مواليد أول يناير

محمد عبدالعزيز

فاجأني منشور كتبته إحدى الطبيبات كشف عن ظاهرة أقحم بعضهم نفسه فيها لا لسبب مفهوم وإنما بغرض التريند.
تحدث المنشور الذي راج بسرعة هائلة عن رغبات تحققت لكثير من السيدات الحوامل لتحديد موعد ولادتهن ليكون مطلع العام الجديد وليسجل أولياء الأمور مواليدهم بتاريخ الأول من يناير.
ظاهرة جميلة وفأل حسن بالتأكيد أن يأتيكم أفضل رزق وهو الذرية الطيبة مع بداية عام جديد نرجو فيه الأفضل ونتمنى فيه الخير والسعادة، وبالفعل ليس هناك أسعد ولا أفضل ولا أجمل من مولد قرة عين تلذ به أعين الوالدين وتطيب به خواطرهم.
لكن، وآه مما بعدها، هل ضمن الأم والأب وقبلهما الطبيب المولد صحة وسلامة المولود الذي عجل بولادته أو اخرها ليتدخل قيصريا في الموعد الذي اختاره ولي أمر الرضيع ؟ 
ذكرتني هذه الظاهرة الملفتة بسعادة آباء رزقوا بفلذات أكبادهم في أيام مميزة كهذا الذي رزق بمولود في يوم السادس من اكتوبر، أو كتلك الأم التي ولدت طفلتها في الثلاثين من يونيو. وفي المقابل، سمعت عن أولياء أمور رزقوا مولودًا في اليوم الثالث عشر من أحد الشهور الميلادية، فلما وافق التاريخ يوم جمعة سجلوا الطفل بتاريخ لاحق إيمانًا منهم بالتفاؤل والتشاؤم!!
أمور عجيبة وغريبة قادنا إليها إيمان الكثيرين بالتريند. ألم يسأل هؤلاء أنفسهم سؤالًا واحدًا عن جدوى هذا الإصرار العجيب على تحديد موعد للولادة قد يضر بفلذات أكبادهم ؟ ألم ينبههم طبيبهم إلى خطورة عدم اكتمال نمو الجنين ؟ ما بلغنا وما تابعناه على السوشيال ميديا هو زيادة الضغط على الحضانات بأعداد لا يمكن تصورها يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، وتحدث الأطباء باستفاضة عن خطورة هذه الولادات على صحة الرضيع وخاصة جهازه التنفسي حيث كتبت الدكتورة هند عبد السلام  
منشورا انتشر بسرعة البرق تقول فيه:" كل الحب والدعم للزملاء الأعزاء دكاترة الاطفال الذين يستقبلون حالات Elective CS  وليست لديهم أماكن في الحضانات، حرفيا يحاولون إصلاح أخطاء غيرهم ولكن فقط بهدف الحصول علي تاريخ ميلاد مميز والنتيجة إضعاف الخدمة الطبية نتيجة كثرة الضغط على الحضانات "
ثم تضيف الطبيبة بسخرية:"
كل الدعم والحب والأسى  للنونو الذى وجد نفسه وقد ولد فجأة حتي لو مش جاهز ونازل نفسه عالي أو عنده مشاكل في الرضاعة عشان لسة مش عارف يستخدم عضلات المص والبلع كويس  بس كله فدا التاريخ المميز يا نونو أجمد كدة " 
تفهمنا حرص بعض أولياء الأمور من ذوي الملاءة المالية على تسفير الأم في الأيام الأخيرة للحمل إلى إحدى العواصم العظمى لا لشئ إلا ليولد طفلهم في هذه الدولة أو تلك فيحظى بجنسيتها، وكأنه ولد في الفردوس وإليها ينتسب. أما هذا التريند الجديد القاتل فهو ما لم استوعبه وألوم فيه الوالدين وذويهم والفئة القليلة من الأطباء الذين قبلوا هذا الوضع أو أشاروا به أو حتى شجعوا على ولادة قيصرية لا داعي لها ولا مبرر طبي، وكل التحايا للشرفاء منهم الذين يخلصون لشرف مهنتهم ويعملون بقسم ابوقراط الذي اقسموا عليه يوم تخرجهم. ويا كل أب وكل أم لا تجعلوا شاغلكم يقتصر فقط على الحصول على تاريخ ميلاد مميز لكن كونوا أكثر حرصا على طفل  صحيح البدن والذهن مميزا لا مريضا ولا ضعيفا، فالشخص المميز هو من يميز تاريخ ميلاده وليس العكس.