مدعومًا من الرئيس الإندونيسى السابق جوكو ويدودو، فاز الجنرال برابوو سوبيانتو، الذى كان وزيرًا للدفاع، فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، من الجولة الأولى، وأدى اليمين الدستورية رئيسًا ثامنًا لإندونيسيا، فى ٢٠ أكتوبر الماضى، معلنًا عن تمسكه بشعار حملته الانتخابية «معًا نتقدم نحو إندونيسيا الذهبية ٢٠٤٥»، وإعادة التوازن لعلاقات بلاده الخارجية، من خلال تعزيز علاقاتها مع الصين والهند.
أربعة أسابيع، إذن، فصلت بين تولى الجنرال سوبيانتو مهام منصبه، وزيارته الرسمية لمصر، التى أعرب عن عميق تقديره لها، قيادةً وشعبًا، مؤكدًا المكانة الكبيرة والاعتزاز الذى يحمله الشعب الإندونيسى للشعب المصرى وللعلاقات التاريخية بين البلدين، مشيدًا بالدور التاريخى لمصر فى دعم قضايا الأمة الإسلامية والدفاع عن مصالحها. كما ثمّن دور مصر المحورى فى قيادة السلام والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، مؤكدًا دعم بلاده الكامل هذا الدور، ورغبتها فى تعزيز العلاقات والتعاون الثنائى فى مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، خاصة فى دعم استقلال فلسطين والحفاظ على الاستقرار فى لبنان وسوريا.
الرئيس الإندونيسى الثامن، زار القاهرة، أمس، الأربعاء، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى، وعقد الرئيسان جلستى مباحثات، ثنائية وموسعة، جرى خلالهما تأكيد التعاون الاستراتيجى الوثيق القائم على الاحترام المتبادل والتطلعات المشتركة إلى السلام والرخاء. وثمّن الرئيسان إمكانات اقتصادى البلدين، وأكدا ثقتهما فى استمرار نمو حجم التجارة والاستثمار بينهما، فى مجالات الاقتصاد الرقمى والبنية الأساسية والنقل والسلع الزراعية والأسمدة والطاقة المتجددة، باعتبار مصر بوابة للمنتجات الإندونيسية إلى الأسواق الأورومتوسطية والإفريقية، وباعتبار إندونيسيا مركزًا لنفاذ المنتجات المصرية إلى أسواق منطقة الآسيان.
أكد الرئيسان، أيضًا، أهمية التعاون القائم فى مجال الدفاع والأمن، واتفقا على الحاجة إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية إلى تعزيز وتوسيع هذه المجالات. كما شدّدا على أهمية الحفاظ على الأمن المائى والغذائى لكلا البلدين، وتعزيز التعاون العابر للحدود وفقًا للقانون الدولى، لضمان استدامة إمدادات المياه اللازمة للحياة والزراعة وإنتاج الغذاء و... و... ولدى تناول سبل تعزيز التعاون الثقافى والعلمى، أعرب الرئيس الإندونيسى عن شكره لمصر، قيادةً وشعبًا، على الفرص التعليمية التى أُتيحت للطلاب الإندونيسيين، على مدار السنوات الماضية، فى الجامعات المصرية، خاصة جامعة الأزهر الشريف، مشيدًا بالأثر الإيجابى لهذه الفرص على المجتمع الإندونيسى ومساهمتها فى نشر الفكر الإسلامى الوسطى.
تناول الزعيمان، طبعًا، تطورات الأوضاع فى قطاع غزة وسوريا ولبنان، وأكدا أهمية مواصلة الجهود للوصول إلى وقف لإطلاق النار فى غزة، وإطلاق سراح الرهائن، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون أى قيود. وشدّدا على ضرورة احترام حقوق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة، متصلة الأراضى، والقابلة للحياة على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية. وأدان الرئيسان تهجير الفلسطينيين من أرضهم، ورفضهما الممارسات الإسرائيلية التى ترمى لتحقيق هذا الهدف، كما أدانا الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية والعنف الذى يمارسه المستوطنون وهدم بيوت الفلسطينيين والإرث التاريخى للأماكن المقدسة فى مدينة القدس، والاقتحامات العسكرية فى المدن الفلسطينية.
رحب الرئيسان، كذلك، باتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان، الذى دخل حيز التنفيذ فى ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ ودعيا إسرائيل إلى الالتزام بالاتفاق، مؤكدين أهمية التنفيذ الكامل للقرار ١٧٠١، وتمكين الجيش اللبنانى من فرض سيطرته على جميع أنحاء البلاد بما فيها جنوب لبنان، كما أكدا أهمية دعم المؤسسات اللبنانية. وفيما يخص الوضع فى سوريا، أكد الرئيسان أن الحل الوحيد المستدام يأتى من خلال إطلاق عملية سياسية سلمية شاملة وديمقراطية تعطى الأولوية لتحقيق تطلعات ومصالح الشعب السورى، وأدانا أى محاولات للمساس بسيادة سوريا وسلامة أراضيها، خاصة العدوان الإسرائيلى على هضبة الجولان، الذى يمثل انتهاكًا لاتفاق فك الاشتباك، سنة ١٩٧٤، وقرارات الأمم المتحدة المتعددة.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الرئيس الإندونيسى يشارك اليوم، الخميس، فى القمة الحادية عشرة لمنظمة الدول الثمانى النامية للتعاون الاقتصادى، التى تستضيفها القاهرة، واختارت لها الرئاسة المصرية عنوان أو شعار «الاستثمار فى الشباب ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة: تشكيل اقتصاد الغد».