تدق أجراس كاتدرائية «ميلاد المسيح» بالعاصمة الإدارية الجديدة، فى السابعة مساء اليوم إيذانًا ببدء قداس عيد الميلاد المجيد، برئاسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، على أن يستقبل المهنئين بالعيد فى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، الثلاثاء.
ويخرج البابا تواضروس الثانى من مقره إلى القاعة الكبرى فى كاتدرائية «ميلاد المسيح»، يتقدمه موكب الشمامسة، الذى يقوده كبير الشمامسة إبراهيم عياد، وسط عزف ألحان وتراتيل الميلاد، لتبدأ حينها مراسم قداس عيد الميلاد.
ويبعث البابا رسالة خاصة بمناسبة عيد الميلاد المجيد، صباح اليوم، ومن المقرر ترجمتها إلى ١٢ لغة من بينها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والصينية واليابانية والسويدية والدنماركية، ثم يترأس قداس العيد فى العاصمة الإدارية الجديدة مساءً.
الطقوس تبدأ بصلاة منتصف الليل وإضاءة الشموع
وشدد القس يوساب عزت، أستاذ القانون الكنسى والكتاب المقدس بالكلية الإكليريكية والمعاهد الدينية، على أن عيد الميلاد المجيد واحد من أعظم الأعياد المسيحية، حيث يتم الاحتفال بميلاد الرب يسوع المسيح، الكلمة الذى صار جسدًا وحلَّ بيننا ليصالح السماء مع الأرض، لنعيش رحلة إيمانية غنية بالرموز والمعانى الروحية العميقة.
إن طقس عيد الميلاد عادةً ما يبدأ بصلاة نصف الليل، وهى إشارة إلى النور الذى أشرق فى الظلمة، متمثلًا فى ميلاد المسيح، فالشموع والإنارة التى تملأ الكنائس تعبر عن المسيح النور الحقيقى الذى أتى ليبدد ظلام الخطية ويضىء قلوب البشر.
ولفت إلى أن «الألحان الميلادية الخاصة بهذا العيد تحمل فرحًا خاصًا، حيث تُنشد الكنيسة ترانيم مثل (المجد لله فى الأعالى) التى تعيدنا إلى تلك الليلة العجيبة عندما ظهر الملائكة للرعاة ليبشروا بميلاد المخلص»، موضحًا أن الترانيم هنا ليست مجرد كلمات، بل هى صلوات مرفوعة تعبر عن شكر وفرح عميقين.
وبيّن أن القراءات التى تُتلى خلال قداس العيد تمتلئ بالبشارات النبوية عن ميلاد المسيح، بدءًا من إشعياء الذى تنبأ بولادة العذراء ابنًا يدعى عمانوئيل، وصولًا إلى قراءة إنجيل القداس التى تحكى تفاصيل الحدث المقدس، هذه القراءات تُذكّرنا بأن ميلاد المسيح كان خطة إلهية مُعدة منذ الأزل.
وتابع: «تشمل القراءات نبوءات وبشارات ميلاد المسيح، النبوءات: قراءات من العهد القديم، مثل إشعياء الذى تنبأ بولادة العذراء ابنًا يُدعى عمانوئيل، أما الرسائل: فهى رسائل بولس الرسول وبطرس ويوحنا، التى تتحدث عن التجسد الإلهى، أما إنجيل القداس فيتلى عادة من إنجيل لوقا (٢: ١-٢٠)، وهو النص الذى يروى ميلاد المسيح، وظهور الملائكة للرعاة، وبشارتهم بالفرح العظيم».
وأكمل أن طقس عيد الميلاد المجيد ليس مجرد احتفال تقليدى، بل هو لقاء حى مع الله المتجسد، وفرصة للتأمل فى محبة الله اللا متناهية وتجسده من أجل خلاصنا، وهو دعوة لتجديد قلوبنا، لنعيش روح الميلاد فى كل أيام حياتنا، حاملين النور والفرح لكل من حولنا.
وأضاف أن ميلاد المسيح رسالة سلام فى ليلة الميلاد، حيث ظهر الملائكة للرعاة وأعلنوا: «المجد لله فى الأعالى، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة» (لوقا ٢:١٤)، هذا الإعلان يبرز أن ميلاد المسيح هو وعد للسلام لكل البشرية.
وقال: «التواضع هو الذى يجلب السلام، فاختيار المسيح أن يولد فى مذود بسيط يعلمنا التواضع ونبذ الكبرياء، ما يسهم فى بناء عالم أكثر سلامًا وعدالة ومساواة، فبشارة الميلاد جاءت للجميع، الأغنياء والفقراء، الرعاة والملوك، ما يشير إلى رسالة السلام والمساواة بين البشر».
ولفت إلى أن هذه التعاليم تدعو كل فرد للسلام الداخلى والمصالحة مع الآخرين، السلام الداخلى مع الله: بميلاده قدم المسيح للبشر فرصة للعودة إلى الله من خلال التوبة، هذا السلام الروحى يحرر القلب من القلق والخوف، السلام مع النفس: علّم المسيح أهمية الإيمان والثقة فى الله، قائلًا: «سلامى أترك لكم، سلامى أعطيكم» (يوحنا ١٤:٢٧)»، مؤكدًا أن السلام الحقيقى ينبع من العلاقة مع الله.