حسن هيكل يكتب: تساؤلات مشروعة حول «تصفير الديون»

حسن هيكل يكتب: تساؤلات مشروعة حول «تصفير الديون»
حسن
      هيكل
      يكتب:
      تساؤلات
      مشروعة
      حول
      «تصفير
      الديون»

قدم رجل الأعمال حسن هيكل رؤية اقتصادية تستهدف تصفير الديون الحكومية المحلية، البالغة نحو ١٠ تريليونات جنيه، لصالح البنك المركزى المصرى، عبر تنفيذ مقايضة كبرى تتضمن بيع الحكومة شركات وأراضى وبنوك بقيمة حجم المديونية المحلية لصالح صندوق جديد يؤسسه البنك المركزى، حتى تصبح مديونية الدولة بالجنيه «صفرًا».

وقال «هيكل»، خلال اجتماع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، مع عدد من رجال الاعمال إن تصفير المديونية المحلية يرفع عبء سداد الموازنة العامة للدولة فوائد فى حدود ٣ تريليونات جنيه حاليًا، مشيرًا إلى أنه لا توجد موارد فى الدولة تستطيع تحقيق توازن لهذه المديونية المرتفعة.

وقد أثار المقترح جدلًا كبيرًا، وأكد البعض عدم منطقيته، وهو ما دفع «هيكل» للرد بتوضيح عبر حسابه على موقع التدوينات الصغيرة «إكس».

المشهد الأول

نفترض أن حضرتك عندك شركة عليها دين تريليون جنيه تقريبًا من ١٢ سنة، ومع مرور الزمن وبصرف النظر تصرفاتك الإنفاقية صح ولا غط، تراكمت فوائد على هذا المدى الزمنى لتصل لحوالى ١٠ تريليونات. بمعنى أن الفائدة المَدينة خلال هذه المدة ٩ تريليونات. يعنى الدين أصله فائدة تقريبًا. ولو سعر الفائدة ٣٠٪ يعنى بتدفع على كتلة الدين ٣ تريليونات السنة الجايه وحتى لو الفائدة نزلت لـ٢٠٪ فأما وقد تكونت كتلة الدين لـ١٠ تريليونات فحتى بفائدة أقل لا يمكن تحقيق أى توازى. أضف لده أن غالبية إيراداتك السنوية يعنى كل شغلك فى السنة بيروح على فائدة واللى بتتزايد. فحضرتك بتقلل من مصاريفك فى حاجات أساسية زى التعليم والصحة والأكل وخلافه. لو قلت لحضرتك عندك أصول بـ١٠ تريليونات. فالحل الطبيعى أن حضرتك بتروح للبنوك بتشيل الفائدة خلال الفترة أو حتى المبلغ كله أمام التنازل عن استثماراتك. فالبنوك بتاخد هذه الأصول للتصرف بها فيما بعد لأن عندها سيولة تسمح بذلك. فى الجمل السابقة شيل كلمة الشركة وحط الدولة، شيل كلمة البنوك وحط البنك المركزى.

المشهد الثانى 

خلال عدة أزمات دولية لم يكن البنك المركزى مستقلًا عما يحدث فى الاقتصاد حماية للاقتصاد وفى النهاية له. خلينى أروح أبعد كمان من أزمة جنوب أوروبا، ولكن لأزمة السيولة فى أمريكا فى سنة ٢٠٠٨. فى تلك الفترة، فى معقل الرأسمالية تدخل الفيدرالى الأمريكى بشراء شركات أمريكية على وشك الإفلاس بسبب أزمة السيولة، شركات العربيات كمثال. بمعنى أنه فى أوقات الأزمات يستوجب تدخل البنك المركزى للصالح العام. محدش بيقول النهارده وبأثر رجعى فين استقلالية البنك المركزى فى تلك الفترة، بل بالعكس بيحسب له تدخله لإنقاذ أمريكا! 

المشهد الثالث

تضخمت ربحية البنوك التجارية فى مصر فى آخر ٥ سنوات بشكل لافت. ١- كل هذه المصارف محلية وبالتالى نشاطها كله هنا. ٢- غالبية ميزانيتها وسيولتها مستثمرة فى أذون خزانة أو سندات حكومية أو لدى المركزى. بمعنى أن نشاطها أصبح معظمه تجميع الودائع وتسليفها للدولة أو المركزى وتحقيق أرباح استثنائية على حساب الدولة. ده الوجه المقابل لما تدفعه الدولة من فائدة مرتفعة على ميزانيتها. بمعنى أنه حالة عجز الموازنة بسبب سعر الفائدة يقابلها انتفاخ فى أرباح البنوك على حسابها.

المشهد الرابع

هل حقيقى التضخم المعلن حوالى ٢٥٪ وعلشان كده الفائدة ٣٠٪ لمحاربته. لأ. التضخم على أساس سنوى ٢٥٪ صحيح، بس ده مقارنة بنوفمبر الماضى وبعد تخفيض العملة فى أول سنة ٢٠٢٤. فى آخر شهور التضخم أصبح فى متوسطه أقل من ١٠٪. التضخم الشهرى نزل بقاله فترة، وبالتالى رفع سعر الفائدة لمحاربة التضخم مش بالضرورة صحيح. تقديرى أن أحد أهداف البنك المركزى الحقيقية هى رفع سعر الفائدة لجذب استثمارات أجنبية فى أذون الخزانة وليس فقط محاربة التضخم.

المشهد الختامى 

وحضرتك عليك ١٠ تريليونات وبتدفع فائدة ٣٠٪ ومعندكش موارد إلا برفع الضرائب والرسوم، التقليل النسبى للإنفاق فى برامج الدعم، الصحة، التعليم…. هل ده صح؟ والسنة الجايه اللى الفائدة فيها حتبقى تقريبًا بتساوى الإيرادات أو معظمها حتعمل إيه؟ هل ده قابل للبقاء كده؟ والسنة اللى بعدها؟ بلاش، حد عنده حل تانى؟

الحل فى رأيى

كل ده لازم يتكسر مرة واحدة لأنه ما نواجهه هو ما يطلق عليه الدائرة المفرغة/المغلقة للدين «الحقيقة كنت معيد اقتصاد فى جامعة القاهرة فعندى بعض الخلفية»، أى أنه بنجرى ورا سراب دفع الفائدة. الحل، بيع جميع أصول الدولة للبنك المركزى «مش البنوك التجارية» الذى لديه السيولة مقابل استثمارات الدولة. يتم تصفير الدين العام المحلى. تتحط كلها فى صندوق يتسمى سيادى أو يتسمى أى حاجة تانية، مملوك للبنك وبأهداف تبقى واضحة كتنمية بعض هذه الأصول، وبيع الآخر وبإدارة محترفة. ميزانية الدولة المحررة من الفائدة المدينة على الدين المحلى يجب توجيهها فى برنامج تأمين طبى يرضى ربنا، تعليم معقول وبطرق مختلفة عما هو متبع، بحث علمى لمحاولة اللحاق بالثورة التكنولوجية حولنا، حل كل مشاكل القطاعات الإنتاجية... إلخ... إلخ... إلخ.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ضبط عاطلين بالفيوم لقيامهما بإدارة ورشتين لتصنيع الألعاب النارية
التالى بعد زلة لسانها.. رسالة تامر أمين إلى شيرين عبد الوهاب: احموها من نفسها