بعد مرور ١٥ سنة على انعقاد آخر دورات اللجنة الوزارية المشتركة بين مصر وأوزبكستان، للتعاون الاقتصادى والعلمى والفنى، استضافت العاصمة الأوزبكية طشقند، الدورة السابعة للجنة، التى انتهت أعمالها، أمس الأربعاء، بتوقيع أربع مذكرات تفاهم، وبروتوكول تعاون نصَّ على دفع مجالات التعاون بين القطاعين الحكومى والخاص فى مجالات التجارة والاستثمار والصناعة والطاقة والصحة والزراعة والتعليم العالى والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والثقافة والسياحة والطيران المدنى والنقل.
تُعد مصر بوابة للصادرات والاستثمارات الأوزبكية إلى قارة إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، كما تُعد أوزبكستان مركزًا حيويًا لنفاذ الصادرات والاستثمارات المصرية إلى منطقة آسيا الوسطى، وبين البلدين علاقات تاريخية، وتجمعهما روابط ثقافية ودينية، وعضويتهما فى «منظمة التعاون الإسلامى»، ومؤتمر التفاعل وبناء الثقة فى آسيا، «سيكا»، و... و... و«منظمة شنغهاى للتعاون»، التى انضمت إليها مصر بصفة «شريك حوار»، سنة ٢٠٢٢، خلال رئاسة أوزبكستان المنظمة. ومع ذلك، لا يزال حجم الاستثمارات والتبادل التجارى أقل بكثير من مستوى إمكانات ومكانة وتطلعات البلدين.
كانت مصر هى أول دولة عربية تعترف باستقلال أوزبكستان، سنة ١٩٩١، عقب تفكك الاتحاد السوفيتى، وبعد خمس سنوات انعقدت الدورة الأولى للجنة المشتركة، وصولًا إلى الدورة السادسة، سنة ٢٠٠٩ التى تبعها مرحلة طويلة نسبيًا من الفتور قطعتها زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لأوزبكستان فى سبتمبر ٢٠١٨، التى أحدثت نقلة نوعية فى دفع وتطوير العلاقات الثنائية، وفتحت المجال لتعزيز التعاون والاستفادة من إمكانات البلدين ومكانتهما فى محيطهما الإقليمى ودورهما الفاعل على المستوى الدولى.
نقلة نوعية أخرى أو نقطة انطلاق جيدة لدفع وتوسيع أطر التعاون بين البلدين، تحققت بزيارة الرئيس الأوزبكى شوكت القاهرة فى فبراير ٢٠٢٣، التى رافقه فيها وزراء الخارجية والاستثمار والتجارة والصناعة والطاقة والصحة والسياحة والثقافة وعدد من كبار مسئولى حكومته، الذين حملوا معهم مقترحات تهدف إلى رفع العلاقات إلى مستوى جديد، وتكوين قنوات تواصل منتظمة، تتيح تبادل الخبرات والتجارب، وتعزيز التعاون الاقتصادى، ورفع معدلات التبادل التجارى، وزيادة الاستثمارات المتبادلة، وإقامة مشروعات مشتركة، تسهم فى بناء جمهوريتى مصر وأوزبكستان الجديدتين.
الحرص على تطوير العلاقات المصرية الأوزبكية، أكده، أيضًا، لذيذ كودراتوف، وزير الاستثمار والصناعة والتجارة بأوزبكستان، الذى ترأس أعمال اللجنة المشتركة، بمشاركة الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى، موضحًا، فى كلمته الافتتاحية، أن بلاده تسعى إلى رفع معدلات التبادل التجارى، سواء من خلال إزالة كل الحواجز والمعوقات، أو بدعوة الشركات المصرية للمعارض التى تنظمها، وإنشاء منصات رقمية لربط شركات البلدين، وتسهيل الشراكات بين المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز العلاقات بين البنوك التجارية، معربًا عن اهتمامه بالاستفادة من الخبرات المصرية فى الإلكترونيات والأدوية والمنسوجات، لتنفيذ مشروعات مشتركة ذات أولوية إقليمية.
مع مشاركتهما فى رئاستهما أعمال اللجنة الوزارية، شهد الوزيران افتتاح «منتدى الأعمال المصرى الأوزبكى»، الذى جمع ١٥٠ شركة من البلدين. وفى كلمتها، خلال المنتدى، أكدت «المشاط» أن رؤية الحكومة المصرية، لدعم مناخ ملائم للأعمال، ترتكز على تعزيز مشاركة القطاع الخاص فى الأنشطة الاقتصادية، والاستمرار فى مسار الإصلاح الاقتصادى والهيكلى لتعزيز مرونة الاقتصاد المصرى فى مواجهة التحديات الإقليمية والدولية. كما تطرقت إلى المميزات النسبية للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لافتة إلى أن المنطقة تقدم مجموعة متنوعة من الفرص الاستثمارية، تشمل خدمات التزود بالوقود، واللوجستيات، ومراكز البيانات، والسكك الحديدية، وصناعة السيارات، داعية الشركات الأوزبكية إلى الاستفادة من تلك المميزات، ومن إمكانية النفاذ إلى الأسواق الإفريقية والشرق أوسطية.
.. تبقى الإشارة إلى أن أوزبكستان، التى لم يزرها غير رئيسين مصريين، هما الرئيس جمال عبدالناصر، سنة ١٩٥٨، والرئيس السيسى سنة ٢٠١٨، من الدول الغنية بالموارد الطبيعية والقطاعات الناشئة، ولديها تجربة متميزة فى الإصلاح الاقتصادى، وضع أسسها رئيسها السابق إسلام كريموف، وشارك فيها الرئيس الحالى، شوكت ميرضياييف، منذ سنة ٢٠٠٣، حين كان رئيسًا للوزراء، ثم أكملها، بعد انتخابه رئيسًا للبلاد، فى ديسمبر ٢٠١٦، بإطلاق استراتيجية «النهضة الثالثة» أو أوزبكستان الجديدة.