كشف عمرو المعتصم، ممثل النيابة العامة، خلال مرافعته أمام محكمة جنايات دمنهور الدائرة السادسة برئاسة المستشار بهجات داود، رئيس المحكمة، عن تفاصيل مقتل الطفلة الرضيعة " سما"، على يد والدها بسبب انجاب الإناث في القضية رقم 2811 لسنة 2024 جنايات إيتاي البارود والمقيدة برقم 28 لسنة 2024 جنايات كلي جنوب دمنهور.
النيابة العامة تكشف تفاصيل الواقعة
وقال ممثل النيابة العامة،: "إنه قبل أسبوعين من ارتكاب الواقعة ذهبت "أميرة" زوجة المتهم وأطفالها الصغار إلى طبيب أطفال، وفكرت أنه قد حان وقت الهرب فاستغلت غياب القاتل واصطحبت طفلتيها وصعدت إلى سطح العقار ومكثت فيه و الصغار لحين نزول القاتل لتتمكن من الهرب، إلا أنها لمقصدها لم تَنُب، فعثر عليها القاتل واتصل بوالدها يهدده بفصلها عن نجلتيها حتى لا تراهم و فعل، ثم قتلِها إلا أن استطاعت أميرة الهرب، وهرولت إلى مركز الشرطة تشكو بثها إلا أن أباها بالرجوع اليه طلب واعدًا إياها بحل الأمر مع زوجها فرجعت الزوجة لأبيها دون الصغارِ حسرانةَ اسفتاً على تركهم إلى أن أتى يوم الواقعة".
تنفيذ الجريمة
وتابع ممثل النيابة العامة، إنه يوم 28-7-2024، استفرد "محمود.ش.ر"، بنجلتيه بصالة المنزل بشر يفكر، وكانت المسكينة مطمئنة ظاننة الأمان في بيتها، إلا أن شرً في عقل اباها اختمر، ليس بوسوسة الشيطان إنما، تنصل منه الأخير من سيل العبر، سأقتلُ الغلامةَ فهي ليست بفتى، يعينني على جمع الجواهر والدراهم والدرر، فانقض الخائنُ يدهسُ راسها، فاختل توازنه لفرصةِ تراجعٍ أعطاها القدر، فانفجعت المسكينة وصوت يصرخ في راسها، أبتى حبيبى هل اصابك من ضرر، وكأن هذا الصوت رغم حنوه، فيه غضب السماء على الخسيس قد انهمر، ولأنه وبوقع شرهِ هوى ، فلم تمنعه البراءة عن ما شر قذارته امر، فاستدار بوجهه الملطخ بالشر، وشرف أبوته بالعار انكسر، فنادى قلبٌ الغلامة، خائفة ابتى ما لي اراك كالوحش اذ استعر، فرفع قدماه ينوى وأدها، فدهس راسها حتى انفجر، نظر اليها وهي تسأله بعين براءةٍ ، يا ابتى ماذا فعلت ؟ ما جرمي و ما الكدر؟، فانحنى السفاح يلكم وجهها وغضبُ السماءِ في عيناها استعر، فجنى فظيع جناية لم يجنها اب سواه منذ تاريخ البشر، فأخر مشهدٍ صرخ به قلبها ، لا امان لا امان إلا ان الضوء في عينيها اندثر".
في بيان شديد اللهجة، عبّر عمرو المعتصم قائلاً: "نحن هاهنا، أهلُها وسنقتص على ذات الوتر، فعدالة الله لا تنام، وسيفنا في الحق حاد كهلال القمر، سنجعلك بإذن الله عبرة لكل من استباح الإناث واحتقر، وستقابل عيني سماء عند ربك، ظالمًا لبريئة، قلبها دونما جرم انفطر".
وأضاف: " القابع خلف القضبان أمام عدالتكم إلا وحشٌ فاجرٌ غادر، أعمى الشر قلبه وبصره، فلم ير إلا القتل سبيلاً لإشباع شره وفجور روحه، ولكِنَّا نحن اليوم، سُقناهُ لساحَةِ عدلِكُم، لِينالَ جزاءَ ما اقترفَتْ يدَاهُ من وضيع جرمه، لقد تماسكتْ أدلةُ دَعوانا وتساندتْ منذ اكتشاف الجريمة، بشكلٍ يقيني جازم قبل المتهم، فوجدناها متشابكة متساندة كالبنيان المرصوص".
