يواصل مجلس النواب مناقشة مشروع قانون الضمان الاجتماعى والدعم النقدى المقدم من الحكومة، الذى يأتى كحلقة من حلقات جهود الدولة لتوفير حياة كريمة للمواطنين، خاصة الفئات الأولى بالرعاية، ومدخلًا لتحقيق تكافؤ الفرص والتمكين الاقتصادى للأسر المستفيدة منه. وجاء مشروع القانون تفعيلًا للعديد من النصوص الدستورية، خاصة نص المادة «١٧» من الدستور، التى تقضى بأن تكفل الدولة توفير خدمات التأمين الاجتماعى، ولكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعى الحق فى الضمان الاجتماعى، بما يضمن له حياة كريمة، إذا لم يكن قادرًا على إعالة نفسه وأسرته، وفى حالات العجز عن العمل والشيخوخة والبطالة.
وتضمن مشروع القانون منح الفئات المستهدفة بالدعم مزايا عديدة تنفيذًا للالتزام الدستورى، عن طريق توحيد برامج الدعم النقدى التى تمنحها الدولة فى منظومة واحدة سعيًا لتوحيد الوعاء المالى، وتنظيم المنح، بهدف تعظيم الاستفادة من الدعم، ووصولًا للتمكين الاقتصادى للفئات المستهدفة بما يكفل لهم حياة كريمة.
فى السطور التالية، تستعرض «الدستور» المحاور الرئيسية للقانون وأبرز مزاياه والفئات المستهدفة منه وغيرها من التفاصيل.
حماية للأسر الفقيرة.. ضمان حقوق ذوى الهمم.. والنهوض بصحة الأطفال
تمثلت أبرز مزايا مشروع القانون الجديد فى تحسين شبكة الأمان الاجتماعى وتوسعة مظلة الضمان الاجتماعى، وإحداث مرونة فى ربط التدخلات الاجتماعية المتكاملة بالمتغيرات الاقتصادية بما يشمل نسب الثراء والفقر، ونسب التضخم.
ويستهدف ذلك تحقيق أفضل حماية للأسر الأفقر والأقل دخلًا، وكفالة حقوق الفئات الأولى بالرعاية وتوفير أقصى حماية ممكنة لها مثل ذوى الإعاقة، والمسنين، والأيتام، وتبنى منهج الدعم المشروط بهدف الاستثمار فى البشر وتحسين مؤشرات التنمية، لإلزام الأسر المستفيدة من الاستثمار فى صحة أطفالها أثناء الألف يوم الأولى فى حياة الأطفال وخلال مرحلة الطفولة المبكرة، وضمان صحة المرأة الإنجابية، بالإضافة إلى التحقق من تعليم الأطفال وانتظامهم فى العملية التعليمية.
كما يهدف المشروع إلى تحقيق تكافؤ الفرص فى المجتمعات المحلية، بما يشمل النوع الاجتماعى، والفئات العمرية، والنطاق الجغرافى، وبما يشمل قطاعات الصحة والتعليم والإسكان والتمكين الاقتصادى، وتحقيق العدالة الاجتماعية بتبنى قواعد الاستهداف وتحديد مستوى الفقر للأسرة عن طريق معادلة اختبارية تقيس مؤشرات الفقر وآليات الاستحقاق. كما يسهم المشروع فى الانتقال من الدعم للإنتاج والتمكين الاقتصادى للأسر المستفيدة من الدعم النقدى، وتنفيذ مشروعات متناهية الصغر، لخروجها تدريجيًا من الفقر متعدد الأبعاد، وتحسين مؤشرات جودة حياتها.
كذلك يهدف إلى تمكين المرأة المصرية، من خلال تعظيم قدراتها الاقتصادية الأسرية، وشمولها المالى، وتحسين رعايتها الصحية والإنجابية، ومحو الأمية، والعمل على تمكينها من المشاركة فى سوق العمل لدى النفس أو الغير.
الصرف بالبطاقة الذكية وتزوير البيانات أهم أسباب الوقف
نص مشروع القانون على أن يُحدد الدعم النقدى الشهرى والحدان الأدنى والأقصى له بقرار يصدر من رئيس مجلس الوزراء، بناء على عرض الوزير المختص ووزير المالية، وتجرى مراجعة قيمة الدعم النقدى الشهرى كل ثلاث سنوات بعد صدور نتائج بحث الدخل والإنفاق للسنة التى تسبقها، وفقًا للضوابط والمعايير والإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون فى هذا الشأن.
