يُعتبر التاريخ القبطي جزءًا لا يتجزأ من التراث المصري الغني الذي يمتد لأكثر من ألفي عام، حيث يعود أصله إلى الحقبة الفرعونية واستمر في التطور بعد دخول المسيحية إلى مصر في القرن الأول الميلادي، يُعد التقويم القبطي الذي يعتمد على دورة الشمس من أبرز ما يميز هذا التاريخ والذي ما زال يُستخدم حتى اليوم في تحديد المناسبات والأعياد القبطية.
ما هو التاريخ القبطي؟
التاريخ القبطي هو تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والشعب القبطي في مصر. بدأ مع دخول المسيحية إلى البلاد على يد القديس مرقس الرسول في القرن الأول الميلادي. وازدهرت المسيحية في مصر رغم التحديات والاضطهادات التي واجهها الأقباط عبر العصور، حيث حافظوا على هويتهم الدينية والثقافية من خلال اللغة القبطية والتراث الكنسي.
يبدأ التقويم القبطي في عام 284 ميلادي المعروف بـ"عام الشهداء"، وذلك نسبة إلى فترة اضطهاد الأقباط خلال حكم الإمبراطور دقلديانوس. ويعتمد هذا التقويم على السنة الشمسية ويتكون من 13 شهرًا، منها 12 شهرًا يتكون كل منها من 30 يومًا، وشهر صغير يسمى "نسيء" يتكون من 5 أو 6 أيام حسب السنة الكبيسة.
التاريخ القبطي اليوم
اليوم هو الثلاثاء 7 يناير 2025، ويوافق في التقويم القبطي 29 كيهك 1741. يُعرف شهر كيهك، الشهر الرابع في السنة القبطية، بشهر التسبيح، حيث تُقام فيه الترانيم والصلوات الكنسية استعدادًا لعيد الميلاد المجيد الذي يُحتفل به في 29 كيهك.
ويبدأ شهر كيهك عادةً في 10 ديسمبر ويستمر حتى 8 يناير.
ويُعتبر هذا الشهر من أهم الشهور الدينية في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث يُؤدى فيه الصوم الكبير، وتُعقد التسبحة الكيهكية التي تحمل طابعًا روحانيًا خاصًا.
ما هو شهر طوبة؟
بعد انتهاء شهر كيهك، يبدأ شهر طوبة في التقويم القبطي، وهو الشهر الخامس من السنة القبطية.
يبدأ شهر طوبة في 9 يناير ويستمر حتى 7 فبراير.
وبذلك، يتبقى يوم فقط على بداية شهر طوبة، وهو الشهر الذي يُعرف ببرودته الشديدة ومطره الغزير.
ويرتبط شهر طوبة بمقولات تراثية في الثقافة المصرية مثل "طوبة يخلي الصبية كركوبة"، في إشارة إلى البرد القارس الذي يُميز هذا الشهر.
ويُعتبر شهر طوبة أيضًا شهر الخير والبركات، حيث يزداد فيه النشاط الزراعي ويُزرع القمح والشعير.
محطات تاريخية بارزة في التاريخ القبطي
مر التاريخ القبطي بعدة مراحل رئيسية شكلت ملامحه الحالية:
1- عصر الشهداء في القرن الرابع الميلادي كان من أصعب الفترات التي مر بها الأقباط، حيث تعرضوا للاضطهاد على يد الإمبراطور دقلديانوس.
2- العصر الذهبي للكنيسة القبطية حيث ازدهرت الحياة الرهبانية وانتشرت الأديرة في أنحاء مصر، وبرز العديد من الآباء الروحيين الذين ساهموا في تشكيل الفكر المسيحي.
3- العصر الإسلامي الذي شهد تعايشًا سلميًا بين المسلمين والأقباط مع بعض الفترات التي شهدت تحديات واضطهادات.
أهمية التاريخ القبطي اليوم
اليوم يُحتفل بـ التاريخ القبطي في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث يُعتبر مرجعًا أساسيًا لتحديد الأعياد والمناسبات الدينية مثل عيد الميلاد المجيد وعيد القيامة.
كما يحرص الأقباط على إحياء الذكرى السنوية للشهداء القدامى الذين ضحوا بحياتهم من أجل الإيمان.
تُعتبر اللغة القبطية، التي هي امتداد للغة المصرية القديمة، من أهم رموز التاريخ القبطي، حيث تُستخدم في الصلوات والترانيم الكنسية، وتُعبر عن هوية الأقباط الثقافية والدينية.
كيف يُؤرخ الأقباط لمناسبات بالتقويم القبطي؟
يعتمد الأقباط على التقويم القبطي، المعروف أيضًا بتقويم الشهداء، في تحديد مواعيد المناسبات والأعياد الدينية. ويبدأ العام القبطي عادة في 11 أو 12 سبتمبر من كل عام ميلادي حسب السنة الكبيسة، ويُطلق عليه "عيد النيروز" الذي يُعد احتفالًا برأس السنة القبطية، ويتميز بتراث ثقافي وفني خاص حيث تُقام الصلوات والترانيم للاحتفاء بالشهداء.
لماذا يُعد التاريخ القبطي جزءًا من الهوية المصرية؟
يُشكل التاريخ القبطي جزءًا أساسيًا من الهوية المصرية، حيث يحمل في طياته مزيجًا من التراث الفرعوني والمسيحي ويعكس رحلة نضال الأقباط للحفاظ على إيمانهم وثقافتهم. كما يُساهم في فهم التعايش الديني والثقافي الذي ميز المجتمع المصري على مر العصور.
الحفاظ على دراسة التاريخ القبطي يُساعد في تعزيز التفاهم بين المسلمين والمسيحيين في مصر، ويُبرز أهمية الوحدة الوطنية القائمة على التنوع الثقافي والديني.