تشهد الصين في عام 2025 سلسلة من الأحداث التي تؤثر على الاقتصاد والسياسة الداخلية والخارجية للبلاد، وسط تحديات كبيرة على مختلف الأصعدة.
فاليوم استيقظنا على تعرض بعض مناطق جنوب غرب الصين لزلزال قوي بقوة 6.8 ريختر أسفر عن مئات الضحايا والمصابين ومازال البحث جاري عن آخرين فضلا عن تدمير العديد من المباني في مناطق متضررة
خفض قيمة اليوان
في خطوة اقتصادية هامة قرر البنك المركزي الصيني خفض قيمة اليوان مقابل العملات الأجنبية، وذلك في محاولة لتحفيز التصدير وتعزيز النمو الاقتصادي في مواجهة تباطؤ الأسواق العالمية.
وفي سياق السياسات الاقتصادية، أعلن البنك المركزي الصيني عن خطط لخفض معدل الفائدة بهدف تحفيز الاستثمار المحلية وتعزيز استهلاك الأسواق الداخلية في ضوء التحديات الاقتصادية الراهنة.
أمريكا والصين الوقوف على حافة الصراع
وحول العلاقات الأمريكية - الصينية، فاتخذت إدارة دونالد ترامب الأولى فى عام 2017 خطوات أكثر جدية تجاه الصين، حيث صنفتها باعتبارها "منافس إستراتيجي" للولايات المتحدة الأمريكية وأنها تسعى لإعادة ترتيب هيكل القوة العالمي مما سيضعها يوما في مواجهة حتمية مع واشنطن.ومن ثم أصدرت إدارة ترامب سلسلة من الوثائق الإستراتيجية تشرح هذه السياسة الجديدة تجاه الصين، أهمها "إستراتيجية الأمن القومي لعام 2017″ و"إستراتيجية الدفاع الوطني الأميركية لعام 2018".
ولكن بعد عام ونصف من الحرب التجارية وقعت الصين في 2020 المرحلة الأولى من الاتفاقية التجارية مع واشنطن، وبموجبها ألغت الولايات المتحدة قرابة نصف الرسوم المفروضة على الواردات الصينية مقابل تعهد بكين بأن تشتري بضائع أميركية بقيمة 200 مليار دولار خلال مرحلة تمتد إلى عامين.
وخلال الأشهر الأخيرة جعل الرئيس الصيني موقف بكين من العلاقة مع واشنطن واضحا بشكل لا لبس فيه، وانعكس ذلك في خطاباته وتصريحاته المتعددة في قمم مثل "بريكس" و"بريكس بلس" ومنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (APEC) وقمة العشرين.
وتحدث الرئيس الصيني بوضوح عن إستراتيجيته تجاه واشنطن في ظل عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى السلطة وما قد يحمله ذلك من تحديات للعلاقات الثنائية، فضلا عن تحديد خطوطا حمراء للعلاقة بين البلدين لا يجوز تجاوزها، وتشمل قضية تايوان وملف حقوق الإنسان ومسار التنمية الصينية.
الصين وأميركا في 2025 والصراع الذي قد يغير شكل العالم
البعض يقول إن التاريخ يعيد نفسه وأن هناك تشابه بالغا بين قصص صعود وهبوط الإمبراطوريات الكبرى والدول العظمى عبر العصور، وكثيرا من الاستراتيجيون الأمريكيون يحذرون من أن بكين قد تحاكي نفس قصة صعود بلادهم فى أن يبدأ التاريخ دورة كونية جديدة لا تكون فيها الولايات المتحدة الأمريكية متفردة على قمة العالم.
واليوم في خطوة تصعيدية في العلاقات التجارية، فرضت الصين عقوبات اقتصادية على 10 شركات أمريكية بسبب ممارساتها التجارية التي قالت الصين إنها تضر بالمصالح الوطنية هذه الإجراءات تأتي في إطار التوترات التجارية المستمرة بين البلدين.
كما أعلنت بكين أنها تعد ثاني حزمة من العقوبات خلال أسبوع واحد، ردا على مبيعات أسلحة أميركية لتايوان حيث تشمل العقوبات قيودا على فروع شركات بارزة مثل "لوكهيد مارتن" و"جنرال داينامكس" و"رايثيون".
وفى بيان لها قالت وزارة التجارة الصينية، إن الشركات المتورطة أُدرجت على قائمة "الكيانات غير الجديرة بالثقة"، مما يمنعها من استيراد أو تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج (المدني والعسكري) أو القيام باستثمارات جديدة داخل الصين فضًلا عن حظر كبار مديري هذه الشركات من دخول البلاد، مضيفًة أن هذه الإجراءات تهدف إلى حماية الأمن والمصالح الوطنية للصين والالتزامات الدولية المتعلقة بعدم انتشار الأسلحة.
وتشكل مبيعات الأسلحة الأميركية لتايوان مصدرا رئيسيا للتوترات بين بكين وواشنطن، إذ تعتبر الصين تايوان جزءا لا يتجزأ من أراضيها، وتؤكد أنها لن تستبعد استخدام القوة لفرض السيطرة عليها، في حين أن واشنطن هي أكبر داعم لتايوان، رغم عدم اعترافها الرسمي بالجزيرة.