النيابة العامة تكشف تفاصيل حادثة مؤلمة
وأكد عمرو المعتصم، أن النيابة العامة قدمت الأدلة الداعمة لثبوت الاتهامات بحق المتهم، حيث حضر إلى مركز الشرطة ليقدم بلاغاً عن وقوع الحادث، مشيراً إلى أنه كان نائماً في الغرفة التي شهدت الواقعة.
وفي التفاصيل، أوضح المتهم أنه استيقظ حوالي الساعة الحادية عشر والنصف ليلاً على صوت انقطاع التيار الكهربائي، مما دفعه للبحث عن مصباح، وفي عتمة الظلام، تعرضت نجلته لحادث أليم حيث أقدم على دهس رأسها دون قصد، مما أدى إلى وفاتها.
وتابع ممثل النيابة العامة، أن كل من والدة وشقيق المتهم أشاروا إلى أنه كان في حالة من الهلع بسبب انقطاع الكهرباء، كما أظهرت التقارير الطبية من مستشفى إيتاي البارود أن الطفلة وصلت إلى المستشفى جثةً هامدةً، مع وجود إصابات متفرقة تشمل كدمات وسحجات في عدة مناطق من جسدها.
ويكمل "المعتصم"، إنه بسؤال الجدة نورة رجب محمد سراده، عن تفصيلات الواقعة أصرت على سابق الإقرار، حيث أضافت أن نجلها يعاني من أمراض نفسية وعفاريت تجعله مُغيبً وليس له من الأمر قرار وأنه ما دون إصابات الراس لنجلتنا سببها حرارة الجو، وبمناظرة النيابة العامة للجثمان وجدت ذات الإصابات والآثار.
وكشف "عمرو المعتصم"، عن قيام النيابة العامة بخطوات علمية ومنطقية على مدار عدة أشهر، حيث هي حصن الضعيف ومنارة الحق، وقد أثبتت التحقيقات أن النيابة لا تدخر جهداً في البحث عن الحقيقة، حتى لو كان ذلك يتطلب البحث عن حق يمثل إبرة في كومة قش، أحد الأدلة الرئيسية التي تم التوصل إليها هو تقرير الصحة النفسية، حيث أُودع المتهم في مستشفى للأمراض النفسية لمدة تجاوزت الشهر، وقد أكد التقرير أنه لا يعاني من أي أعراض لاضطراب نفسي أو عقلي أثناء إعداد التقرير أو وقت ارتكاب الواقعة، مشيراً إلى أن لجنة الفحص رأت أنه كان يمتلك كامل الإرادة والاختيار، مما يجعله مسؤولاً بالكامل عن أفعاله.
وأشار ممثل النيابة العامة، إلى أنه تم الاستفسار من الشركة العامة لتوزيع الكهرباء بشأن انقطاع التيار الكهربائي في يوم وقوع الحادث، وجاءت الإجابة بالنفي، حيث لم يُسجل أي انقطاع خلال تلك الفترة، كما تم استُدعاء الجدة نورة مرة أخرى، شهدت بأن التيار الكهربائي انقطع عن المنطقة بالكامل في ذلك الوقت، مُشيرةً إلى أنها رأت نجلها وهو يقوم بدهس رأس ابنته عن غير قصد أثناء محاولته إحضار مصباح لإضاءة الغرفة في الظلام.
اعتراف المتهم يكشف تفاصيل جريمة القتل
وأوضح ممثل النيابة العامة، أن الجدة شهدت أن المتهم كان موجوداً في الظلام أثناء وقوع الحادث، وعند سؤالها عن قدرتها على تمييز الأعداد على أصابع اليد، استطاعت تمييز عددين وثلاثة، لكن عند إطفاء إنارة غرفة التحقيقات، لم تستطع التعرف على الأعداد، قائلةً: "هو أنا هشوف في الضلمة إزاي؟" وأكدت أن ما حدث كان نتيجة مس أو سحر.
وعند مواجهة المتهم بكل الأدلة والشهادات التي تم جمعها، بدأ الضغط يتزايد عليه، مما دفعه للاعتراف أخيراً بأنه هو من قام بقتل المجني عليها بعد تفكير دام ساعة، وذكر أنه اعتدى عليها بالدهس والضرب دون أي شفقة أو ضمير، رغم محاولاته لتبرير أفعاله بأنها ناتجة عن "مس شيطاني"، إلا أن الأدلة أثبتت أنه هو من ارتكب الجريمة بيديه، وليس بفعل خارجي.