كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أسرار جديدة عن انتشار فيروس كورونا الذي هدد العالم في عامي 2020 و2021 وتوقفت بسبب الحياة بشكل كامل في جميع أنحاء العالم.
صراع استخباراتي
وتابعت أنه بينما كانت الولايات المتحدة تكافح موجة مدمرة من جائحة كورونا، خُصصت سيارة وسائق لنقل جايسون بانان، العالِم في مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، من مقر المكتب إلى البيت الأبيض، استعدادًا لإحاطة رئاسية بشأن فيروس غامض أوقف العالم وأودى بحياة مئات الآلاف من الأمريكيين.
لكن دعوة البيت الأبيض لم تأتِ أبدًا، ولم يتم تضمين فريق مكتب التحقيقات الفيدرالي في الإحاطة التي قدمتها أجهزة الاستخبارات للرئيس الأمريكي جو بايدن.
في أغسطس 2021، كان النقاش محتدمًا بين وكالات الاستخبارات الأمريكية حول أصل فيروس كورونا، بينما اعتقدت معظم الوكالات، بما في ذلك مجلس الاستخبارات الوطني (NIC)، أن الفيروس انتقل من الحيوانات إلى البشر بطريقة طبيعية، كانت الـFBI الوكالة الوحيدة التي رجحت تسربًا مخبريًا بقدر "متوسط من الثقة"، ومع ذلك، لم يتمكن مكتب التحقيقات الفيدرالي من عرض وجهة نظره مباشرة أمام الرئيس الأمريكي آنذاك.
جايسون بانان، الحاصل على درجة الدكتوراه في علم الأحياء الدقيقة، انضم إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي بعد هجمات سبتمبر 2001، عندما بدأ المكتب بتعزيز خبراته لمواجهة التهديدات البيولوجية، وخلال عام 2021، أمضى بانان معظم وقته في دراسة أصول فيروس كورونا وسط إحباط متزايد من رفض الصين التعاون مع الجهود الدولية لكشف الحقيقة.
انقسامات أمريكية
وأمر بايدن في مايو 2021 بإجراء تقييم عاجل خلال 90 يومًا لتحديد أصل الفيروس، وأصبحت هذه المهمة المعروفة بـ"سباق الـ90 يومًا" رمزًا للصراع الداخلي بين وكالات الاستخبارات الأمريكية.
وتابعت الصحيفة أن هناك خلاف كبير حول النظريتين الرئيسيتين: الأولى تشير إلى أن الفيروس انتقل من الحيوانات إلى البشر نظرية zoonotic، والثانية تفترض أنه تسرب من مختبر، مثل معهد ووهان لعلم الفيروسات.
ووفقًا لمصادر متعددة، أبدى علماء مكتب التحقيقات الفيدرالي شكوكهم في البيانات التي تدعم النظرية الأولى، مؤكدين أن الفيروس يحمل خصائص تشير إلى تعديل مخبري، بما في ذلك أجزاء من بروتين "سبايك" الذي يتيح للفيروس دخول الخلايا البشرية.
وكشف تقرير لـ "وول ستريت جورنال" أن ثلاث علماء في مركز الاستخبارات الطبية الوطنية، وهو جزء من وكالة استخبارات الدفاع (DIA)، توصلوا إلى أن الفيروس قد تم تعديله في مختبر، لكن تحليلهم لم يُدرج في التقرير الرسمي المقدم للرئيس، ما أثار جدلًا حول احتمال إسكات هذه الآراء.
في يوليو 2021، أُمر العلماء بالتوقف عن مشاركة أبحاثهم مع مكتب التحقيقات الفيدرالي، حيث وُصف الفريق بأنه "خارج التوافق"، وأُجريت لاحقًا تحقيقات داخلية حول ما إذا كانت هذه الأدلة قد تعرضت للتجاهل أو القمع عمدًا.
وبعد أكثر من ثلاث سنوات على بدء انتشار الفيروس، ولم يُحدد بعد أصل الفيروس بشكل قاطع، ومع تراجع التحقيقات الاستخباراتية حول كورونا، دعا جايسون بانان إلى إعادة تقييم الأدلة التي لم تُضمَّن في تقرير 2021.
يقول بانان: "ما انتهى به المطاف على طاولة التقطيع في مجتمع الاستخبارات يحتاج إلى إعادة فحص".
وأضاف أن التعاون الصيني لا يزال ضروريًا للتوصل إلى إجابة نهائية.
وأشارت الصحيفة إلى أن أصل الفيروس موضوعًا سياسيًا مثيرًا للجدل، ففي حين دعم البعض النظرية الطبيعية، اعتبر آخرون أن التفسير الأكثر منطقية يشير إلى تسرب من مختبر، شهد الكونجرس الأمريكي عدة جلسات استماع، لكن التحقيقات غالبًا ما تعثرت بسبب الانقسامات الحزبية.
تحقيقات أمريكية
وأجرى ثلاثة علماء في المركز الوطني للاستخبارات الطبية، وهو جزء من وكالة استخبارات الدفاع التابعة للبنتاجون، دراسة علمية خلصت إلى أن كورونا تم التلاعب به في مختبر في جهد بحثي محفوف بالمخاطر، لكن هذا التحليل كان على خلاف مع تقييم وكالتهم الأم، وكالة استخبارات الدفاع، ولم يتم تضمينه في التقرير المقدم إلى بايدن.
وقال أشخاص مطلعون على الأمر إن مكتب المفتش العام لوكالة استخبارات الدفاع فتح تحقيقًا في الربيع حول ما إذا كان تقييم العلماء قد تم التعامل معه بشكل سيئ أو قمعه.
ورفض متحدث باسم الوكالة التعليق على ما إذا كان هذا التحقيق مستمرًا، وما إذا كان قد اكتمل وما قد يتضمنه.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد 5 سنوات من ظهور كورونا لأول مرة، لم يتم تحديد أصل الفيروس الذي قتل أكثر من 1.2 مليون أمريكي وأكثر من سبعة ملايين في جميع أنحاء العالم، وتباطأت وتيرة التحقيق الاستخباراتي الأمريكي، حيث تحول العديد من المحللين الاستخباراتيين الذين تم تعيينهم في جهود التحطم إلى أولويات أخرى.