قال الأب عبده أبوكسم، مدير المركز الثقافى الكاثوليكى اللبنانى، إن احتفالات عيد ميلاد المسيح هذا العام، التى تحتفل بها الكنيسة الكاثوليكية فى الـ٢٥ من ديسمبر الجارى، تختلف كثيرًا عن مثيلتها فى الأعوام السابقة، إذ يستقبلها العالم وهو فى حالة قلق وألم وحزن، فى ظل الأجواء المضطربة التى تشهدها المنطقة التى ولد فيها المسيح، بل العالم كله، فلا يوجد أى مظاهر للفرح بقرب عيد الميلاد فى لبنان وفلسطين، لأن الشعبين اللبنانى والفلسطينى يعيشان فى رعب وألم مما يحدث من انعدام للإنسانية.
وأوضح مدير المركز الثقافى الكاثوليكى اللبنانى، خلال حواره مع «الدستور»، أن المسيحيين فى أنحاء العالم يصلون خلال صوم الميلاد، كى يعم السلام فى غزة وفلسطين كلها ولبنان وأوكرانيا، آملين أن تتوقف الحروب وأن يعم السلام فى المنطقة، التى أحدثت فيها الحرب دمارًا شاملًا، وأوقعت الكثير من الشهداء والقتلى والجرحى، موجهًا الشكر إلى مصر، قيادة وشعبًا، على دعمها الشعبين الفلسطينى واللبنانى، فى ظل ما تقدمه من مساعدات، وسعيها المستمر لإيقاف الحروب بالمنطقة والعالم.
■ بداية.. ما الرسالة التى توجهها فى ظل الأجواء التى يشهدها العالم بشكل عام ولبنان بشكل خاص؟
- المسيحيون بكل أنحاء العالم، وبكل طوائفهم ومذاهبهم، يبدأون صوم الميلاد بالصلاة من أجل إحلال السلام فى لبنان والعالم، وزرع المحبة فى قلوب كل الأفراد، واستئصال بذور الشر والأفكار السيئة من حياتنا.
ونحن نتطلع لثقافة المحبة، فالحروب مهما حققت من انتصارات هى حروب خاسرة، أما الربح الحقيقى ففى نشر المحبة مكان البغض، لأن الله نشر السلام لكى يخلص العالم ويمحو آثار البغض والكراهية.
وصومنا نستعد له بالصلاة والتقشف لإحلال السلام فى العالم، وفى لبنان نستقبله تحت النيران والدمار والقتل، أى أننا نستقبل الميلاد مع الألم بدلًا من أن نستقبله مع الفرح والسعادة، وفى فلسطين- للأسف- نرى أن المنطقة التى ولد بها المسيح أصبحت تعيش حالة حرب تتنافى مع عيد الميلاد.
وحسب إيماننا، فعلينا العودة إلى جذور المسيحية الأولى المرتكزة على الصلاة وأعمال الرحمة خلال العيد، وأن نتعلم، خاصة ونحن اليوم نعيش الألم نتيجة الحروب والدمار، كيفية الرحمة وأن نكون رحماء مع الآخرين.
■ ما أوجه الاختلاف فى احتفالات عيد الميلاد بين هذا العام والأعوام السابقة؟
- لا توجد مظاهر للفرح بعيد الميلاد فى لبنان وفلسطين، فالشعبان اللبنانى والفلسطينى يعيشان فى قلق ورعب وحزن وألم مما يحدث من انعدام للإنسانية.
واليوم نصلى، ونطلب من الله أن يعم السلام فى غزة وفلسطين كلها ولبنان وأوكرانيا، ونأمل أن تتوقف الحروب وأن يعم السلام فى المنطقة، لأن الحرب أحدثت دمارًا شاملًا فيها، وأوقعت الكثير من الشهداء والقتلى والجرحى.
■ ما تفاصيل الاجتماع الروحى الذى عُقد فى لبنان خلال شهر أكتوبر الماضى؟
- الاجتماع الذى عُقد فى لبنان فى أكتوبر الماضى، برئاسة البطريرك مار بشارة الراعى، كان بمثابة قمة روحية مسيحية إسلامية، وأخذت اسم قمة استثنائية وطنية، لأنه دُعى فيها كل رؤساء الطوائف لبحث مستجدات الأمور ودعم الدولة اللبنانية وإدانة العدوان الإسرائيلى عليها، فضلًا عن حث المسئولين على انتخاب رئيس جمهورية ينتظم معه عمل مؤسسات الدولة.
