حادث الدهس، الذى وقع فى مدينة «ماجديبورج»، الألمانية، مساء الجمعة، وصفه راينر هاسيلوف، رئيس وزراء ولاية «ساكسونيا أنهالت»، بأنه «عمل سياسى وليس حادثًا عرضيًا»، وقال إن المشتبه به «طبيب سعودى عمره ٥٠ سنة، ويعمل فى القطاع الصحى بالولاية»، موضحًا أنه «وصل إلى ألمانيا سنة ٢٠٠٦ وحصل على وضع لاجئ»، كما ذكرت مجلة «دير شبيجل» أنه متخصص فى الطب النفسى، ومتعاطف مع أفكار حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليمينى.
قاد مرتكب الحادث سيارة من نوع «BMW»، لأكثر من ٤٠٠ متر، وأظهر مقطع فيديو، تم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعى، السيارة وهى تسير بسرعة فائقة، بين صفين من أكشاك السوق، بينما كان المارّة يتساقطون على الأرض، أو يهرولون مبتعدين. وذكرت جريدة «بيلد» الألمانية أن الشرطة ألقت القبض على المشتبه به بعد وقت قصير من الحادث. والغريب هو أن أسواق عيد الميلاد كانت محل تركيز الأجهزة الأمنية الألمانية، مع اقتراب موعد الانتخابات العامة المبكرة، المقرر إجراؤها فى ٢٣ فبراير المقبل، والأكثر غرابة وإثارةً للدهشة، أن نانسى فيزر، وزيرة الداخلية الألمانية، نصحت المواطنين، أواخر الشهر الماضى، بتوخى الحذر فى تلك الأسواق، تحسبًا لهجمات محتملة من متطرفين!
الحادث أدانته مصر، وأكدت فى بيان أصدرته وزارة الخارجية، صباح أمس، تضامنها مع جمهورية ألمانية الاتحادية الصديقة، وتقدمت بأصدق التعازى لحكومتها وشعبها، وتمنت الشفاء العاجل للمصابين، واستنكارها كل أشكال العنف والإرهاب. كما ندّدت الخارجية السعودية بالحادث، معربة عن تضامنها مع الشعب الألمانى وأسر الضحايا، فى بيان لم تشر فيه إلى هوية المشتبه به، الذى نقلت وكالة «رويترز» عن «مصدر سعودى» أن المملكة حذرت السلطات الألمانية منه، بسبب آرائه المتطرفة. كما ذكرت جريدة «المدينة» السعودية، نقلًا عن «مصادر رسمية»، أنه هرب إلى ألمانيا قبل عقدين، وأن المملكة طالبت السلطات الألمانية بتسليمه لمحاكمته، ثم قامت بسحب جنسيته، وأشارت الجريدة إلى أن «أسرة آل عبدالمحسن»، كانت قد أصدرت بيانًا، منذ سنوات، تبرَّأت فيه من المذكور واستنكرت أفكاره المنحرفة.
اسمه طالب بن جواد بن حسين العبدالمحسن، يضع صورة «كلاشينكوف»، فى خلفية حسابه على شبكة «إكس»، ويصف نفسه بأنه «يحب إسرائيل»، وشرح فى سلسلة تغريدات لماذا يصف نفسه بذلك، كما أعلن عن دعمه دولة الاحتلال فى حربها على قطاع غزة، وقال إنه سيقاتل من أجل أن تسيطر إسرائيل على دول عربية أخرى. غير أنه دافع، فى ٢٨ سبتمبر الماضى، عن «حزب الله» اللبنانى، ووصفه بأنه «مقاومة حقيقية، لا كمرتزقة حماس التى يتجول قادتها علنًا من بلد لبلد فلا يُقتلون إلا فى إيران»!
يصف المذكور نفسه، أيضًا، بأنه «معارض عسكرى»، واعتاد على مهاجمة ألمانيا، بزعم أن أجهزتها الأمنية تريد «أسلمة أوروبا»، وتستخدم «حيلًا قذرة ضد منتقدى الإسلام»، واتهمها «بارتكاب سلسلة جرائم متعمدة ضد اللاجئين السعوديين»، وكتب، مثلًا، فى ١٣ أغسطس الماضى: «السلم لا ينفع معهم.. كلما تعاملنا معهم سلميًا أوغلوا فى وقاحتهم، كأنما يتعمدون إقناعنا أن السلم لا ينفع فى ألمانيا»، وأضاف فى التغريدة نفسها: «إن أراد الألمان أن يقتلونا فسوف نذبحهم أو نموت أو ندخل السجن بكل فخر». واللافت، هو أن جريدة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج»، كانت قد نشرت حوارًا معه، سنة ٢٠١٩، تفاخر فيه بأنه «أكثر منتقدى الإسلام عدوانية فى التاريخ». و... و... ومع كل ذلك، ذكرت وسائل إعلام ألمانية عديدة، من بينها، محطة «إم. دى. آر»، أنه لم يكن معروفًا لدى السلطات الألمانية باعتباره متطرفًا!
.. وتبقى الإشارة إلى أن حادث الدهس، الذى يأتى قبل شهرين من الانتخابات الألمانية المبكرة، يأتى، كذلك، بعد ثمانى سنوات من هجوم مماثل، تبناه تنظيم «داعش» الإرهابى، استهدف سوق عيد الميلاد بالعاصمة الألمانية برلين، وأسفر عن مقتل ١٣ شخصًا وإصابة عشرات آخرين.