الإثنين 23/ديسمبر/2024 - 01:13 م 12/23/2024 1:13:25 PM
لم أشغل نفسي كثيرا ولا قليلًا كما لم أشغلك قارئي العزيز بالكتابة عن هموم كرة القدم أو مناوشات عشاقها أو خلافات معجبيها. لم يكن هذا الموقف زهدا في اللعبة أو كراهية لها، بل على العكس فأنا استهلك من وقتي ساعات أسبوعية للمتابعة وللتشجيع أيضًا.
كل ما في الأمر أنني على قناعة أن كرة القدم لدينا ليست كمثيلتها في كل دول العالم. نحن صرنا شديدي التعصب في تشجيعنا، كما أن كرتنا أقل بكثير جدا من أن تخسر صديقا أو قريبًا بسبب اختلاف وجهة نظركما حيالها، أو أن ترتكب معصية بسب أحد عناصرها إذا خذلك بفشله في تسديد كرة أو التصدي لأخرى. كرة القدم عندنا مجرد نسخة باهتة لما نتابعه عالميًا، ولهذا صرنا نرى مشجعين مصريين كثر لفرق عالمية تستحق التشجيع فعلًا.
ورغم كل فتور حماسنا تجاه الأندية المصرية إلا أننا احتفظنا بانتماء قديم وشغف نسبي تجاه هذا الفريق أو ذاك. يزداد هذا الشغف إذا كان منتخبنا الوطني طرفًا في منافسة، أو حين يخوض ناد مصري مباراة حاسمة ينال بعدها كأسا فيرتفع علم مصر ويعزف نشيدها الوطني. وحتى هذا الأمر الراقي، الذي يزيد من الانتماء الوطني ويعزز من الولاء للبلد، ضربه المتعصبون في مقتل. نعم، فعلوا وما يزالون، ألم تتابع من خرج عبر شاشاتنا الوطنية ليقول إنه لن يشجع ناديًا مصريًا في منافسة عالمية، بل وسيشجع منافسه نكاية في جمهور هذا النادي ؟!
و رغم مواقفنا الشخصية السلبية تجاه اللعبة ومنسوبيها إلا أننا لا نتورع عن الإشادة بما يستحق الإشادة، والإشارة إلى ما يستوجب التوقف عنده ولفت النظر إليه. من هذا ما حدث في مباراة الأمس بين الأهلي المصري وشباب بلوزداد الجزائري. لن أتحدث عن فنيات المباراة أو مجرياتها، فليس لي أن أفتي فيما لا أفهم، ولكنني ساتحدث عما وقع من خلاف بين لاعبي الأهلي وجمهوره المتحمس دائما والغيور طوال الوقت والمهيأ للفوز في كل مباراة!! كان هذا الجمهور قد استاء بشدة إثر خروج فريقه أمام باتشوكا في مباراة حاسمة كانت كفيلة بصناعة تاريخ جديد للنادي حين يواجه الريال في مباراة تحسم لقبا وبطولة هي الأكبر والأهم عالميًا على مستوى الأندية.
فسر الجمهور الخسارة بأنها جاءت على إثر تراخ من بعض اللاعبين وإهمال من آخرين، فجاء هذا الجمهور في مباراة الأمس رافعًا لافتات العتاب والتهديد للاعبيه. ورددت الجماهير شعارات قاسية تجاه الفريق ككل وتجاه لاعبين بعينهم.
زاد الطين بلة ذلك الهدف المباغت الذي افتتح به الضيف الجزائري أهداف المباراة، فازداد غضب الجمهور على لاعبيه وجهازهم الفني. ومع انتهاء الشوط الأول يعوض الأحمر بهدف أول، ويعود اللاعبون في الشوط الثاني اكثر تحفزا للخصم ويمطر شباكه بنصف دستة أهداف لتنتهي المباراة باستعادة الفريق لثقة جمهوره واستحقاق تحيته المعتادة في أعقاب كل انتصار محلي أو دولي.
و هنا تحدث المفاجأة ويأتي القرار الانفعالي بمغادرة الفريق دون تحية جمهوره كرد فعل على عتاب الجمهور القاسي قبيل المباراة وأثناءها. أيا كان هذا الشخص الذي أوعز للفريق باتخاذ هذا الموقف المستغرب والذي قد يراه البعض مستحقا، إلا أنني أرى أنه خانه التوفيق تمامًا. عتاب جمهورك يا صاحب القرار، أمر في منتهى الصحة ولومه كان هو سبب الاستفاقة السريعة. وفي رأيي أن من نصحك بمعاندة جمهورك لا يحب لك الخير مطلقًا ويزكي نيران الفتنة بينكما. تواضع لجمهورك وقت النصر ولا تتعالى عليه، واعترف بالخطأ وقت الهزيمة لتتجاوزها سريعًا. ليس هناك من يلعب المباراة منفردًا، حتى ولو كان فريقًا كاملًا، جمهورك هو اللاعب الأول في الفريق فكيف تجرؤ على معاداته ؟! نصيحتي للاعبي الأهلي ولكل اللاعبين في كل الفرق، لا تعادوا جمهوركم فتتضاعف خسارتكم وتفقدوا الجمهور الذي هو السند الحقيقي لكل اللاعبين، تقبلوا عتاب المحب والتقطوا من نصائحه ما يفيد فقد تكون تلك النصائح بابا للخلاص من كل مشاكلكم ومشاكلهم. ولا تعادوا جمهوركم بمعاندته فتخسروه للأبد وتخسروا مكانتكم وصدارتكم وترتيبكم.