فى قرية نزلة الملك بمركز ساحل سليم بمحافظة أسيوط، وبأيادٍ تظهر عليها الخشونة من مشقة العمل، يجلس الشقيقان إبراهيم ودوس، أمام منزلهما يغزلان ألياف النخيل، لتحويلها إلى مجموعة متنوعة من المنتجات، بدلًا من التخلص منها، لتكون مصدر دخلهم الرئيسى، حتى يتمكنوا من الإنفاق على أسرهما.
وحول طبيعة عمله، أوضح إبراهيم خليفة مسعود، ٥١ عامًا، «أن ألياف النخيل تعد من الموارد الطبيعية المهمة، وتتميز بمتانتها ومرونتها، ما يجعلها مادة مثالية لصناعة مجموعة متنوعة من المنتجات، من أشهرها السجاد والحبال والأدوات الزراعية التى يستخدمها الفلاح المصرى».
وقال: «أعمل فى هذا المجال منذ ٣٥ عامًا، وورثت هذه المهنة عن أبى، الذى ورثها عن أبيه، وأجلس يوميًا مع زوجتى وشقيقى وزوجته وصديقنا أمام المنزل، ونبدأ فى فرز ألياف النخيل وتقسيمها طبقًا للاحتياجات العمل».
وأضاف: «صنعة تحويل ألياف النخيل إلى منتجات هى مصدر دخلى الوحيد، وهى حرفة يدوية بالكامل، فنحن نفترش الشارع ونجلس طوال النهار لتحويل الألياف والسعف إلى حبال وتضفيرها وهى أصعب مهمة، يتم استخدامها فى ربط محصول القمح، أو صناعة المكانس أو المساند أو المشايات وغيرها».
وأوضح «إبراهيم» «أن عمال تقليم النخيل يحضرون إليهم الألياف بعد التقليم، التى تقسم إلى ناعم وخشن، أو تسميها حسب المنتج المراد تصنيعه، مشيرًا إلى أن صناعة الدواسة مثلًا تستغرق يوم عمل، فيما تعد صناعة المكنسة نحو ساعة، وبعدها نذهب إلى سوق الثلاثاء بمدينة أسيوط، وسوق السبت بأبوتيج، لبيع منتجاتنا فى الأسواق».
من ناحيته، قال شقيقه دوس خليفة مسعود، ٥٣ عامًا، إنه ورث المهنة عن أبيه وأجداده، ويعمل بها منذ ما يقرب من ٤٠ عامًا، وتعد مصدر دخله الوحيد، موضحًا أنه يتم شراء ألياف النخيل من عمل التقليم، عقب انتهاء موسم جنى البلح، ليتم بعدها تقطيع الليف وغسله وتنشيفه تحت أشعة الشمس، ليكون مفككًا ومرنًا أثناء العمل، وأثناء عمل الحبال، وجاهزًا للغزل.
وقال: «نشترى ألياف النخيل ونقوم بفرزه وتقسيمه، ونفصل كل جزء على حدة، لأن ما يتم استخدامه للحبال يختلف عما يستخدم للمكانس والدواسات، وبعدها تبدأ عملية تفكيك الألياف وغزل الحبال، تمهيدًا لاستخدامها فى صناعة المنتجات المطلوبة، أو حتى بيعها كحبال لبعض التجار». وأضاف: «نبيع الدواسة بـ٤٠ جنيهًا، والمكنسة بـ٣ جنيهات، وسعر كل منتج يحدد على حسب الوقت المستخدم فى صناعته، ونحن نعمل طوال اليوم منذ الساعة الـ٨ صباحًا حتى غروب الشمس».
فيما أوضح صديقهما نبيل لطفى زغبى، ٥٨ عامًا، أنه «يعمل فى هذه الحرفة منذ ٢٠ عامًا، ويقوم على صناعة الحبال وغيرها من ألياف النخيل بعد فرزها وتقسيمها، بعد موسم جنى البلح، مشيرًا إلى أن تقطع ليف النخيل ثم غسله وتنشيفه تحت أشعة الشمس يساعد على تفكك الليف عن بعضه ليسهل التعامل معه».
وأضاف: «نحن نعمل فى صناعة المكانس والمطارح والدواسات والمفارش الأرضية من ألياف النخيل التى تتميز بالقوة والمتانة، أى أننا نعظم الاستفادة من أحد مخلفات الزراعة، ونحولها إلى منتجات قابلة للاستخدام».