ويُصرف الدعم النقدى عن طريق البطاقة الذكية للدعم النقدى، ويتحمل المستفيد نسبة ١٪ من قيمة الدعم النقدى مقابل خدمة ميكنة المنظومة وتحديثها والتحقق منها دوريًا، وفى حالة فقد البطاقة أو تلفها، يتحمل المستفيد تكلفة استخراج بطاقة جديدة، ويجرى خصمها من قيمة الدعم، ويجوز الاستثناء من الصرف عن طريق البطاقة الذكية فى الحالات التى يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص.
ونص مشروع القانون على أن يوقف الدعم النقدى للأفراد المستفيدين والأسر المستفيدة فى عدة حالات، هى: حدوث تُغيّر فى مستوى معيشة الأفراد المستفيدين أو الأسر المستفيدة بما يُخرج أيًا منهما عن حدود المعادلة الاختبارية للاستحقاق، أو إذا دلّس أو زوّر فى البيانات التى أدلى بها عند تسجيل الحالة للتقدم للحصول على الدعم النقدى، أو إذا صدر حكم بات ضد الأفراد المستفيدين أو أرباب الأسر المستفيدة، حسب الأحوال بالإدانة فى جرائم منها التسول والاتجار بالبشر وتعريض الطفل للخطر وختان الإناث والزواج المبكر والتحرش والتعدى على الأراضى الزراعية، والجرائم الأخرى المخلة بالشرف والاعتبار.
كما يوقف الدعم النقدى للأفراد حال رفض الأفراد المستفيدين أو أرباب الأسر المستفيدة من الدعم النقدى القادرين على العمل فرص التوظيف أو كسب العيش التى توفرها لهم الجهة الإدارية، بالتنسيق مع الوزارة المختصة بالعمل، ثلاث مرات دون عذر مقبول، وتبين اللائحة التنفيذية لهذا القانون طرق وإجراءات وآليات عرض فرص العمل أو إقامة المشروعات وحالات الرفض بعذر غير مقبول، ويُستثنى من هذا البند الأشخاص ذوو الإعاقة من المستويين الثانى والثالث، وأصحاب الأمراض المزمنة الشديدة والمسنون.
ونص مشروع القانون على أنه استثناءً من حكم الفقرة الأولى من هذه المادة، تستمر الأسر المستفيدة التى صدر ضد أربابها حكم فى أى من الجرائم المنصوص عليها فى صرف ٧٥٪ من قيمة الدعم النقدى المقرر لها لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ صدور قرار إيقاف الدعم، أو لحين توفيق أوضاعها بموجب طلب جديد للحصول على الدعم النقدى، متى توافر فى شأنها أى من حالات الاستحقاق المقررة قانونًا، أيهما أقرب.
13 فئة تحصل على الدعم المشروط وغير المشروط
عرّف مشروع القانون «الدعم النقدى» بأنه مساعدات نقدية يحصل عليها الفرد أو الأسرة؛ اللذان يتم تصنيف أى منهما تحت خط الفقر القومى وفقًا لأحكام هذا القانون، سواء كانت مشروطة أو غير مشروطة، شهرية أو استثنائية دفعة واحدة أو لفترة محددة.
كما عرّف القانون الدعم النقدى المشروط «تكافل» بأنه مساعدات نقدية مشروطة للأسرة الفقيرة التى لديها أبناء معالون لا تزيد سنهم على ٢٦ سنة أو حتى انتهاء دراستهم الجامعية، بحد أقصى اثنان من الأبناء، أو دون أبناء.
ونص القانون على أن يصرف دعم «تكافل» لعدد من الفئات، هى: الأسرة المكونة من زوج وزوجة أو أكثر، وأبناء معالون، أو بعض من هؤلاء، ولو اختلف محل الإقامة، والأسرة المعالة، وأسرة نزيل مراكز الإصلاح والتأهيل، وأسرة المجند، والأسرة مهجورة العائل.
