د. جمالات عبد الرحيم
إن العلاقة بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني هي واحدة من أكثر العلاقات تعقيدًا وتوترًا على المستوى الدولي، حيث تلعب القوى الغربية دورًا رئيسيًا في دعم الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. هذا الدعم لا يتعارض فقط مع مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي، ولكنه أيضًا يعد خيانة واضحة للعهد الذي تم توقيعه بين مصر وإسرائيل في اتفاقية كامب ديفيد عام 1979.
هذه الاتفاقية كانت مفترضة أن تكون بداية لعهد جديد من السلام والتعاون، لكن هل تحقق ذلك بالفعل؟
بعد انتهاء حرب أكتوبر 1973، كان السلام هو الخيار الذي تم اختياره من قبل القيادة المصرية لتحويل المنطقة نحو الهدوء والاستقرار. وقد جاء هذا السلام بموجب اتفاقية تاريخية أبرمت بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر. واعتبر الكثيرون هذا الاتفاق خطوة هامة نحو تحقيق السلام في الشرق الأوسط.
ومع ذلك، فإن الدعم العميق والمستمر من قبل الولايات المتحدة والغرب للكيان الصهيوني، عوضًا عن تعزيز الاستقرار، يعكس مجرى آخر من الأحداث التي تضرب جذور تلك الاتفاقية. إن تقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية لإسرائيل بشكل مستمر، ودعم سياساتها الاستيطانية وانتهاكات حقوق الفلسطينيين، يخالف روح مبادئ السلام المتعددة.
منذ توقيع اتفاقية السلام، واصلت الولايات المتحدة تقديم المساعدات لإسرائيل، والتي بلغت حتى الآن مستويات غير مسبوقة في التاريخ. ويعي الجميع أن هذه المساعدات لا تذهب فقط إلى تعزيز القوات العسكرية الإسرائيلية، بل تنعكس أيضًا في دعم سياسات الاحتلال والتوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية. هذه السياسات نقضت العديد من التعهدات التي تم الاتفاق عليها في أوسلو وفي غيرها من المبادرات.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن دعم الغرب للكيان الصهيوني يساهم في تعميق الفجوة بين العرب وإسرائيل، ويقوض جهود السلام المستدامة في المنطقة. تفتقر العديد من المجتمعات العربية إلى الثقة في الولايات المتحدة كوسيط نزيه بسبب انحيازها الفاضح لإسرائيل، مما يزيد من صعوبة إيجاد حلول سلمية للنزاعات المستمرة.
تكمن الخيانة الكبيرة لعهد السلام في تجاهل المعاناة الفلسطينية المستمرة، ودعم الاحتلال الذي يحرم الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية. إن الحل العادل والشامل يتطلب من المجتمع الدولي، وبالأخص القوى الكبرى، أن تتخلى عن سياساتها المنحازة وأن تعمل بجد من أجل دعم حل يقوم على تحقيق العدالة والمساواة لجميع الشعوب في المنطقة.
وكذلك الخيانة الكامنة في هذا الأمر ليست فقط في التأثير على السلام الفلسطيني، بل أيضًا في تفاقم التوتر في المنطقة، مما يهدد استقرار مصر نفسها. فالدعم العسكري والسياسي لإسرائيل يمكن أن يعتبر محاولة لفرض سيطرة غربية إضافية في المنطقة، مما يدفع مصر إلى حالة من الاحتياط والتوتر.
إن الدعم الغربي والأمريكي لإسرائيل يعتبر خيانة للعهد الذي أبرم بين مصر وإسرائيل، لأنه لم يقدم التزامًا حقيقيًا بالسلام، بل ناهيك على ذلك، كانت هناك محاولات لتعزيز الهيمنة الإسرائيلية.