البابا يترأس قداس الميلاد فى العاصمة الجديدة: «المسيح يعلمنا العطاء»

ترأس البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، مساء أمس، قداس عيد الميلاد المجيد بكاتدرائية ميلاد المسيح فى العاصمة الإدارية الجديدة، وسط حضور شعبى كبير.

وشارك فى صلوات القداس عدد من أساقفة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، منهم الأنبا أنجيلوس الأسقف العام لكنائس شبرا الشمالية، والأنبا أكليمندس الأسقف العام لكنائس قطاع ألماظة بالقاهرة، والأنبا دانيال مطران المعادى وسكرتير المجمع المقدس، والأنبا بطرس الأسقف العام، والقمص سرجيوس سرجيوس وكيل البطريركية بالقاهرة.

جاء ذلك وسط مشاركة كثيفة من قبل المهنئين، منهم ممثلو رئاسة الجمهورية، وممثلو مجلسى النواب والشيوخ ورئاسة مجلس الوزراء، وعدد من الوزراء، وكذلك ممثلو العديد من مؤسسات وهيئات الدولة بأركانها المختلفة وسفراء بعض الدول، والدبلوماسيون والشخصيات العامة، وعدد من الأساقفة والكهنة وأبناء الكنيسة الذين يحملون دعوات الحضور.

وبدأت صلاة العشية بالكاتدرائية قبل القداس وترانيم الميلاد، وسط إجراءات أمنية مشددة، وتلتها صلوات قداس العيد التى تضمنت دق الأجراس لإعلان بدء القداس، ثم دخل موكب البابا إلى الكاتدرائية، محاطًا بالآباء الأساقفة والكهنة والشمامسة، وسط ترتيل الألحان الخاصة بعيد الميلاد.

واستقبل أبناء الكنيسة موكب البابا تواضروس الثانى بالترحاب لدى دخوله القاعة الكبرى، حيث أقيم قداس عيد الميلاد المجيد، ونُقلت الصلوات على الهواء مباشرة عبر التليفزيون المصرى والقنوات الفضائية القبطية، إضافة إلى الموقع الرسمى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وقناة COC التابعة للمركز الإعلامى للكنيسة، فضلًا عن عدد من القنوات الفضائية العامة.

وخلال كلمته بعظة قداس عيد الميلاد المجيد، قدم البابا تواضروس الثانى الشكر إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، ولرؤساء مجلسى النواب والشيوخ ورئيس مجلس الوزراء، والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والوزراء الذين قدموا التهنئة بالعيد.

كما بعث البابا تواضروس رسالة عيد الميلاد المجيد إلى الأقباط فى كل مكان، والتى تُرجمت إلى ١٢ لغة من بينها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والصينية واليابانية والسويدية والدنماركية.

وقال فى نص رسالته المسجلة عبر «الفيديو»: «سنة سعيدة وعيد ميلاد مجيد. أهنئكم أيها الأحباء فى كل مكان فى كنائسنا القبطية. أهنئكم بالعام الجديد ٢٠٢٥. وأيضًا بعيد الميلاد المجيد، أول الأعياد المباركة فى السنة الميلادية».

وأضاف: «أهنئ كل الآباء المطارنة والآباء الأساقفة، والآباء الكهنة، القمامصة والقسوس، والشمامسة، وأهنئ مجالس الكنائس وأهنئ كل الأسر القبطية، وكل الشباب والأطفال فى كل بقاع الأرض بعيد الميلاد المجيد الذى نستقبل فيه السيد المسيح طفلًا صغيرًا، فالله عندما أراد أن يدخل إلى العالم اختار الطفولة، ومن خلال هذا الطفل الصغير تمت أعمال عظيمة».

وواصل: «الحقيقة عندما ندرس أحداث الميلاد، نكتشف حقيقة مهمة جدًا أن كل الأمور الصغيرة عندما نضعها فى يد الله تصير عظيمة، سأعطيك أمثلة لذلك. فى قصة الميلاد نتقابل مع القرية الصغيرة بيت لحم. قرية صغيرة ومغمورة وغير معروفة. توجد آلاف القرى فى أماكن كثيرة فى العالم. ولكن عندما استقبلت هذه القرية السيدة القديسة مريم العذراء والقديس يوسف النجار، كانت النتيجة مع ميلاد السيد المسيح».

