السبت 28/ديسمبر/2024 - 07:04 م 12/28/2024 7:04:50 PM
أتابع وعن كثب ما يحدث حاليًا فى سوريا فى أعقاب تولى ما تسمى بهيئة تحرير سوريا السيطرة على مقاليد الحكم هناك وذلك من خلال تواصلى المستمر بالعديد من الأصدقاء السوريين سواء الموجودين فى مصر أو فى بعض المحافظات السورية من منطلق سابقة عملى بالسفارة المصرية هناك لعدة سنوات عايشت خلالها التركيبة النوعية التى تشكل الشعب السورى سواء من السنة أو الشيعة أو المسيحين بمختلف طوائفهم وكذلك الأكراد والتركمان والدروز وغيرهم بالإضافة الى التوجهات السياسية إبان فترة حكم حافظ الأسد ثم بشار الأسد حيث كان حزب البعث هو الحزب الأوحد الحاكم هناك ولا صوت يعلوا عن صوته فى حكم وإدارة شئون البلاد بالإضافة إلى سيطرة الطائفة العلوية على مقدرات الثروات الإقتصادية بحسبانها الطائفة التى ينتمى إليها الرئيسين الأب ونجله وقد تعمدت عدم التعجل بالحديث عما يحدث فى سوريا مكتفيًا بالإطلاع على معظم المقالات المحلية والعالمية والتحليلات السياسية حول الأوضاع هناك.
إن الواقع فى الداخل السورى ليس هو ما تتناقله وسائل الإعلام الخارجية التى تحاول رسم صور إيجابية عن الحياة فى أعقاب الأحداث الأخيرة فى سوريا والتى تمكنت الفصائل المسلحة التى كانت تحتل محافظة أدلب من الإستيلاء على الحكم وطرح أسم أبو محمد الجولانى رئيسًا للهيئة الحاكمة هناك بعد خلع أسم الكنية والجلباب أو اللباس العسكرى وإرتداء البدلة والكرافت والظهور بمظهر القائد الذى أطاح بحكم الطاغية بشار الأسد...وهناك ما يقارب من 120 فصيل مسلح يتواجد فى محافظة أدلب التى يبلغ تعداد سكانها 3 مليون نسمة أرتبطت معظم نسائها بعناصر من التنظيمات الإرهابية المتواجدة هناك منذ 12 عامًا مدعومة بأحدث الأسلحة وسيارات الدفع الرباعى والأموال التى حصلت عليها من عدة أجهزة إستخباراتية وعلى رأسها داعش والنصرة وجيش الإسلام والفتح وبيت المقدس والقاعدة التى ينتمى إليها أبو محمد الجولانى – أحمد الشرع حاليًا – وتؤكد المعلومات أن المذكور تلقى تدريبات على أعلى مستوى من قِبل تلك الأجهزة كى يظهر أمام العالم بهذا الشكل الذى نراه به حاليًا بالإضافة الى تواصله المستمر مع تركيا وإسرائيل تحديدًا بمباركة أمريكية لإضفاء الشرعية على وجوده وتجهيزه لرئاسة الدولة السورية خلال المرحلة القادمة وبالتالى فإن تواجد التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم الإخوان المسلمين سوف يكون له شرعية وتواجد معتبر هناك وهو الأمر الذى جعل معظم الشعب السورى فى حالة خوف وقلق مما هو قادم وليس كما نرى فى الفضائيات الموالية للأنظمة التى تسعى لنشر الفوضى فى المنطقة العربية وتعمل على محاولات إسقاط الدول بها وفرض سيطرتها عليها من خلال هذه الفصائل المأجورة التى تعمل وفقًا لأجندات الأجهزة الإستخباراتية المختلفة حتى أن التصريحات الوردية التى يطلقها بعض الفنانين ورجال الاعمال والمثقفين فى سوريا تصدر منهم عن عدم إقتناع وتحت تأثير الخوف من تعرضهم للإيذاء من العناصر المتشددة التى تحكم وتتحكم فى الأمور هناك حاليًا.
