كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن أسرار اللحظات الأخيرة قبل سقوط طائرة كوريا الجنوبية المنكوبة يوم الأحد الماضي، على مدرج مطار موان الدولي بالقرب من العاصمة سيول قبل أن تصطدم بجدار خرساني لتنفجر ما أسفر عن مقتل 179 شخصًا ونجاة اثنين فقط من طاقم الطائرة.
تفاصيل مثيرة في حادث انفجار طائرة كوريا الجنوبية
وتابعت الصحيفة أنه بعد 30 دقيقة من الموعد المحدد، كان الطيار الذي يقود طائرة جيجو أير المنكوبة وعلى متنها 181 شخصًا يستعد للهبوط في وجهته في جنوب غرب كوريا الجنوبية صباح الأحد الماضي عندما حذره برج المراقبة من أسراب الطيور في المنطقة.
وبعد دقيقتين، أبلغ الطيار عن "ضربة طائر" و"حالة طوارئ"، حسبما قال المسئولون، وأخبر برج مراقبة الحركة الجوية في مطار موان الدولي إنه سيقوم "بالدوران حول" الطائرة، ما يعني أنه سيلغى محاولته الأولى للهبوط ويدور حول نفسه في الهواء للاستعداد لمحاولة ثانية، لكن يبدو أنه لم يكن لديه الوقت الكافي للدوران حول نفسه بالكامل.
وبدلًا من ذلك، بعد دقيقة واحدة فقط، كان الطيار المخضرم - الذي لديه ما يقرب من 7 آلاف ساعة طيران في حياته المهنية - يقترب من المدرج من الاتجاه المعاكس، من الشمال إلى الجنوب.
وبعد ثلاث دقائق، اصطدمت طائرته، رحلة طيران جيجو رقم "7C2216"، بسور خرساني قبالة الطرف الجنوبي للمدرج وتحولت إلى كرة من اللهب.
قُتل جميع الأشخاص البالغ عددهم 181 شخصًا، باستثناء شخصين، معظمهم من الكوريين الجنوبيين العائدين إلى ديارهم بعد إجازة عيد الميلاد في تايلاند.
كان الحادث أسوأ كارثة طيران على الأراضي الكورية الجنوبية والأكثر فتكًا في جميع أنحاء العالم منذ حادثة رحلة ليون أير رقم "610" في عام 2018، عندما توفي جميع الأشخاص البالغ عددهم 189 شخصًا على متن الطائرة.
بينما كان المسئولون يتسابقون للتحقيق في الحادث، برز سؤال مركزي بين المحللين: ماذا حدث خلال الدقائق الأربع بين التقرير العاجل للطيار عن اصطدام الطيور وتحطم الطائرة المميت؟
أظهرت لقطات هبوط طائرة "بوينج 737-800" في المطار انزلاقها على المدرج دون نشر عجلات الهبوط، وبينما كانت تندفع على بطنها، محاطة بما يشبه سحب الغبار والدخان والشرر، لم يبد أنها كانت قادرة على إبطاء سرعتها قبل الاصطدام بالسور الخرساني على بعد 820 قدمًا من نهاية المدرج.
قال هوانج هو وون، رئيس جمعية كوريا لأمن الطيران: "السؤال الكبير هو لماذا كان الطيار في عجلة من أمره للهبوط".
وأضاف هوانج أن الطيارين عندما يخططون للهبوط على البطن، فإنهم يحاولون عادة كسب الوقت، وإفراغ الوقود الإضافي من الهواء وإتاحة الوقت لطاقم الأرض للاستعداد للطوارئ، لكن طيار شركة جيجو أير قرر على ما يبدو أنه ليس لديه مثل هذا الوقت.
وأضاف: "هل فقد المحركين، أم كان قرار الهبوط بهذه السرعة خطأ بشريًا؟".
استعاد المسئولون "الصندوق الأسود" للطائرة، وهو مسجل طيران إلكتروني يحتوي على صوت قمرة القيادة وبيانات طيران أخرى من شأنها أن تساعد في التحقيق في حوادث الطيران.
وقال جو جونج وان، مدير سياسة الطيران في وزارة الأراضي والبنية التحتية والنقل، إن الجهاز تضرر جزئيًا، لذا فقد يستغرق الأمر بعض الوقت لاستعادة البيانات.
ومع استمرار التحقيق في مرحلة أولية، حرص المسئولون على عدم الإدلاء بأي تصريحات استباقية بشأن الأسئلة الناشئة عن الحادث، بما في ذلك ما إذا كان محركا الطائرة معطلين عند هبوطها.
لكن الخبراء الذين شاهدوا لقطات الهبوط قالوا إن الطائرة بدت وكأنها تعرضت لمجموعة قاتلة من العوامل التي جعلت الحادث أسوأ بكثير مما كان يمكن أن يكون.
وقال خبراء الطيران إنه أثناء هبوط الطائرة، بدا أن طيار الطائرة غير قادر على التحكم في محركاتها وعجلات الهبوط، ما حرمه من اثنتين من الوسائل الثلاث الرئيسية للطائرة لإبطاء السرعة وهي فرامل عجلات الهبوط ودفع المحركات للخلف، وأكدوا أن الطائرة لم تنشط رفارف أجنحتها أيضًا، وهي وسيلة أخرى لخفض السرعة.
كانت الطائرة تسير بسرعة كبيرة لدرجة أنها تجاوزت المدرج واصطدمت مباشرة بهيكل خرساني محاط بتل من التراب، حيث تم بناء الهيكل لتثبيت ما يسمى بهوائي تحديد المواقع.
وقال المحللون إنه إذا فقد كلا المحركين، فلا يزال بإمكان الطيار خفض عجلات الهبوط يدويًا، ولكن نظرًا للطريقة المتسرعة التي حاول بها الطيار الهبوط، فقد لا يكون لديه الوقت الكافي.
