مهمة على الصعيد السياسي والقانوني.
أشار فريد إلى أن وصف الدعم السريع بالإبادة الجماعية يمثل نقلة نوعية في طبيعة التفاعل الدولي مع الأزمة السودانية. ووفقاً للقانون الدولي، فإن هذا التوصيف يفرض على المجتمع الدولي التزامات قانونية وأخلاقية لملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة. كما يتيح المجال لاتخاذ إجراءات أشد، بما في ذلك فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية والسياسية، وملاحقة الأصول المالية التابعة للدعم السريع ومنع قادتها من التحرك بحرية على المستوى الدولي.
أضاف فريد أن الأزمة السودانية معقدة بطبيعتها ولا يمكن حلها من خلال العقوبات وحدها. وشدد على أن وقف الحرب يتطلب توفر إرادة سياسية حقيقية من طرفي النزاع، وهما الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إضافة إلى مشاركة حقيقية من القوى المدنية والسياسية السودانية. وأشار إلى أن الممانعة الحالية من بعض الأطراف تعكس مصالح متشابكة للنظام السابق وأجنحته داخل المؤسسة العسكرية، والتي تسعى للحفاظ على نفوذها الاقتصادي والسياسي.
وأكد فريد أن الحل السياسي الشامل هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، ويتطلب إطاراً تفاوضياً شاملاً يأخذ بعين الاعتبار مطالب الشعب السوداني في السلام والديمقراطية وإعادة بناء الدولة على أسس العدالة والمواطنة المتساوية.
وأوضح أن دعم المجتمع الدولي يجب أن يتجاوز العقوبات إلى ممارسة ضغط سياسي متواصل على جميع الأطراف لتعزيز عملية سلام ذات مصداقية، والعمل على تقديم الدعم الإنساني للمتضررين من النزاع الذين يواجهون أوضاعاً مأساوية، بما في ذلك خطر المجاعة والنزوح المستمر.
وختم المحلل السوداني تصريحه بالقول إن العقوبات الأمريكية على حميدتي قد تساهم في تغيير ديناميكيات الصراع وتقوية موقف الحل السلمي، لكنها ليست نهاية الطريق. المطلوب هو تفعيل آليات محاسبة شاملة وعادلة، إلى جانب دعم عملية انتقالية حقيقية تضمن إنهاء دوامة العنف وبناء مستقبل مستقر للسودان، يكون فيه الجميع شركاء في السلام والتنمية، وليس رهائن لنفوذ الفصائل المسلحة وأجنداتها الضيقة.