سلطت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير اليوم السبت، الضوء على تدهور الظروف الإنسانية في غزة وسط تحذيرات منظمات حقوق الإنسان من أن الحياة في القطاع تزداد يأسًا يومًا بعد يومًا في ظل استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع.
وتحت عنوان "مع تزايد الآمال في وقف إطلاق النار في غزة تدهورت الظروف هناك"، قالت “نيويورك تايمز” في تقريرها، إن المدنيين النازحين إلى دير البلح في وسط غزة، يعيشون على شطيرة صغيرة من الأعشاب على الإفطار والطماطم فقط على الغداء.
وأضافت، وعلى بعد أحد عشر ميلًا في مخيم خيام في جنوب غزة، يعاني الكثير من آلام الكلى نتيجة عدم الوصول إلى المياه النظيفة، بينما في بيت لاهيا في شمال القطاع، الناس محاصرون في الغارات الجوية الإسرائيلية المتكررة.
وذكرت، أنه "حتى مع محاولة الوسطاء تأمين اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، يقول الفلسطينيون ومنظمات حقوق الإنسان إن الوضع الإنساني يزداد يأسًا".
وأضافت، في الأشهر الأربعة عشر التي مرت منذ شنت إسرائيل عدوانها على غزة، حولت عمليات القصف العسكري المدن إلى أرض قاحلة مليئة بالأنقاض، وتشرد 90% من سكان غزة البالغ عددهم نحو 2.1 مليون نسمة مرة واحدة على الأقل. ويضيف الشتاء إلى البؤس. فقد قال طبيب في مستشفى في خان يونس، جنوب غزة، إن أربعة أطفال رضع في مخيمات الخيام ماتوا من البرد في الأسبوع الماضي.
سكان غزة يتوسلون للحصول على الطعام للتغلب على الجوع
وألقت الصحيفة الأمريكية نظرة أقرب إلى ثلاثة أجزاء من الأزمة الإنسانية في غزة، والتي تشمل الغذاء والمياه والعلاج.
وقالت إن الناس في مخيمات مدينة غزة على سبيل المثال، يعيشون على الإمدادات المحدودة من الغذاء ـ الفول والعدس والمعكرونة ـ التي تجلبها المنظمات الإنسانية. ولكن عندما ينفد الطعام، يتوسلون للحصول على الطعام للتغلب على الجوع.
وحذرت الأمم المتحدة في نوفمبر من أن 1.95 مليون شخص معرضون لخطر المجاعة وأنه في غياب زيادة كبيرة في المساعدات الغذائية، سيبدأ الناس في الموت جوعًا. وفي 24 ديسمبر، قالت إن عمليات تسليم المساعدات الإنسانية لا تزال غير كافية، وخاصة في الشمال، حيث أمرت دولة الاحتلال بالإخلاء وفرضت قيودًا شديدة على الوصول.
سكان غزة ينتظرون في طوابير لساعات للحصول على مياه عكرة
وبشأن المياه، قالت نيويورك تايمز، إنه يصعب على الناس في مخيمات مدينة رفح جنوب القطاع، الوصول بانتظام إلى المياه، مشيرة إلى أنه يتم توصيل المياه هناك بواسطة خزانات إلى منطقة مركزية، حيث ينتظر السكان في طوابير لساعات لملء جرارهم ودلاءهم، مقابل شيكلين أو خمسين سنتًا للجالون.
وأضافت: "لكن الجودة مشكوك فيها: كريهة الرائحة، وعكرة"، لافتة إلى أن "الشيء الجيد الوحيد في الأمر هو أنها أقل سوءًا من مياه البحر".
ونوهت بأنه لم يكن الأمر كذلك دائمًا، حيث يوجد في غزة محطات معالجة المياه ومرافق تحلية المياه وثلاثة خطوط أنابيب تنقل المياه العذبة من دولة الاحتلال. ولكن في تقرير صدر في 19 ديسمبر، قالت هيومن رايتس ووتش إن دولة الاحتلال الإسرائيلي تحرم الفلسطينيين في غزة عمدًا من الوصول الكافي إلى المياه الآمنة للشرب والصرف الصحي.
ووجد التقرير أن خطوط الأنابيب كانت مغلقة وتضررت بسبب القصف في بداية الحرب ولم يتم إعادة فتحها جزئيًا إلا بعد شهر واحد، فضلا عن أن القيود التي فرضتها دولة الاحتلال على واردات الوقود، أوقفت أنشطة تحلية المياه تقريبًا.
ووجد التقرير أن البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي تعرضت لأضرار جسيمة. كما منعت دولة الاحتلال استيراد المعدات والمواد الكيميائية، مثل الكلور، اللازمة لتنقية المياه، زاعمة "أن هذه المواد معرضة لخطر استخدامها من قبل حماس".
ونتيجة لهذا، فإن سكان غزة لديهم القليل من القدرة على الوصول إلى المياه النظيفة. وسجل التقرير 669 ألف حالة مسجلة من الإسهال المائي الحاد منذ بدء الحرب، وأكثر من 132 ألف حالة من اليرقان، وهو علامة على التهاب الكبد. وينتشر كلا المرضين عبر المياه الملوثة.
حصول المصابين في غزة على مسكنات الألم والمضادات الحيوية من المستحيلات
وبشأن الحصول على الخدمة الطبية، استشهدت نيويورك تايمز، بسيدة تعرض منزلها في بيت لاهيا للقصف في أكتوبر، ما أدى إلى استشهاد معظم أفراد أسرتها. وأصيب آخرون وما زالوا في حاجة إلى العلاج الطبي. ولكن من المستحيل العثور على مسكنات الألم والمضادات الحيوية والأدوية للأمراض المزمنة مثل مرض السكري.
وقالت: "إنها تخشى أن تمرض أو تصاب. وقالت إن الذهاب إلى المستشفى أمر غير وارد. فهي غير نظيفة، وتنبعث منها رائحة الموت والدم، وتفتقر إلى أبسط الإمدادات".
وأضافت: "قليل منها يعمل بشكل صحيح. أجبر الجيش الإسرائيلي المرضى وأعضاء الطاقم يوم الجمعة على مغادرة أحد آخر المستشفيات العاملة في شمال غزة، قائلًا إنه معقل لحماس. وقد اندلع القتال حول المنشأة، كمال عدوان، لمدة ثلاثة أشهر تقريبًا".
ونوهت بأنه في التاسع عشر من ديسمبر، وصف تقرير صادر عن منظمة أطباء بلا حدود الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتكررة على المدنيين والبنية الأساسية الطبية في غزة، إلى جانب "الرفض المنهجي للمساعدات الإنسانية"، بأنها "علامات واضحة على التطهير العرقي".