وهذا الاجتماع دعا لتطبيق القرارات الدولية الخاصة بلبنان، منها القرار ١٧٠١، وهذه القمة الروحية بمثابة جرعة أمل للبنانيين، وجاءت موفقة باتفاق كل رؤساء الطوائف على مختلف انتماءاتهم.
■ على مدار التاريخ هاجر المسيحيون من الشرق الأوسط عمومًا ومن لبنان خصوصًا فى أكثر من موجة.. فهل أفادهم ذلك؟
- بالعكس أضعفهم، فنحن نتمسك ببقاء المسيحيين فى الشرق الأوسط، ففى هذه المنطقة نشهد المحبة، ونكون على شراكة مع الأديان الأخرى فى بناء ثقافة المحبة، ونأمل أن يعود الذين هاجروا مرة أخرى ويسهموا فى دعم بلادهم ومساعدة الكنائس المحلية فى نشر رسالة المحبة.
■ كيف تنظر إلى المساعدات التى قدمتها مصر إلى غزة ولبنان خلال الفترة الماضية؟
- الدولة المصرية كانت من المبادرين فى تقديم المساعدات، سواء لغزة أو لبنان، ونحن فى لبنان شهدنا الطائرات المصرية التى تحمل المساعدات إلى الشعب اللبنانى، وهذا موقف نتقدم فيه بالشكر إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى.
ومصر، أيضًا، سعت كثيرًا للتوصل لهدنة وإيقاف الحرب فى غزة ولبنان، وهو موقف آخر نقدم من خلاله الشكر إلى مصر كلها، فمصر لها مكانتها ودورها الريادى، والرئيس السيسى يحمل هذه المسئولية بجدارة، وكل اللبنانيين أثنوا على ما يقدمه الجانب المصرى من مساعدات إنسانية إلى لبنان.
■ ماذا عن أوضاع الأقباط فى مصر فى عهد الرئيس السيسى؟
- هذا العهد أفسح المجال للأقباط كى يعيشوا بحرية وبشكل أفضل، وتم السماح ببناء الكنائس وترميمها على نطاق أوسع، بالإضافة إلى قيام الرئيس السيسى ببناء كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وهناك تحسن عام فى أوضاع الأقباط فى مصر، بالإضافة إلى زيارة الرئيس السيسى كل عام قداسة البابا تواضروس الثانى فى عيد الميلاد المجيد، ونحن نأمل فى أن تتوسع العلاقات بشكل أوسع، خاصة مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر.
■ كيف تنظر لعلاقة رجال الدين بالسياسة بشكل عام؟
- على رجال الدين، من الرهبان والراهبات والكهنة، أن يلعبوا دورهم فى رسالة الكنيسة ورسالة الوطن، ولديهم دور كبير فى المؤسسات الطبية والتعليمية، وهذه الخدمة تمثل رسالة رجال الدين، التى يقدمون فيها أعمال المحبة لخدمة الوطن والمجتمع.
ومن خلال تلك الخدمات، لا بد ألا يتدخل رجال الدين فى السياسة إطلاقًا، فالسياسة لها أهلها، ويجب ألا يتدخل رجال الدين فى السياسة إلا فى المواضع التى تخص الوطن، وذلك من خلال المؤسسات التى يخدمون بها.
وهم يمكن أن يلعبوا دورهم الوطنى من خلال المؤسسات التعليمية والطبية وغيرها، والخدمات التى تقدمها الكنائس للمجتمع، أما السياسة بمعناها الحرفى فيجب على رجال الدين الابتعاد عنها.
أثار موقف البابا فرنسيس من المثليين جدلًا كبيرًا عالميًا.. فكيف ترون ذلك؟
- ربما تم وضع كلام البابا فى غير مكانه، فقداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، قال إن هؤلاء الأشخاص لديهم كرامتهم، ولا بد أن نتعامل معهم كإخوة على الرغم من الحالة الشاذة التى يعيشون بها، إنما نحن كإخوة يجب أن نتعامل معهم، ويجب أن نساعدهم فى الخروج من هذه الحالة التى يعيشون فيها، وأن نحترمهم ونتعامل معهم بروح المحبة.