قالت لوسى ثلجية، عضو مجلس بلدية بيت لحم، إن المسيحيين فى فلسطين احتفلوا بعيد الميلاد هذا العام وسط ظروف استثنائية، نتيجة الحرب المستمرة فى قطاع غزة، والتداعيات الإنسانية المأساوية التى يعانى منها الشعب الفلسطينى.
وكشفت لوسى ثلجية، خلال حوارها مع «الدستور»، عن أنه لا وجود لأى مظاهر احتفالية فى بلدية بيت لحم، حيث اقتصرت احتفالات أعياد الميلاد فقط على الشعائر الدينية والاستمرار بالبروتوكولات الرسمية، لافتة إلى أن موكب حارس الأراضى، الذى انطلق أمس، تم دون أى مظاهر فى ظل تصاعد العدوان على غزة.
وتابعت أن العديد من الكنائس نظمت فعاليات تدعو إلى إنهاء الاحتلال والتأكيد على حقوق الفلسطينيين، فى ظل التزام المسيحيين بالمطالبة بالعدالة وإنهاء الاحتلال، مشيرة إلى أن الكنائس والمؤسسات الخيرية عملت على توفير المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب.
■ بداية.. كيف تستقبل كنيسة المهد وبيت لحم عيد الميلاد المجيد؟
- يأتى عيد الميلاد هذا العام فى كنيسة المهد ومدينة بيت لحم فى ظل ظروف استثنائية؛ نتيجة الحرب المستمرة فى غزة والتداعيات الإنسانية المأساوية التى يعانى منها الشعب الفلسطينى، وتعد بيت لحم، التى تعتبر واحدة من أبرز المواقع المسيحية فى العالم، مسرحًا لتفاعلات خاصة مع هذه الظروف القاسية. المدينة التى كانت تشهد أجواء الاحتفالات المعتادة، تكتسى هذا العام بحزن عميق، إذ يعكس واقعها الأسود الألم الكبير الذى يعانيه أبناؤها فى غزة والضفة الغربية.
فلا وجود لأى مظاهر احتفالية ببلدية بيت لحم، واقتصرت احتفالات أعياد الميلاد على الشعائر الدينية والاستمرار بالبروتوكولات الرسمية.
كما شهد أمس، ٢٤ ديسمبر ٢٠٢٤، دخول موكب حارس الأراضى دون أى مظاهر احتفالية، فمع تصاعد العدوان على غزة، تتبنى الكنائس فى بيت لحم وجميع أنحاء فلسطين رسائل تضامن مع غزة، حيث ترفع الكنائس الفلسطينية الصلوات من أجل السلام ووقف العنف، وتدعو العالم إلى الضغط من أجل إنهاء المعاناة الإنسانية.
■ ما معنى رسالة الأخوة والسلام فى فلسطين خلال عيد الميلاد؟ وفيمَ تتجلى؟
- رسالة الأخوة والسلام فى فلسطين خلال عيد الميلاد، هى رسالة محورية تعكس قيم المحبة والتعايش التى يحملها هذا العيد فى ظل الظروف الصعبة التى يعيشها الشعب الفلسطينى.
وتتجلى هذه الرسالة من خلال عدة جوانب، منها التضامن بين مختلف الطوائف والمجتمعات، فعيد الميلاد فى فلسطين هو مناسبة للتأكيد على وحدة الشعب الفلسطينى بمختلف أطيافه الدينية والعِرقية، ففى بيت لحم، المدينة التى تحتضن كنيسة المهد، يتشارك المسيحيون والمسلمون الاحتفال بهذا الحدث الدينى العظيم، وتعتبر هذه اللحظات فرصة لإظهار التلاحم والتضامن بين أبناء الشعب الفلسطينى، حيث يجسد العيد روح الأخوة بين المسلمين والمسيحيين، الذين يقفون معًا ضد الظلم، ويشتركون فى السعى إلى تحقيق السلام فى أرضهم وإنهاء الاحتلال وغطرسته وممارسته ضد شعبنا الأعزل.