كما حدد مشروع القانون شروطًا لاستمرار حصول الأسرة المستفيدة على الدعم النقدى «تكافل» بشكل كامل ودورى، حيث اشترط أن تلتزم الأسرة، حسب الأحوال، بمتابعة برامج الصحة الأولية للأمهات والحوامل والمرضعات والأطفال أقل من ست سنوات، بما يشمل متابعة نمو الأطفال، والالتزام بكل التطعيمات المقررة للأبناء، طبقًا لبرامج الرعاية الصحية التى يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص بالاتفاق مع الوزير المعنى بشئون الصحة.
كما اشترط أن يكون الأبناء فى الفئة العمرية «٦-١٨ سنة» مقيدين بالمدارس بنسبة حضور لا تقل عن ٨٠٪ فى كل فصل دراسى، والأبناء فى الفئة العمرية «١٨- ٢٦سنة» مقيدين بمراحل التعليم فوق المتوسط أو التعليم الجامعى بشرط انتظام النجاح فى كل عام دراسى، ويجوز الاستثناء من شرط نسبة الحضور أو انتظام النجاح أو إتمام الدراسة فى السن المحددة للظروف القهرية التى يقدرها الوزير المختص طبقًا للضوابط والإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
وعرّف مشروع القانون، الدعم النقدى غير المشروط «كرامة» بأنه مساعدات نقدية تصرف للأفراد الفقراء. ونص القانون على أن يصرف دعم «كرامة» لعدد من الفئات، هى: الشخص ذو الإعاقة، المريض بمرض مزمن شديد، والمسن المقيم بمفرده أو مع أسرته أو فى مؤسسات الرعاية، والمرأة غير المعيلة، واليتيم، وأبناء الرعاية اللاحقة، وقدامى الفنانين والرياضيين والأدباء والتشكيليين الذين تنطبق عليهم شروط الاستحقاق، والأنثى غير المتزوجة. ويعد الاستحقاق لهذه الفئات استحقاقًا فرديًا يؤول إلى صاحبه، كما أن الدخل المعول عليه هو دخل المستحِق، وليس دخل الأسرة.
مصروفات للجنازة والزواج والولادة.. ومساعدات استثنائية
نص مشروع القانون على أن تصرف مساعدات نقدية استثنائية دفعة واحدة أو على دفعات محددة المدة للأفراد الفقراء والأسر الفقيرة المخاطبين بأحكام هذا القانون، مع جواز التنسيق مع الجمعيات والمؤسسات الأهلية ومصارف الزكاة فى عدة حالات، منها: مصروفات الجنازة، ومصروفات الزواج لمرة واحدة فقط، ومصروفات الولادة لأول مرة فقط، وتكلفة العلاج فى حالات المرض الطارئة، وذلك لغير المشمولين بالتأمين الصحى.
وتشمل أيضًا المصروفات الدراسية والأجهزة التعويضية أو الأدوات المساعدة للأشخاص ذوى الإعاقة، والحالات الطارئة المُلحة التى تواجه الأفراد والأسر الفقيرة. ونص مشروع القانون على أن تتولى الوزارة والمديريات المختصة مساعدة الفئات القادرة على العمل من المستفيدين من الدعم النقدى، من خلال تنمية مهاراتهم وإمكاناتهم الفنية والمهنية، أو توفير مشروعات تُدر دخلًا لهم، أو إلحاقهم بعمل، وذلك من خلال تقديم التدريب والتأهيل، والمساعدة فى الحصول على فرصة عمل لدى الغير، بالتنسيق مع الوزارة المختصة بالعمل، سواء كانت فى القطاع العام أو الخاص أو فى القطاع الأهلى، والمساعدة فى الحصول على أصول إنتاجية يجرى استخدامها فى العمل وتُدر دخلًا على الفرد وأسرته، والمساعدة فى الحصول على قروض إنتاجية ومُيسّرة لعمل مشروعات متناهية الصغر، والمساعدة فى الانخراط فى مشروعات جماعية أو وحدات إنتاجية توفر فرصة كسب عيش للعاملين بها. وفى جميع الأحوال، يستمر المستفيد فى الحصول على الدعم النقدى لمدة ستة أشهر فى حالة الالتحاق بعمل، ولمدة لا تزيد على سنة، فى حالة توفير مشروع له، أو لحين استقرار المشروع، أيهما أقرب.
