تتميز مدينة طنطا بالمقاهى الشعبية القديمة، خاصة تلك التى تنتشر فى حوارى وأزقة منطقة السيد البدوى، وعلى رأسها «مقهى الحاج رمضان»، الذى يعد شاهدًا على قصص وحكايات لا تُنسى. يعود تاريخ «مقهى الحاج رمضان» إلى قرابة ٦٠ عامًا، أسسه الجد وافتتحه فى ١٩٦٥، ثم ورثه منه الابن الحاج رمضان أحمد، البالغ ٨٠ عامًا الآن، وكان شاهدًا على انتصارات أكتوبر المجيدة، وأصبح رمزًا لتراث المدينة وأصالة أهلها.
وقال إبراهيم رمضان، الذى يتولى إدارة المقهى الآن، رفقة شقيقه «أحمد»: «هذا المقهى أغلى ما يملك والدنا، الذى يحرص على متابعته أولًا بأول، ونحن نلتزم بتقاليده، سواء فى الإدارة أو الأسعار، وحتى فى التوقف عن العمل تمامًا للصلاة فى المسجد».
ولا يزال المقهى يحافظ على أسعاره القديمة حتى الآن، فسعر كوب الشاى ٥ جنيهات، والقهوة ١٥ جنيهًا، وفق «رمضان»، مضيفًا: «أغلب زبائن المقهى من أصحاب المحال التجارية والعاملين فى محيط السيد البدوى، وأنا أعرف طلب كل زبون دون أن يسأل».
واحدة من الحكايات التى يتناقلها ابنا الحاج «رمضان» عن والدهما بفخر أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات زار مقهاهم، خلال إحدى زياراته منطقة السيد البدوى. وقال: «أخبرنا والدنا بأن السادات قَبِل دعوته لتناول القهوة على الرمالة، وأصر على دفع ثمنها مع البقشيش».
ومن بين الحكايات المميزة الأخرى التى يرويها الوالد أيضًا، أن الشيخ محمد متولى الشعراوى كان من رواد المقهى الأوفياء، وفى كل زيارة لمسجد السيد البدوى، كان يحرص على تناول القهوة التى يعدها والده له بيديه على الرمالة.
وواصل الابن: «الشيخ الشعراوى كان يتمتع بعلاقة ودية مع أهالى المنطقة، ولوالدى وشقيقه العديد من الصور التذكارية التى التُقطت داخل المسجد الأحمدى وعلى المقهى، بصحبة إمام الدعاة».
وأكمل: «رغم صغر مساحة المقهى، يمتد تاريخه ليكون أكبر من دول مجاورة»، مؤكدًا أن «المقهى لم يشهد أى تغييرات جوهرية فى معالمه منذ أكثر من ٣٠ عامًا، ليظل محافظًا على أصالته ورونقه القديم، رغم أن المنطقة المحيطة بالسيد البدوى شهدت تغيرات كبيرة لمواكبة العصر الحديث».
بالنسبة لـ«إبراهيم» وشقيقه «أحمد»، هذا المقهى ليس مجرد مكان للعمل، بل مصدر رزق وحياة لكل الأسرة، فهما يبدآن العمل منذ الفجر، حتى بعد صلاة العشاء بعدة ساعات.
وأكد «إبراهيم» أن «المقهى فاتح بيوتنا، وفخوران بمواصلة مسيرة والدنا والحفاظ على اسمه من خلاله»، مشيرًا إلى التزامهما بالعمل فى المقهى كرسالة للشباب بأهمية الالتزام والمثابرة، وتقدير قيمة التراث.
وأضاف: «منطقة السيد البدوى ليست مجرد مكان محيط بالمقهى، بل هى جزء لا يتجزأ من قصته، والرئيس السادات كان يزور المسجد الأحمدى بصفة مستمرة، خاصة صلاة الفجر، لما عرف عنه من حبه أولياء الله الصالحين». وواصل: «وصية والدنا هى أن نحافظ على مهنتنا، وأن نقدمها بنفس الإتقان والتواضع الذى تعلمناه منه، لذا نحن نعمل بكل جهد لإثبات أن المقهى ليس فقط مصدر رزق، بل رسالة للأجيال المقبلة عن عراقة الماضى وأهمية الحفاظ عليه».
واختتم بقوله: «مقهى الحاج رمضان هو أكثر من مجرد مكان لتقديم المشروبات الساخنة، هو رمز للأصالة والعمل الجاد، وشاهد على تاريخ وحكايات مدينة طنطا، وسنواصل العمل لاستمراره كذلك».