الحرفيان.. شقيقان يبدعان فى صناعة الفخار: «كولمن» و«طفايات سجائر»

الحرفيان.. شقيقان يبدعان فى صناعة الفخار: «كولمن» و«طفايات سجائر»
الحرفيان.. شقيقان
      يبدعان
      فى
      صناعة
      الفخار:
      «كولمن»
      و«طفايات
      سجائر»

يجلس الشقيقان أمام الطين، كما كان يجلس الأب والجد فى نفس المكان بقرية «سلام» التابعة لمحافظة أسيوط، وبلمسات دقيقة يحولان الطين إلى أوانٍ فخارية جميلة، وعلى الرغم من أن المهنة تنقرض ببطء، لا يزال «سيد» و«مصطفى» يؤمنان بأن ميراث الأجداد حى ولن يموت.

يقول الحاج سيد عبدالرءوف ثابت، ٥٢ عامًا، إنه فتح عينيه على الحياة ليرى أباه وجده يعملان فى مهنة صناعة الفخار، وكانا يقولان له إنهما ورثا هذه الصنعة من الأجداد منذ مئات السنين.

وأضاف الحاج سيد، لـ«الدستور»: «ما زلنا نحافظ على هذا الميراث، وأعمل أنا وشقيقى فى هذه المهنة ولم نتركها، لكننا فشلنا فى إقناع أبنائنا باستكمال المسيرة، فقد رفضوا واتجهوا إلى مهن أخرى حديثة».

وتابع: «نستخدم معدات بدائية حتى الآن فى صناعة الفخار.. نعمل كما علمنا الأجداد، لكننا استحدثنا بعض المنتجات المطلوبة فى السوق»، مشيرًا إلى أن مهنة صناعة الفخار كانت من أهم المهن قديمًا، وكانت أى سيدة تحرص على أن يكون فى بيتها أوان فخارية للعجن والخبز وحفظ المياه.

ولفت إلى أنه بمرور الزمن أصبح الطلب على الأوانى الفخارية نادرًا، خاصة مع دخول منتجات البلاستيك السوق، مضيفًا: «بعض المواطنين لا يزالون يستخدمون المنتجات الفخارية ولكن فى مواسم معينة»، ما دفع الكثير من الصانعين الماهرين لترك «الشغلانة» والبحث عن مهن أخرى.

وأوضح أن منتجاتهم تشمل «الزير والقدرة والقلة» لحفظ المياه، و«الماجور والطاجن والعجان» لإعداد وخبز المعجنات والطعام، و«المنقد»، الذى يستخدم فى إشعال النيران للتدفئة، كما يصنعون أبراج الحمام و«المبخرة الفخارية» و«منفضة السجائر»، لافتًا إلى أن صناعة الفخار تبدأ بطين الأرض، وتمر بمراحل كثيرة حتى يصل المنتج لشكله النهائى.

بينما قال الشقيق مصطفى عبدالرءوف ثابت، ٤٦ عامًا: «لنحصل على الطين، نطلب من أحد المزارعين خلال تقليب الأرض، أن يبيع لنا طبقة (الطين الأزرق)، وهى الخامة المناسبة لصناعة الفخار، ويكون لونها أسود غامقًا وتتميز بأنها شديدة (فيها عصب)، ونخزنها تمهيدًا لاستخدامها».

وأضاف «مصطفى»: «نغرق الطين بالمياه حتى يلين معنا ويسهل عجنه، ثم نخلطه برماد الفرن ومخلفات القمح (التبن الناعم) بنسب معينة، ويستمر العجن والتقليب حتى نصل إلى القوام المطلوب»، مؤكدًا: «فى أثناء عملية العجن ننقى الطين من الشوائب، وبعد اكتمال العجن يجرى تقسيم الطين، ونرفعه على الدولاب لتشكيله وصناعة المنتج المطلوب».

وأوضح: «عقب انتهاء عملية تشكيل المنتجات نتركها عدة أيام فى الهواء الطلق لتجف، ثم ندخلها إلى الفرن لاكتمال عملية الصناعة، وتخرج إلينا فى شكلها النهائى ليجرى وضعها على العربة الكارو، وننتقل بها بين القرى لبيعها للأهالى».

وأشار إلى أن عملية تسوية الفخار تتم فى أفران بلدية مفتوحة من الأعلى: «نرص المنتجات فى فوهة الفرن، ثم نغلق الفرن من الأعلى بالطوب ونشعل النيران مستخدمين مخلفات الذرة (البوص)، وهى طريقة بدائية. ونحافظ على النيران مشتعلة لمدة ٤ ساعات، حتى يخرج المنتج بأفضل شكل».

وتابع: «الحداثة وصلت لصناعة الفخار، سواء فى الخامات أو الأفران أو طرق الصناعة، إلا أن الأوانى المصنوعة بالطريقة التقليدية القديمة ما زالت محتفظة بسوقها والطلب عليها مستمر، لأنها خالية من المواد الكيماوية، ولا تغير من خصائص الماء، سواء من ناحية الطعم أو الرائحة».

ولفت إلى أن بعض المواطنين يطلبون منتجات خاصة ونصنعها لهم، وأغرب هذه المنتجات أن أحد الأشخاص طلب منا «كولمن مياه»، وصنعناه بالفعل، وركبنا له صنبورًا، وغطاء ليستطيع تفريغ الكولمن وإعادة ملئه، وهناك من يطلبون منافض سجائر، وقد كان الطلب عليها كبيرًا لأن أسعارها أرخص كثيرًا من مثيلاتها فى السوق.

ونوه بأن صناعة الفخار من الصناعات اليدوية وكثيفة العمالة، إلا أنها قد قاربت على الاندثار بسبب ضعف الطلب على المنتجات الفخارية واستخدام الأهالى للأوانى الحديثة وعزوف الشباب عن تعلمها والاتجاه إلى الحرف الأسهل، ولكننا ما زلنا نحافظ على هذه الحرفة لأنها مصدر دخلنا الوحيد.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق إصابة شاب إثر سقوطه من "أسانسير" بمنطقة بولاق الدكرور
التالى الجلفة.. تسمم شخصين بالغاز