الحبس والغرامة عقوبة الصرف دون وجه حق
نص مشروع القانون على أن ينشئ بالوزارة المختصة صندوق، يسمى «صندوق تكافل وكرامة»، بغرض تمويل برامج الضمان الاجتماعى طبقًا لأحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له، على أن تتكون موارد الصندوق من المبالغ المدرجة بالموازنة العامة للدولة، والتبرعات والهبات والمنح والوصايا التى يتلقاها الصندوق من الهيئات والأفراد، والتى توافق عليها الوزارة المختصة، وكذا القروض والمنح المقدمة من مؤسسات التمويل الدولية، وذلك كله وفقًا للإجراءات المقررة قانونًا، والأموال التى جرى صرفها دون وجه حق من الدعم النقدى وتم استردادها، وعائد استثمار أموال الصندوق وفقًا للقواعد التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون، وحصيلة الغرامات المحكوم بها وفقًا لأحكام هذا القانون.
كما نص مشروع القانون على أن يكون حساب الصندوق بالبنك المركزى ضمن حساب الخزانة العامة الموحد، وتودع فيه موارده المدرجة بالموازنة العامة للدولة، ويكون له حساب أو أكثر فى بنك ناصر الاجتماعى أو أى من البنوك المسجلة لدى البنك المركزى، يصدر بتحديده قرار من الوزير المختص بموافقة وزير المالية.
ويرحّل الفائض من أموال الصندوق من سنة مالية إلى أخرى، وذلك عدا ما يخصص له من الموازنة العامة للدولة، ويخضع لمراجعة وزارة المالية، ورقابة الجهاز المركزى للمحاسبات.
وجاءت العقوبات بمشروع القانون لتنص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ألفى جنيه ولا تزيد على ستة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من توصل إلى صرف مساعدات دعم نقدى دون وجه حق، وكان ذلك نتيجة إثبات أو إعطاء بيانات غير صحيحة فى طلب الخدمة أو الامتناع عن إعطاء بيانات مما يجب الإفصاح عنها وفقًا لأحكام هذا القانون، مع علمه بذلك، ورفض رد ما صُرف له دون وجه حق بعد إنذاره من قبل المديرية المختصة بموجب خطاب مسجل بعلم الوصول محددة به المبالغ المستحقة عليه، وذلك خلال ستين يومًا من تاريخ الإنذار.
وتقضى المحكمة، فضلًا عن العقوبة المحكوم بها، برد المبالغ التى تم التحصل عليها دون وجه حق.
وتنقضى الدعوى العمومية بالتصالح إذا رد المتهم المبالغ المنصرفة إليه دون وجه حق، ودفع تعويضًا يعادل نصف المبالغ المشار إليها.
نواب: يهدف للحوكمة وضمان عملية تنظيمية موحدة لـ«تكافل وكرامة»
قال عدد من أعضاء مجلس النواب إن تحويل برنامجى «تكافل وكرامة» إلى قانون بمواد يهدف إلى حوكمة هذا الاستحقاق، بعد أن حقق نجاحات كبيرة منذ تدشينه. وأوضح النائب أحمد فتحى، وكيل لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، أن مشروع قانون الضمان الاجتماعى والدعم النقدى جاء تفعيلًا للعديد من النصوص الدستورية، وبعدما حقق برنامجا «تكافل وكرامة» نجاحات كبيرة منذ تدشينهما، لذا تقرر تحويلهما من برنامجين لقانون لدعم المستحقين. وأكد أن مشروع القانون يركز على تعزيز الصحة والتعليم للأسر المستفيدة، عبر إلزام الأسر بالاهتمام بصحة المرأة والأطفال، من خلال برامج الصحة الإنجابية والتطعيمات، كما يتضمن شرطًا لحصول الأسر على الدعم النقدى، وهو تحقيق نسبة حضور تعليمية لا تقل عن ٨٠٪، وذلك لتحفيز الأسر على تعليم أبنائها.
فيما قال النائب طلعت عبدالقوى، عضو لجنة التضامن بمجلس النواب، إن مشروع القانون يهدف إلى تحسين حياة المواطنين، ويضمن وجود عملية تنظيمية موحدة للبرنامج، موضحًا أن «تكافل وكرامة» لهما مزايا عديدة يحصل عليها المواطن من خلال مشروع القانون.
وأضاف: «لن يضار أحد يحصل على سلع تموينية مدعمة، وسيستمر الدعم له، وأيضًا بالنسبة لـ(تكافل) ستكون هناك مشروطية للاهتمام بالتعليم وصحة الأبناء».