وأكمل: «إن هذه القرية صارت أشهر قرية فى العالم كله، قرية بيت لحم. الحاجة الصغيرة فى يد ربنا تصير كبيرة جدًا، ليست القرية فقط، لكن الفتاة الصغيرة، أمنا السيدة العذراء مريم هى صبية صغيرة، بسنوات محدودة، ولكن الله ملأها بالنعمة، وقال لها الملاك: (الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فَلِذَلِكَ أيضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ) (لوقا ١): (٣٥)».

وتابع: «هذه الفتاة الصغيرة، المتواضعة، التى عاشت فى الهيكل صارت فيما بعد أشهر قديسة فى الحياة المسيحية. وصرنا نطلق على هذه القديسة أنها فخر جنسنا، جنس البشر كله، الرجال والنساء فى كل مكان، وكما ذكرت فتاة صغيرة عندما تتعامل مع الله وتمتلئ بالنعمة تصير بهذه العظمة».

وقال: «النجم الصغير الذى ظهر فى السماء، وكان يتحرك حركة ربما غير معتادة حسب علوم الفلك. وكان مرشدًا لجماعة المجوس القادمين من الشرق. هؤلاء المجوس وهم فى الطريق كان مرشدهم ودليلهم الوحيد فى الطريق هو هذا النجم».

وأوضح أن هذا النجم كان يتحرك مع حركتهم، وكان يقف عندما يقفوا، وصار معجزة السماء تمتلئ بنجوم كثيرة، مكملًا: «لكن هذا النجم نجم الميلاد، صار معجزة وصار معروفًا ومشهورًا، وعندما نرسم أيقونات الميلاد، لا بد أن نرسمه فى الأيقونات على اختلاف أنواعها، أمثلة كثيرة، الصغير فى يد المسيح يصير عظيمًا والقليل فى يد المسيح يصير كثيرًا».

وقال: «ليست هذه الأمثلة فقط لكن يوجد مثال آخر وهو مثال التسبحة التى أنشدها الملائكة فى وقت الميلاد، تسبحة قصيرة جدًا ولكنها صارت عنوانًا لمسيحيتنا: (الْمَجْدُ لِلَّهِ فِى الأَعَالِى وَعَلَى الْأَرْضِ السَّلَامُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ) (لوقا ٢): (١٤)، تسبحة قليلة الكلمات ولكنها عظيمة الأثر. وصارت هى العنوان المعبر عن مسيحيتنا».

وأضاف أن «هذه التسبحة تشمل السماء والأرض والناس، ولذلك صارت تسبحة شاملة. السماء: المجد لله فى الأعالى، الأرض: وعلى الأرض السلام، الناس: وبالناس المسرة، فأصبحت تسبحة ثلاثية ومتكاملة وشاملة، وصارت هى عنوانًا لعمل المسيح ولعمل المسيحية. كأنها خطة وبرنامج لحياة الإنسان. النماذج كثيرة جدًا، ولكن المهم أنك عندما تضع القليل فى يد الله يصير عظيمًا، ونحن نطلق عليه فى لغتنا تحل فيه البركة، مع إنه قليل».

وواصل: «بعيدًا عن قصة الميلاد، من الممكن أن نذكر أمثلة أخرى. مثلًا الطفل الصغير الذى كان يحمل ٥ خبزات وسمكتين فى وسط جموع بالآلاف. وعندما يطلب السيد المسيح من تلاميذه أن يشبعوا الجموع قالوا: ليس عندنا شىء غير طفل صغير معه خمس خبزات وسمكتان. ربما كانوا طعامًا لهذا الطفل. ولكن التلاميذ أخذوا هذا الطعام القليل جدًا ووضعوه فى يد المسيح ليبارك عليه. فصار كثيرًا جدًا يشبع خمسة آلاف رجل ماعدا النساء والأولاد وأيضًا يتبقى منه اثنتا عشر- قفة مليئة بالكسر- ما هو هذا الفيض؟ وما هى هذه البركة العظيمة؟».

