خبير يوضح سياسات التجارة الخارجية وأداء ميزان المدفوعات في مصر خلال 2024

شهدت الدبلوماسية الاقتصادية في مصر نشاطًا ملحوظًا خلال عام 2024، حيث سعت الدولة لتعزيز علاقاتها التجارية والاستثمارية مع مختلف دول العالم من خلال تبني سياسات تجارية تهدف إلى تقليل الفجوة التجارية، جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعزيز مكانتها الاقتصادية على الصعيدين الإقليمي والدولي. تأتي هذه السياسات في إطار سعي الحكومة المصرية لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي وتحسين أداء ميزان المدفوعات، الذي شهد تطورات ملحوظة خلال نفس العام.

وقال الدكتور عبد المنعم السيد الخبير الاقتصادي ومدير مركز الدراسات الاقتصادية، إنه على الرغم من التحديات التي يواجهها الاقتصاد المصري، أظهرت السياسات التجارية في عام 2024 نتائج إيجابية، مع تحسن كبير في العلاقات التجارية مع دول "البريكس" والاتحاد الأوروبي، وزيادة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ورغم العجز في الحساب الجاري وتراجع إيرادات قناة السويس، فإن سياسات الحكومة المصرية لتعزيز التجارة الخارجية وتحفيز الصادرات وتحسين الجوانب الاستثمارية أسهمت في تعزيز الوضع الاقتصادي والمالي، مما يعكس قدرة مصر على مواجهة التحديات العالمية بنجاح.

انضمام مصر إلى تجمع "البريكس" وتعزيز العلاقات التجارية

وأضاف السيد، في تصريحات خاصة لـ "الدستور"، أن من أبرز التطورات في عام 2024 كان انضمام مصر إلى تجمع "البريكس" في يناير، مع عدد من الدول الأخرى مثل السعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا. يُعتبر انضمام مصر لهذا التجمع خطوة هامة في تعزيز استراتيجيتها الاقتصادية العالمية، حيث يعول عليه في تحسين إدارة أزمة الديون في البلدان الناشئة والنامية، فضلًا عن توفير فرص للتمويل وإجراء التسويات التجارية والاستثمارية بين دول الأعضاء باستخدام العملات المحلية. 

وتابع السيد، أن مصر بدأت بالفعل في جني ثمار هذا الانضمام، حيث شهدت العلاقات الاقتصادية مع دول البريكس تحسنًا ملحوظًا. في أول 8 أشهر من عام 2024، سجل التبادل التجاري بين مصر ودول هذا التجمع زيادة بنسبة 15%، ليصل إلى نحو 30.2 مليار دولار مقارنة بـ 26.2 مليار دولار في نفس الفترة من عام 2023. كما ارتفعت قيمة الصادرات المصرية إلى هذه الدول بنسبة 7.3%، مسجلة نحو 5.7 مليار دولار مقابل 5.3 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي.

كانت السعودية على رأس قائمة الدول التي استوردت من مصر، حيث بلغت قيمة الواردات 2.2 مليار دولار، تلتها الإمارات بـ 1.8 مليار دولار، ثم البرازيل وروسيا والهند. كما أظهرت بيانات التبادل التجاري تطورًا ملحوظًا في العلاقات مع الصين، حيث ارتفعت صادرات مصر إليها بشكل لافت.

 

الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي

 

في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي، وأوضح الخبير الاقتصادي، أن من أهم الفعاليات عقدت مصر مؤتمرًا للاستثمار مع الاتحاد الأوروبي في 2024، تم من خلاله الإعلان عن رفع مستوى العلاقات بين الجانبين إلى الشراكة الاستراتيجية. تم الاتفاق على حزمة مالية بقيمة 7.4 مليار يورو لتعزيز الاستثمارات الأوروبية في مصر، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الطاقة النظيفة. تهدف هذه الشراكة إلى تحويل مصر إلى مركز رئيسي للطاقة النظيفة، مع التركيز على تطوير ممرات جديدة لنقل الكهرباء النظيفة والهيدروجين، فضلًا عن إقامة سلاسل قيمة جديدة للتكنولوجيا النظيفة تمتد عبر البحر الأبيض المتوسط.

إضافة إلى ذلك، حصلت مصر على صفة "الشريك المتقدم" مع الاتحاد الأوروبي، مما يتيح لها فرصًا أوسع للتعاون في مختلف المجالات الاقتصادية. في خطوة عملية لتعزيز هذا التعاون، تم توقيع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي بشأن آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم الموازنة المصرية بقيمة مليار يورو، مما يعكس التزام الاتحاد الأوروبي بتقديم الدعم المستمر للاقتصاد المصري.

 

أداء ميزان المدفوعات المصري

 

وقال السيد، إن أداء ميزان المدفوعات المصري شهد تحسنًا ملحوظًا خلال العام المالي 2023-2024. حيث سجل ميزان المدفوعات فائضًا قدره 9.7 مليار دولار، مقابل فائض بلغ 0.9 مليار دولار في العام المالي السابق. ووفقًا للبنك المركزي، تحقق هذا الفائض في النصف الثاني من السنة المالية 2024/2023، نتيجة الإصلاحات الهيكلية التي تم تنفيذها في مارس 2024، والتي أثرت إيجابيًا على حساب المعاملات الرأسمالية والمالية. 

وسجل صافي تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر نحو 46.1 مليار دولار، حيث ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في النصف الثاني من السنة المالية 2024/2023 إلى نحو 40.5 مليار دولار، مما يعكس الثقة المتزايدة في الاقتصاد المصري بعد تنفيذ الإصلاحات. في نفس السياق، سجلت الاستثمارات في محفظة الأوراق المالية صافي تدفق للداخل بلغ 14.5 مليار دولار.

 

إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين بالخارج

وتابع أن إيرادات قناة السويس شهدت تراجعًا بنسبة 24.3% لتسجل نحو 6.6 مليار دولار، مقارنة بـ 8.8 مليار دولار في العام السابق. ويعزى هذا التراجع إلى انخفاض الحمولة الصافية للسفن العابرة للقناة بنسبة 29.6%، وكذلك تأثير التوترات الأمنية في البحر الأحمر التي أدت إلى تحويل بعض السفن مساراتها بعيدًا عن القناة.

في المقابل، قال الخبير الاقتصادي إن تحويلات المصريين العاملين بالخارج شهدت زيادة ملحوظة، حيث ارتفعت بنسبة 62.2% لتصل إلى 7.5 مليار دولار في يونيو 2024، مقارنة بـ 4.6 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق. كما أظهرت البيانات زيادة في التحويلات خلال الربع الأول من السنة المالية 2024/2025، مما ساهم في تحسين الوضع المالي للبلاد.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق تشكيل طلائع الجيش أمام الزمالك في الدوري الممتاز
التالى المسلماني يؤدي اليمين أمام النواب رئيسا للهيئة الوطنية للإعلام