يُعتبر المشروع القومي لتطوير قرى الريف المصري "حياة كريمة" من أكبر وأهم المشاريع التنموية التي أطلقتها الدولة في السنوات الأخيرة وذلك في إطار جهودها الشاملة لتحسين مستوى معيشة المواطنين في الريف المصري، وتطوير البنية التحتية والخدمات الأساسية في القرى والمناطق النائية.
يهدف المشروع لتحسين جودة الحياة في هذه القرى من خلال توفير متطلبات التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتمكين المواطنين من الحصول على خدمات أفضل، ما يعزز من استدامة التنمية في هذه المناطق.
وقال د.عبد المنعم السيد، الخبير الاقتصادي، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية إن مشروع "حياة كريمة يمثل " نموذجًا ناجحًا في تحقيق التنمية المستدامة في المناطق الريفية، حيث يعكس رؤية الدولة المصرية في تحسين جودة الحياة لجميع المواطنين، مهما كانت خلفياتهم الاجتماعية أو الاقتصادية.
من خلال استكمال مشروعات البنية التحتية، وتنفيذ المبادرات التنموية المتنوعة، يتطلع المشروع لتغيير حقيقي في حياة ملايين المصريين، وتوفير بيئة حياة أفضل وأكثر استدامة في القرى الريفية.
أضاف السيد، لـ"الدستور"، أن المرحلة الأولى من المشروع استفاد منها حوالي 18 مليون مواطن من 1500 قرية في مختلف أنحاء مصر.
تجاوزت تكلفة تنفيذ هذه المرحلة 350 مليار جنيه شملت نحو 23 ألف مشروع مختلف هذا التنوع في المشاريع يعكس النهج الشامل الذي اتبعته الدولة لتلبية احتياجات المواطنين من كافة الجوانب.
على سبيل المثال، شملت المشروعات إنشاء وتطوير بنية تحتية حديثة، بما في ذلك مشروعات مياه الشرب، الصرف الصحي والكهرباء، وكذلك تحسين الخدمات الصحية والتعليمية في العديد من القرى.
وأكد أن أبرز هذه المشروعات التنموية بمبادرة حياة كريمة استكمال مشروعات الصرف الصحي المتكامل في 27 مركزًا يغطي 242 قرية، حيث تم توفير بنية تحتية حديثة ومستدامة للمرافق الأساسية، إضافة إلى ذلك تم تنفيذ مشروعات مد وتدعيم للصرف الصحي في 372 قرية أخرى، مما أسهم بشكل كبير في تحسين بيئة الحياة في الريف المصري.
تحسين خدمات المياه والصرف الصحي
فيما يتعلق بمشروعات مياه الشرب، أوضح أن إنشاء وإعادة تأهيل محطات مياه الشرب يعد من أهم مكونات المشروع. فقد تم إنشاء وتطوير 181 محطة مياه شرب بطاقة إنتاجية تصل إلى 1.22 مليون متر مكعب يوميًا، لتلبية احتياجات السكان في القرى المستهدفة، كما استمرت الدولة في تنفيذ مشروعات مد وتدعيم شبكات مياه الشرب في 718 قرية، بهدف تحسين جودة المياه وضمان وصولها بشكل مستمر وآمن للمواطنين.
المبادرات التنموية في عام 2024
قال إن دور مشروع "حياة كريمة" لم يتوقف عند تحسين البنية التحتية، بل امتد إلى تنفيذ العديد من المبادرات التنموية التي تهدف إلى تحسين حياة المواطنين في القرى من خلال توفير الخدمات الصحية والتعليمية، وتطوير مهارات السكان، وتعزيز الوعي الاجتماعي. في عام 2024، تم تنفيذ 5 مبادرات شملت 988 ألف مستفيد، وقد شملت هذه المبادرات مجالات مختلفة مثل الرعاية الصحية، التنمية الزراعية، وتحسين المهارات الحرفية.
كما تم تنفيذ قوافل تنموية شاملة تحت شعار "أنت الحياة"، التي جابت 7 محافظات بهدف تقديم خدمات طبية وتعليمية وتنموية للسكان في المناطق الأكثر احتياجًا. وقد لاقت هذه القوافل استحسانًا واسعًا من المواطنين، حيث تم تقديم خدمات طبية مجانية للكشف عن الأمراض وتوزيع الأدوية، إضافة إلى تنظيم ورش عمل لتدريب الشباب على مهارات جديدة تسهم في تحسين فرصهم الاقتصادية.
المشروعات الثقافية والاجتماعية
من جانب آخر، اضاف أن مشروعات "حياة كريمة" شملت المشاركة في مشاريع ثقافية واجتماعية تهدف إلى تعزيز الانتماء الوطني والتلاحم المجتمعي، مثل مشروع "حياة كريمة بعيون صغيرة" الذي يستهدف تحسين الوعي البيئي والصحي بين الأطفال والشباب في القرى. كما ساهم المشروع في فعاليات مثل مهرجان العلمين، الذي يهدف إلى تعزيز الثقافة والابتكار بين سكان الريف، ودعم المشاركة المجتمعية في الأنشطة الثقافية والفنية.
تحسن المؤشرات التنموية..تأثير واضح على حياة المواطنين
وقال إن الجهود المبذولة في إطار مشروع "حياة كريمة" أسفرت عن تحسين العديد من المؤشرات التنموية في الريف المصري. من أبرز هذه المؤشرات هو "معدل إتاحة الخدمات الأساسية"، الذي شهد تحسنًا ملحوظًا بلغ حوالي 69 نقطة مئوية. هذا التحسن يعكس التحسن الكبير في جودة الخدمات الأساسية مثل مياه الشرب والصرف الصحي والتعليم والصحة في القرى المستهدفة.
وأشار إلي إن هذه الإنجازات تمثل خطوة كبيرة نحو تحسين حياة المواطنين في الريف المصري، وتساهم في تقليص الفجوة التنموية بين الحضر والريف. كما تساهم في خلق بيئة أكثر استدامة ونموًا في المناطق الريفية، مما يعزز من فرص التنمية الشاملة في هذه المناطق.