وتستمر الصين في مواجهة تحديات متعددة في عام 2025، من كوارث طبيعية إلى إجراءات اقتصادية، وسط محاولة للحفاظ على استقرار الاقتصاد والنظام السياسي الداخلي في ظل الضغوط الدولية.
فيروس HMPV الرئوي وانتشاره في الصين - هل هو أداة جديدة في الحروب البيولوجية؟
وفي الأشهر الأخيرة، انتشر فيروس HMPV بشكل غير مسبوق في الصين، حيث تم تسجيل العديد من الحالات في مناطق حضرية و مناطق نائية. أظهرت تقارير طبية أن الفيروس قد أصاب الآلاف في مدن كبرى مثل بكين و شنغهاي، وأدى إلى ضغط كبير على النظام الصحي في البلاد. الحكومة الصينية قد اتخذت عدة إجراءات لاحتواء الفيروس، بما في ذلك فرض الحجر الصحي في المناطق المتأثرة، و تشديد الفحوصات الصحية في المطارات والحدود.
تفشي فيروس HMPV في الصين:
فيروس HMPV (Human Metapneumovirus) هو فيروس رئوي يصيب الجهاز التنفسي البشري، ويعتبر من نفس العائلة التي ينتمي إليها فيروس الإنفلونزا و الفيروسات التنفسية المخلويّة. تم اكتشاف هذا الفيروس لأول مرة في عام 2001، وهو يصيب بشكل رئيسي الأطفال وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.
تتشابه أعراض HMPV مع أعراض العديد من الفيروسات التنفسية الأخرى مثل الإنفلونزا و الفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، وتشمل:
- سعال شديد.
- حمى.
- احتقان الأنف.
- صعوبة في التنفس.
- ألم في الصدر.
- إرهاق عام.
ورغم أن معظم الحالات تكون خفيفة، إلا أن الفيروس قد يتسبب في مضاعفات خطيرة لدى الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة أو كبار السن، مما يؤدي إلى التهاب رئوي أو فشل تنفسي في الحالات الشديدة.
لماذا الحديث عن فيروس HMPV في هذا التوقيت؟
من المعروف أن الصين شهدت في الآونة الأخيرة موجات متعددة من الأوبئة، بدءًا من فيروس كورونا المستجد (COVID-19)، وصولاً إلى فيروس HMPV.
البعض يشير إلى أن توقيت تفشي هذا الفيروس قد لا يكون مجرد مصادفة في ظل التوترات السياسية والاقتصادية الحالية بين الصين والغرب، قد ينظر إلى تفشي الفيروس كأداة جديدة في الحروب البيولوجية التي قد تستخدم الدول الكبرى كوسيلة لإضعاف منافسيها أو زيادة الضغط على الأنظمة الصحية العالمية.
هناك أيضًا من يطرح فرضية أن انتشار الفيروس في هذا التوقيت قد يكون جزءًا من استراتيجية صينية للتحكم في الاقتصاد العالمي وتوجيه الأنظار بعيدًا عن القضايا الداخلية مثل الأزمات الاقتصادية أو الاحتجاجات الشعبية.
ولكن في الوقت الذي يعاني فيه العالم من تحديات صحية واقتصادية جراء جائحة كوفيد-19، يمكن أن يستغل مثل هذا الفيروس كأداة لإعادة ترتيب أولويات القوى العالمية.
هل هو أداة للصين
في الوقت الذي تشهد فيه الصين تطورات مثيرة للقلق بشأن انتشار فيروس HMPV الرئوي، يتساءل الكثيرون عن الأسباب الكامنة وراء تفشي هذا المرض في هذه الفترة الزمنية، وهل يمكن أن يكون جزءًا من حروب فيروسات فعليه تهدف إلى تغيير موازين القوى الدولية.
على الرغم من عدم وجود دليل قاطع على أن الصين قد استخدمت الفيروس بشكل متعمد كأداة سياسية أو اقتصادية، ولكن بعض التحليلات تتساءل إن كان فيروس HMPV قد يكون أداة استراتيجية تستخدمها الصين في سياق الحروب البيولوجية أو الحروب غير التقليدية فإن النمو السريع للاقتصاد الصيني بعد جائحة كوفيد-19 قد يثير شكوكًا حول نية استخدامها أدوات بيولوجية لتوجيه ضغوط إضافية على العالم.
بعض المراقبين يشيرون إلى أنه مع التوسع الصيني في مجال التكنولوجيا الحيوية، قد يكون هناك دور خفي لتكنولوجيا الفيروسات في تعزيز قوة الصين العالمية، سواء كان ذلك في الاقتصاد أو في النفوذ السياسي. لكن من المهم أن نؤكد أن هذه الفرضيات تظل محل نقاش ولم يتم إثباتها علميًا.
فى النهاية لا يمكن الجزم بأن فيروس HMPV هو أداة استراتيجية في يد الصين، إلا أن توقيت تفشيه في هذه المرحلة من التاريخ يثير العديد من التساؤلات ويبدو أن العالم قد يكون في مرحلة جديدة من الحروب البيولوجية التي قد تستخدم فيها الفيروسات كأدوات للضغط أو تغيير موازين القوى الدولية وكل ما علينا الآن معرفة كيف ستؤثر هذه الأوبئة على العلاقات الدولية والأمن الصحي العالمي.