استغني عن الكتابة إذا كانت الجوائز تتطلب الوساطة..
في استراحة من القصف والبارود، الذي طال بلدها لبنان، تحل الكاتبة الروائية والناشرة، لينة كريدية، في ضيافة القاهرة، التي عبرت عن سعادتها بمجودها في العاصمة المصرية، التي تعشقها، وتعشق أجواءها.
وعن روايتها الأحدث، والصادرة عن منشورات دار النهضة العربية ببيروت، تحت عنوان “العرجون اللجين”، تحدثت لينة كريدية، في لقاء خاص لـ “الدستور”.
وحول الكتابة النسوية، وأثر الحرب علي الإبداع، وعن الجوائز وتأثيرها في تغيير ذائقة القراء، وغيرها من قضايا الثقافة العربية والمشهد الثقافي اللبناني وغيرها كان لنا هذا اللقاء مع الكاتبة لينة كريدية.
◄بداية نود تقديمك للقارئ المصري
لينة كريدية، روائية لبنانية، من بيروت بالتحديد، تتمحور حياتي حول الكتب والنشر الذي بدأت فيه مع دار النهضة العربية، وحاليا تخصصت في النشر، فضلًا على أنني أصدرت خمس روايات، وهى، “خان زاده”، “نساء يوسف”، “ما ودعك صاحبك”، “غانيات بيروت” واخيرًا رواية "العرجون اللجين".
◄هل الكتابة قادتك إلي النشر أم العكس؟
بدأت العمل فى النشر، حيث أن النشر كان مهنة عائلية، أمًا الكتابه فكانت شغف لا علاقه له بالنشر الذي يمثل التجارة وصناعة الكتاب، بعكس الكتابة خاصة كتابة الرواية التي تحتاج لإبداع وخيال وقراءات مختلفة متنوعة.
وعندما كنت أعمل بالنشر أصدرت سلسلة مهمة جدا وهي قصيده النثر التي تصدر عن دار النهضة العربية ببيروت وهذا ما سمح لي بالتوغل عميقا فى عوالم الشعر وهو المجال الذي أحبه علي المستوى الشخصي وتعرفت من هنا علي كثير من الشعراء الذين يمثلون نخبة المثقفين، وهم من فتح أمامي آفاق الإبداع ووفروا لي دفعة معنوية ليكون لى مكان فى هذا العالم ككاتبة. وبما إنني أحب الرواية كتبتها، وكان لي الكثير من الأساتذة لهم الفضل فى هذا، من مصر وبيروت، مثل الشاعرة فاطمه قنديل، وعباس بيضون، هؤلاء قرأو لي ما كتبت ووجهوا لي نقدا بناء.
◄ما هي أبرز التحديات التي واجهتها في كتابة رواياتك الأولى؟ وكيف تجاوزتها؟
أنا محظوظه بوجودي فى العالم الذي سهل توغلي فيه هكذا، ربما أقول أنني كتت محظوظة أكثر بالأساتذة من حولي وأول ما تعلمته منهم هو تمزيق ما كتبت إن لم أكن راضية عنه والبدء من جديد. ثانيا تعلمت عدم التقليد، لا تقليد أحد ولا تقليد نفسي وهو الأسوأ، بمعني أن استمرّ بنفس اللغة والفكرة، وتكرار ما قيل سابقا حتى صارت الآن. هذه عقده حقيقة لدي الآن لذا كل رواية أكتبها تكون مختلفة كليا عن سابقتها. فعلي سبيل المثال، رواية “غانيات بيروت”، تحكي قصص عن جميلات بيروت وعندما بدأت فى كتابة شييء جديد ابتعدت كليا عن هذا الجو وذهب إلي أسطورة اليهودي المعلق بمرآته فى بيروت، ولذا أنا لا أكرر الفكرة أبدا وهذا ما أكتبه، ويمثل لي تحديا كبير جدا.