وأضاف: «مثال آخر من الأمثلة الجميلة، الأرملة الفقيرة التى ألقت الفلسين، هذان الفلسان قيمتهما ضعيفة جدًا حسب زمان السيد المسيح، ولكنها قدمتهما من أعوازها ومن احتياجها، وكانت النتيجة أن الله يمدحها ويشير إليها. وصارت المرأة صاحبة الفلسين مشهورة فى أسفار العهد الجديد. فى حين أنه كان يوجد آخرون يضعون مبالغ كثيرة. والعملة فى ذلك الوقت كانت من المعدن، والصندوق الذى كان يوضع فيه المال كان مصنوعًا من المعدن أيضًا».

وأكمل: «عندما توضع العملة فى الصندوق كانت تصدر صوتًا، وإن كانت العملة ذو قيمة كبيرة كانت تصدر صوتًا كبيرًا، وإن كانت العملة ذو قيمة قليلة كانت تصدر صوتًا أقل. وتقريبًا هذان الفلسان لم يكن لهما أى صوت. ولكن المسيح يمدحها ويطوبها ويشير إليها. وصارت عنوانًا لنا».

وذكر أنه «حتى فى قصص اختيار خدام المسيح، كما فى قصة اختيار داود النبى، فقد كان فتى صغيرًا. أصغر إخوته، وكان ضعيف البنية، ربما نرى نفس القصة مع القديس الأنبا بيشوى، بنفس الطريقة، كان صغيرًا. وعندما يطلبه الله لكى ما يصير خادمًا له ورسولًا له يعترض الكبار ويقولون (خذوا واحد أكبر)».

وتابع: «لكن الله يختار الصغير ويصنع منه إنسانًا قديسًا عظيمًا، ويصنع منه داود النبى بكل حياته وبكل مزاميره، بمزمور التوبة المعروف، هذه الصورة الجميلة تجعلنا، ونحن نستقبل ميلاد السيد المسيح، نعلم تمامًا أننا عندما نقدم القليل من أجل الله يصير كثيرًا جدًا. ليس القليل فى المال فقط ولكن أيضًا القليل فى الوقت».

وقال: «عندما تقدم وقتًا محدودًا جدًا فى يومك من أجل الله فى الصلاة فى الإنجيل، فى الخلوة فى التأمل، ستجد هذه الأوقات القليلة التى تقدمها من أجل الله تبارك كل اليوم وكل الأسبوع وكل الشهر، عندما تقدم جهدًا، أو خدمة، أو فكرًا، أو ابتكارًا، أو إبداعًا، مهما كان القليل الذى ستقدمه، هذا سيصير عظيمًا».

وأضاف: «رسالة الميلاد التى أقدمها لكم اليوم أيها الأحباء، أنك لا تستصغر شيئًا مهما كان شكل حجمه، أطفالنا الصغار سيصيرون عظماء فيما بعد الجهد الذى تقدمه، ووقتك، ومالك، وفكرك وتعبك ودموعك، كل هذا سيصير فى يد الله عظيمًا، ما دمت تقدمه من أجل الله».

واختتم قائلًا: «أنا أهنئكم جميعًا، أهنئ كل الإيبارشيات القبطية فى كل بقاع الأرض، فى إفريقيا، فى آسيا، فى أوروبا، فى أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، وفى أستراليا. وأيضًا فى الكرسى الأورشليمى فى مدينة إلهنا العظيم أورشليم. أهنئكم جميعًا من القاهرة من مصر أهنئكم وأنقل لكم تحيات كل الكنيسة القبطية فى مصر وأرجو لكم عامًا جديدًا سعيدًا. وأرجو لكم عيد الميلاد المجيد وفرحة الميلاد فى حياتكم. والمجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة».

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق طلب إحاطة لتنمية المزارع السمكية ببحيرة المنزلة من ناحية دمياط
التالى الجلفة.. تسمم شخصين بالغاز