كما تتمثل رسالة العيد فى الاحتجاج والدعوة للسلام فى فلسطين، فعيد الميلاد هو أيضًا مناسبة لتسليط الضوء على الأوضاع السياسية والإنسانية التى يعيشها الشعب الفلسطينى، بينما يحتفل الفلسطينيون بالعيد، ويواصلون رفع الأصوات المطالبة بالعدالة وإنهاء الاحتلال الغاشم، حيث ينظم العديد من الكنائس الفعاليات التى تدعو إلى إنهاء الاحتلال والتأكيد على حقوق الفلسطينيين، وهذا يعكس تأكيد المسيحيين فى فلسطين التزامهم بالمطالبة بالعدالة وإنهاء الاحتلال، بالإضافة إلى وجود الفعاليات الخيرية والمساعدات الإنسانية، فتتجلى رسالة الأخوة والسلام أيضًا من خلال الأعمال الخيرية التى تنظم فى فترة عيد الميلاد، حيث تعمل الكنائس والمؤسسات الخيرية على توفير المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحروب والاحتلال. فى هذا السياق يتولى المسيحيون فى فلسطين جمع التبرعات وتوزيع المساعدات الغذائية والملابس للأطفال والأسر المحتاجة، هذه الأنشطة تعكس روح العطاء والتعاون بين أبناء المجتمع الفلسطينى، وتؤكد أهمية الوقوف معًا فى الأوقات الصعبة.
■ بعد مرور عام على الحرب.. كيف تقضى كنائس أرض الميلاد هذه الأوقات المقدسة؟
- احتفالات عيد الميلاد فى كنائس أرض الميلاد، هذه السنة، تأتى فى وقت صعب ومؤلم، لكنها مقتصرة فقط على الشعائر الدينية. والاستمرار فى نشر رسالة المسيح من المحبة، تؤكد الكنائس فى فلسطين تمسكها بالقيم الإنسانية، وتظل ضوءًا فى الظلام، تبث الأمل وسط حلكة الظلام.
ففى ظل ظروف الحرب والعدوان المستمر على غزة، تحتفل كنائس أرض الميلاد بعيد الميلاد بطريقة تعكس التحديات التى يواجهها الفلسطينيون، مع الحفاظ على روح الأمل والسلام التى يحملها هذا العيد. ورغم المعاناة الشديدة والظروف الصعبة، تواصل الكنائس فى فلسطين، بما فى ذلك كنيسة المهد فى بيت لحم، الاحتفال بعيد الميلاد بطريقة تعكس صمود الشعب الفلسطينى، والتزامهم برسالة المسيح من السلام والمحبة.
ونحتفل بإقامة الصلوات والقداسات الإلهية فى كنيسة المهد فى بيت لحم التى تعد أحد أبرز مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد.
ويذكر المسيحيون فى فلسطين أن ميلاد المسيح فى بيت لحم كان رمزًا للسلام، ولهذا فى ظل الأوقات العصيبة، تظل رسالة المسيح من مهد السلام هى محور الاحتفالات فى الكنائس، حيث يتم التأكيد على أن الميلاد هو دعوة للسلام والتسامح.
كما يتم تقديم الأعمال الخيرية والمساعدات الإنسانية، ففى هذه الفترة تتولى العديد من الكنائس والمؤسسات الخيرية تقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين، ويتم جمع التبرعات لتوفير الغذاء، والأدوية، والملابس للأسر الفقيرة والمتضررة من الحرب، بما فى ذلك غزة. وهذا يعكس روح العطاء والتضامن، حيث يتم توفير الإغاثة للفئات الأكثر ضعفًا، من خلال كنائس بيت لحم، وغيرها من المؤسسات الدينية.
أما الاحتفالات المحلية والرمزية، فعلى الرغم من تدهور الوضع الأمنى، تحاول الكنائس فى بيت لحم وغيرها من المدن الفلسطينية، الحفاظ على تقاليد الاحتفال بعيد الميلاد، قد تكون الاحتفالات أكثر تواضعًا هذا العام بسبب الظروف المحيطة، ولكن الكنائس تحرص على تنظيم القداسات والعروض الاحتفالية الصغيرة، ويتم تزيين الكنائس بالفوانيس والزينة التقليدية، وتُضاء الشموع التى تمثل الأمل، كما تُقام صلوات خاصة من أجل إنهاء الحرب وتحقيق السلام فى غزة وفلسطين.