أيضا لدي تحدي أن تكون رواياتي قصيرة حتى يكملها القارئ بسرعة. أحب التركيز فى موضوعاتي علي أشياء غير عادية لأنها هى الموضوعات التي تظل عالقة في الذاكرة، وتحتفظ بها لذا أحب أخذ اقتباسات من الحيوات الصعبة الاستثنائية المختلفة أو حتي من المهمشين.
◄لماذا قوبلت روايتك "غانيات بيروت بالهجوم الشرس؟
فى الحقيقة تمت مهاجمة “غانيات بيروت”، أولا لأن الناس لم تأخذ من كلمة غانية سوى معني العاهرة، بينما فى العربية تغنّي المرأة الجميل التي تستغني بجمالها عن الحسب والنسب، ثم أن كل العواصم والمدن الكبرى بها هذا النوع من النساء ليس بيروت فقط. والرواية تشمل حكايات نساء جميلات كثر بنهاية واحدة .
◄لماذا اخترت بيروت كخلفية لمعظم رواياتك؟ وكيف ترين تأثيرها على شخصياتك وحيواتهم؟
أكتر رواياتي تدور أحداثها فى بيروت، فهي مدينتي لا أستطيع الخروج منها، تعلمت طقوس كل شيء فيها وعشت وتربيت علي كل هذا، ومهما أحببت مدينة أخري كالقاهرة مثلا فلن أستطيع الكتابة عنها إلا بلسان زائرة مجرد انطباعات لكن لن أستطيع التعمق أكثر.
◄ كيف تختارين العناوين لرواياتك؟ وهل تشكل العناوين جزءًا من عملية السرد أم تأتي لاحقًا؟
عناوين الروايات تقدمها لي الحياة بشكل قدري، فربما أقرر عنوان للرواية لكن مسار العمل يطرح عنوان مختلف، وأحيانا أنهي الرواية واستغرق وقتا للتوصل إلي عنوان لها، فهذا شيء تلقائي لا أحد يعرفه، المهم أن يكون جذاب.
أنا بنت الشعر ولي خلفية شعرية تماما، منذ طرحنا مشروع في دار النهضة عن قصيدة النثر في الوطن العربي، ولهذا تأثرت بالشعر فى كتابة الرواية، فى اللغة وطول النص والإيقاع وخيبات النهايات.
◄ كيف تتعاملين مع لحظات التوقف الإبداعي؟
عندما أصاب بقفلة الكتابة، لا أحاول التغلب عليها، بل أتركها، فلا أستطيع إجبار نفسي علي الكتابة تنتهي، وخلال هذا الوقت، أحاول فعل أشياء مختلفة، فى هذا الوقت في قفلة الكتابة، ابدأ في قراءات جديدة، والخروج مع الأصدقاء ولقاء الناس.
◄ما رأيك في الجوائز الأدبية، وهل أثرت في تغيير ذائقة القراء؟
فى رأيي إذا كانت هناك جائزة تتحكم فيما أكتب فسوف استغني عن الكتابة، وإذا كان الحصول علي جائزة يتطلب الوساطه فأيضا سأستغني عن الكتابة هذا بالنسبه لي ولو كان أحد يفعل هذا فهو حر، فهذه تبقي في النهايات خيارات كل كاتب وإنسان.
◄حدثينا عن طقوسك في الكتابة؟
ليس لي طقوس معينة، أو حتي مكان بعينه محدد للكتابة كما يفعل البعض من المبدعين والكتاب، طقوسي في الكتابة، اللاطقوس، فقط بحسب الهوي، وهو أحلى جزء من الكتابة، وهو الحرية التي تجعل من حياتك نفسها رواية.
◄هل تشعرين أن الرواية اليوم ما زالت تلعب دورًا أساسيًا في التعبير عن القضايا الإنسانية والاجتماعية؟
ليست المعالجة من مهمات الرواية، فالرواية للتسلية لتطلعك على عوالم جديدة، تطلعك علي أنوار وأدوار تنويرية، تعرفك علي أشياء تلاقحت وأنتجت أشياء جديدة لم تنتبه إليها، تفتح لك الطريق لحيوات كثيرة لا يلمها العمر. لكن المعالجات نفسية أو اجتماعية ليست من عمل الرواية.