وتشير المعلومات الواردة من الداخل السورى خاصة فى محافظات اللأذقية وطرطوس وحلب وحمص إن طائفة الشيعة وكذلك المسيحين بمختلف طوائفهم على قناعة تامة إن هناك إتجاه لإقصائهم عن ممارسة حقوقهم السياسية وشعائرهم الدينية وإن ما نراه حاليًا هو تنفيذ لتوجيهات أمريكية وتركية لطمأنة هذه الفئة من الشعب التى تمثل نسبة كبيرة من الشعب السورى وليس أدل على ذلك ما تعرضت له الكنائس السورية وكذلك المناطق الشيعية فى سوريه من عمليات نهب وتخريب قبل ورود تعليمات عليا من الخارج بإيقاف تلك الأعمال على الأقل خلال المرحلة الحالية إلى أن تستتب الأمور فى أيدى هيئة تحرير سوريا ثم يعاد تقسيم الغنائم على الفصائل المسلحة الأخرى لترضيتها بالشكل الذى سوف يتم الإتفاق عليه.
ولعل من أبرز الشواهد على ذلك تلك التعيينات الوزارية التى أعلن عنها مؤخرًا وجميعهم من العناصر المتطرفة التى تنتمى للعديد من التنظيمات الإرهابية التى كانت متواجدة فى محافظة أدلب وان جميع المعطيات تؤكد أن وضع دستور جديد للبلاد لن يتم خلال شهر مارس القادم كما سبق أن أعلن أحمد الشرع ذلك بل سوف تمتد الفترة لأجل غير مسمى حتى يتم الإطمئنان الى سقوط سوريا بالكامل فى أيدى تلك الهيئة التى يشرف على تحريكها كما سبق أن أشرنا أمريكا وتركيا وإسرائيل وتقوم قطر بتمويلها ماديًا لعدم حدوث أزمات إقتصادية خلال المرحلة الحالية.
إن حلم العودة للأجئين السوريين إلى وطنهم الأم بات يراود العديد من أبناء الشعب السورى الذى ترك بلاده منذ 12 عامًا وأول من فكر فى ذلك هم أولئك المتواجدين فى خيام منصوبة لهم على الحدود التركية منذ هروبهم إليها والذين يبلغ عددهم حوالى 3،7 مليون سورى وتسعى السلطات التركية إلى إعادتهم فى أسرع وقت....أما أولئك الذين أستقروا فى بعض الدول الأوروبية خاصة ألمانيا معظمهم أطباء ومهندسين بعضهم يحمل إقامات رسمية والآخر يحمل الجنسية الألمانية فإن فكرة العودة غير مطروحة لديهم نهائيًا.
وفى مصر التى تحتضن أكثر من 2 مليون سورى فإن العديد منهم قد قام بالعديد من المشروعات الناجحة فى مجالات متنوعة مثل التجارة والصناعة والأغذية وإستطاعوا إختراق قلوب المصريين بمحبة وسهولة وإندمجوا معهم دون الشعور بأى فوارق بينهم... وعلى الرغم من شعورهم بالإرتياح نتيجة إسقاط حكم بشار الأسد فإن معظمهم لم يحدد موقفه من العودة إلى بلاده إما خوفًا من وقوع صراعات داخلية بين الفصائل المسلحة هناك أوإرتباطهم بإستثمارات كبيرة فى مصر او لإستمرار ابنائهم فى الدراسة بها ولذلك فإن الغالبية منهم يعيشون فى حالة ترقب ومتابعة لما سوف تسفر عنه الأيام القادمة هناك كى يتخذوا القرار الذى يناسبهم سواء بالعودة أو البقاء.
إن ما يشعر به السوريون فى بلاد المهجر هى أحلام مشروعة ولكن ما يصل اليهم من أخبار ومعلومات تجعلهم فى حالة ترقب خاصة وإن سيطرة الجماعات المسلحة على الأوضاع فى سوريا والتى تحاول أن تضفى هيمنة التيار الدينى المتشدد الذى تعتنقه تلك الجماعات وتحاول فرضه بالقوة سوف يؤجل حلم العودة إلى أن تظهر حقيقة ما يحدث والأهداف الحقيقية من وراء الدعم التركى الأمريكى الإسرائيلى للنظام الموجود حاليًا هناك والمكاسب التى سوف تتحقق لهم على حساب الشعب السورى الشقيق.