أما عن المشاركة الدولية فى الاحتفالات، فبالرغم من الصعوبات، أتى عدد قليل من الزوار من مختلف أنحاء العالم إلى بيت لحم للاحتفال بعيد الميلاد، ما يشكل فرصة لتعزيز التضامن الدولى مع الشعب الفلسطينى، وهؤلاء الزوار يشاركون فى الصلوات ويعبّرون عن دعمهم فلسطين، ما يسهم فى تسليط الضوء على الوضع الفلسطينى ومعاناته والمطالبة بإنهاء الاحتلال ووقف الحرب على غزة، فعلى الرغم من الواقع الصعب، يبقى الأمل هو الدافع الرئيسى للاحتفال.
■ هل يمكن لعيد الميلاد أن يجلب الأمل والسلام فى ظل الظروف الصعبة التى يمر بها الفلسطينيون؟
- عيد الميلاد فى فلسطين هو أكثر من مجرد مناسبة دينية؛ إنه لحظة لزرع الأمل والطمأنينة فى قلوب الفلسطينيين، وتأكيد رسالة التضامن فى وقت تعانى فيه المنطقة من الحروب والاحتلال، من خلال التمسك بالقيم الإنسانية. ويعكس عيد الميلاد قوة الشعب الفلسطينى فى مواجهة التحديات، ويعزز الأمل بأن السلام آتٍ يومًا ما.
ففى ظل الظروف الصعبة التى يمر بها شعب غزة وفلسطين، يمكن لمناسبة عيد الميلاد أن تجلب الأمل والسلام بطرق متعددة، تعكس قدرة الإيمان والتضامن على مواجهة المعاناة ورفع الروح المعنوية. على الرغم من الحروب والاحتلال، يظل عيد الميلاد رمزًا للأمل الذى يشرق فى قلوب الفلسطينيين، ويصل إلى العالم أجمع بالتأكيد على رسالة المسيح من السلام، فعيد الميلاد يذكر الفلسطينيين والعالم برسالة المسيح التى تدعو إلى السلام والمحبة.
كيف يمكن أن يكون الميلاد رسالة لطلب السلام من أجل غزة؟
- عيد ميلاد المسيح، الذى يُحتفل به فى بيت لحم، يحمل فى طياته رسالة عظيمة من السلام والمصالحة، وتعد هذه الرسالة أكثر أهمية فى الوقت الحالى، خاصة فى ظل الظروف الصعبة التى يمر بها شعب غزة وفلسطين. ميلاد المسيح، الذى يُعتبر رمزًا للسلام بين الناس، يقدم دعوة قوية للسلام فى قلب العنف والدمار، ما يجعله مصدر إلهام لشعب فلسطين، والمجتمع الدولى، للمطالبة بسلام عادل ودائم.
ونتأمل كيف يمكن أن يكون ميلاد المسيح ملك السلام رسالة لطلب السلام من أجل شعب غزة وفلسطين، فالميلاد كرمز للسلام ويُعتبر ميلاده فى بيت لحم بداية رسالة التوحيد بين الناس، وبالنسبة لشعب فلسطين، ميلاد المسيح دعوة لتوحيد جميع جهودهم من أجل السلام العادل للفلسطينيين، ويدعو العالم إلى الوقوف معهم فى هذه القضية الإنسانية.
وميلاد المسيح يُعتبر تذكيرًا بضرورة الاعتراف بحقوق الفلسطينيين فى العيش بسلام، والتأكيد على أنه لا يمكن للسلام أن يتحقق ما لم يكن عادلًا وشاملًا، وتعتبر رسالة الميلاد دعوة للمجتمع الدولى للتدخل من أجل إنهاء الحرب على غزة أولًا وتحرير فلسطين ثانيًا، ومع الاحتفالات بعيد الميلاد فى بيت لحم، الفلسطينى يرفع صوته عاليًا لطلب المساعدة من المجتمع الدولى.